الثلاثاء 1 تشرين الأول 2024

مصر والأردن يواجهان أزمات اقتصادية خانقة جراء تداعيات حرب أوكرانيا..

النهار الاخبارية - وكالات 

مشكلات اقتصادية كبيرة تواجهها مصر والأردن، جراء تداعيات أزمة أوكرانيا التي ضغطت على اقتصاد البلدين اللذين يستوردان الطاقة والغذاء من الخارج بنسبة كبيرة.

وإضافة لفاتورة الغذاء والطاقة التي ارتفعت على مصر والأردن جراء حرب أوكرانيا، فإنهما يعانيان من عجز مزمن في الحساب الجاري مع أعباء ديون كبيرة. 

والنتيجة هي أن الدولتين تضررتا أكثر من معظم البلدان من جراء ارتفاع الأسعار العالمية. 

تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية سلط الضوء على المشكلات الاقتصادية في مصر والأردن ومستقبل الأوضاع السياسية في البلدين وتأثيرها المحتمل على إسرائيل، مشيراً إلى أنه مع قيام حكومة نتنياهو بإلهاءات مستمرة بشأن الإصلاح القضائي والخلافات الأخرى، فليس من المستغرب أن الإسرائيليين لم ينتبهوا للمشكلات التي تختمر عبر الحدود في مصر والأردن. 

ولفت إلى أنه حتى لو كان طغى الاهتمام بأصدقاء إسرائيل الجدد في الخليج على مصر والأردن بسبب اتفاقيات أبراهام، فإن كلا البلدين لهما دور حاسم في الأمن القومي لإسرائيل، وبفضل الغاز الطبيعي لهما أيضاً دور متزايد في الاقتصاد الإسرائيلي. 

مع ذلك، فإن كلا البلدين في وضع اقتصادي يائس بشكل متزايد ويفتقران إلى أي إصلاحات قصيرة الأجل، حسب Haaretz. 

ورغم أن الاحتمال لا يزال بعيداً، قد تؤدي الظروف الاقتصادية إلى اضطرابات، وفقاً للصحيفة الإسرائيلية.

مصر.. مشاريع ضخمة وجنيه متدهور
في مصر، المشاريع الضخمة مشكوك فيها، وقد تراجع الجنيه بنسبة 16% مقابل الدولار هذا العام وحده، ونحو 40% منذ يونيو/حزيران. قد يعطي ذلك دفعة للصادرات في نهاية المطاف، لكنه في الوقت الحالي أثار تضخماً مزدوج الرقم، وصل إلى 21.3% في ديسمبر/كانون الأول، ومن المتوقع أن يتسارع في الأشهر المقبلة. 

كان التضخم تجربة قاسية بالنسبة لعامة المصريين، الذين يخصص أفقرهم أكثر من 40% من ميزانية أسرهم للطعام فقط. 

ويجبر ضعف الجنيه مصر على اللجوء إلى الدولارات النادرة والمكلفة لسداد الديون الخارجية والواردات. أدت ضوابط الاستيراد التي تهدف إلى توفير العملات الأجنبية إلى جانب ارتفاع تكاليف الاقتراض والمدخلات إلى الضغط على الشركات وأجبرتها على تسريح العمال. 

لتخفيف الضغط، فازت مصر بقرض آخر من صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، لكن الثلاثة مليارات دولار التي حصلت عليها كانت ربع المبلغ الذي كانت تأمل في الحصول عليه، وفقاً لموقع مدى مصر الإخباري. ويأمل المسؤولون في الاستفادة من ذلك بمقدار 14 مليار دولار أخرى بأموال إضافية من مؤسسات دولية أخرى ومساعدات من الخليج. 

لكن مصر تحتاج إلى 42 مليار دولار سنوياً لخدمة دين بقيمة 267 مليار دولار، ولديها فقط 33.5 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، لذلك سيكون من الصعب عليها سداد الديون. الطريقة الوحيدة لسد فجوة التمويل ستكون من خلال الخصخصة والمزيد من الاستثمار الأجنبي، ولكن لا يبدو أن أياً منهما يلوح في الأفق. 

الحرب الأوكرانية كشفت نقاط الضعف بالاقتصاد المصري
لم تتسبب الحرب في أوكرانيا في مشكلات مصر بقدر ما كشفت عن نقاط الضعف الأساسية للاقتصاد -الاعتماد المفرط على الأموال الساخنة لتمويل ديونها، والفشل في إجراء إصلاحات هيكلية>

إضافة إلى ميل الرئيس عبد الفتاح السيسي المسرف لإنفاق أموال ضخمة في مشاريع مشكوك فيها، حسب تعبير الصحيفة.

ويتزايد التكدس في القطاع الخاص مع توسيع الجيش إمبراطوريته التجارية إلى قطاعات لا علاقة لها بالدفاع. 

الدعم الحكومي كان أقل في الأردن ولكن المواطنين أقل تسامحاً مع الغلاء
أما الأردن، فيتشابه من نواحٍ كثيرة مع مصر، وإن كان على نطاق أصغر بكثير. كان الاقتصاد يكافح لاستعادة موطئ قدمه بعد الجائحة عندما غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا. 

ولأن الدعم الحكومي المكلِّف أدى إلى حماية المستهلكين إلى حد كبير، فقد كان معدل التضخم في الأردن معتدلاً نسبياً بنسبة 4.2% العام الماضي.

لكن الأردنيين كانوا أقل تسامحاً مع ارتفاع الأسعار من المصريين، فاحتجوا على زيادة أسعار الوقود، ودشن سائقو الشاحنات إضراباً الشهر الماضي أدى إلى شل جزء كبير من الاقتصاد لفترة وجيزة وأدى إلى اشتباكات عنيفة مع الشرطة. 

البطالة بالمملكة تقارب الربع واقتصادها يعتمد على المساعدات
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل البطالة في الأردن بلغ 23% بشكل مذهل، وقد يقترب المعدل بين الشباب من ضعف ذلك. وكثير من الشباب ليسوا في سوق العمل على الإطلاق. 

ومثل مصر، كان الأردن عرضة لتحول مفاجئ نحو الأسوأ في الاقتصاد العالمي. منذ الركود الكبير في عام 2008، انخفض النمو الاقتصادي إلى 2.4% فقط سنوياً، وتُعزى هذه النسبة الضئيلة في الغالب إلى زيادة الطلب الاستهلاكي، حيث تضخم عدد سكان المملكة بسبب اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية السورية، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وانخفض الاستثمار، ونمت الديون بشكل كبير، وركدت الصادرات. 

كان على الأردن أن يتعامل مع ضربات متكررة من الخارج، مثل الحرب في سوريا وجائحة كوفيد، لكن الملك عبد الله فشل في مواجهة التحديات. ولا تزال المملكة تعتمد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية للحفاظ على الاقتصاد وعلى ولاء قوات الأمن للحفاظ على السلام. وقال مروان المعشر من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي لصحيفة Washington Post الأمريكية مؤخراً: "هناك إصرار غريب على التمسك بالأدوات القديمة التي لم تعد كافية للحفاظ على السلام الاجتماعي".

مصر والأردن لديهما خطط إصلاح طموحة.. فأيهما الأكثر واقعية
يعد كل من مصر والأردن بإصلاحات طويلة الأجل. في يونيو/حزيران الماضي، أعلن الأردن رؤيته للتحديث الاقتصادي، والتي تهدف إلى تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.6% سنوياً وخلق مليون وظيفة جديدة خلال العقد المقبل، من خلال الابتكار وريادة الأعمال في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية. 

يبدو أن جذب ما يقرب من 6 مليارات دولار سنوياً من الاستثمارات الأجنبية التي تتصورها الخطة يمثل طموحاً عندما كان الرقم في السنوات الأخيرة نادراً ما يتجاوز ملياري دولار. على أي حال، لا ينشأ الابتكار وريادة الأعمال لمجرد أن الحكومة تريد ذلك. تعتبر قاعدة رأس المال البشري في الأردن فقيرة حتى بمعايير الشرق الأوسط.

تتميز خطة مصر، التي لم تُصَغ بالكامل، بميزة كونها أكثر واقعية. وبدلاً من أحلام التكنولوجيا العالية، فإنها تدعو إلى تعزيز القطاعات المالية والخاصة غير المصرفية، وإعطاء الأولوية للزراعة، والصحة، والتعليم، والعقارات، وتطوير التصنيع.

ولكن لكي يحدث ذلك، سيتعين على السيسي أن يُظهر اهتماماً أكبر بالتغيير الهيكلي (لا سيما تقليص العمليات التجارية للجيش) أكثر مما أظهره حتى الآن. وبدلاً من استخدام مساعدة صندوق النقد الدولي للاستفادة من الإصلاحات، يبدو أن السيسي يراها وسيلة للتغلب على المشكلة.

والحقيقة أن مصر والأردن ليس لديهما الموارد المالية اللازمة لتمويل إعادة الهيكلة الاقتصادية ولا الإرادة للقيام بذلك على ما يبدو. 

إليك الدولة الأكثر عرضة للاضطراب
ورغم ذلك، فإن مخاطر الاضطرابات السياسية الخطيرة، ناهيك عن تغيير النظام، لا تزال منخفضة بالنسبة لمصر. يتمتع السيسي بقبضة محكمة على المعارضة، وقد أنفقت الحكومة مبالغ طائلة للتخفيف من آثار التضخم؛ من خلال زيادة الأجور والإعفاء الضريبي ومنح أموال أكبر للفقراء. 

وقال سعيد صادق، عالم الاجتماع السياسي المصري، لموقع Voice of America الأمريكي: "الثورة في مصر مُستبعَدة للغاية"، رغم الضغوط الاقتصادية المتزايدة، حيث إن المصريين "جربوها في العام 2011″، عندما أطاحوا بالرئيس المخضرم حسني مبارك، "ليكتشفوا أنها لم تحسن وضعهم الاقتصادي". 

ولا يزال العاهل الأردني الملك عبد الله يحافظ على قبضته على بلاده، ولكن كما أظهر إضراب ديسمبر/كانون الأول، فإن الأردنيين قلقون أكثر من المصريين. الثقة في الحكومة متدنية للغاية، والأردنيون لا يشاركون المصريين الذكريات المريرة للثورة التي فشلت. المملكة أكثر عرضة من مصر للاضطرابات في الضفة الغربية الممتدة عبر حدودها.