الجمعة 11 تشرين الأول 2024

حرية الصحافة.. مكسب أساسي للثورة التونسية في خطر


النهار الاخباريه وكالات 

حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام، كانت أحد أبرز مكاسب ثورة الياسمين في تونس. لكن هذا المكسب بات على شفا الانهيار، ويقرع الصحافيون ناقوس الخطر، لما يتعرضون له من اعتقالات ومضايقات وانتهاك لحريتهم في العمل الصحفي.

في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز الماضي اجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد بأعضاء مجلس الأمن القومي وقرر إعلان التدابير الاستثنائية في البلاد معللا قراره بوجود "خطر داهم" يهدد كيان الدولة مستندا في ذلك إلى الفصل 80 من الدستور.

ومع أن الرئيس تعهد بالمحافظة على بابي الحقوق والحريات في الدستور الذي علق لاحقا العمل به، إلا أن نقابة الصحافيين التونسيين استعادت التبرير ذاته الذي استخدمه الرئيس قبل عشرة أشهر عند إعلانه التدابير الاستثنائية، لتصف به واقع الصحافة اليوم وتشير في أعلى صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، بأن "حرية الصحافة في تونس تواجه الخطر الداهم".
وترى نقابة الصحافيين أن هناك ما يبرر إطلاقها لذلك الشعار على واقع الإعلام في تونس، فعلى امتداد الفترة الاستثنائية أصدرت النقابة بيانات متكررة محذرة من انتكاسة لحرية الصحافة، المكسب الأبرز بعد ثورة 2011، ردا على تعرض صحافيين ومدونين لتحقيقات أمنية وملاحقات قضائية على خلفية آرائهم أو أعمالهم الصحفية.
تحقيقات أمنية وملاحقات قضائية

كان الصحافي خليفة القاسمي من بين ضحايا تلك الملاحقات، إذ خضع لمدة خمسة أيام للتحقيق من قبل وحدة مكافحة الإرهاب في مدينة القيروان بعد أن نشر خبرا على موقع إذاعة "موزاييك" الخاصة يتعلق بتفكيك خلية إرهابية. أرغمت المؤسسة على سحب الخبر من موقعها، فيما ضغطت السلطات الأمنية على خليفة أثناء التحقيق معه لكشف مصادر خبره لكنه امتنع عن ذلك.
يعلق عبد الرؤوف بالي عضو نقابة الصحافيين المكلف بالشؤون القانونية والمهنية، على ذلك في حديثه لـDW عربية بأن "هناك تلفيق للتهم كما حدث مع إيقاف خليفة القاسمي ومطالبته بكشف مصادره، وقد أخلت الداخلية بعد ذلك سبيله لتأكدها من أن هذه الممارسة غير قانونية".
وقبل خليفة القاسمي اعتقلت الصحافية شذى مبارك في سبتمبر/ أيلول الماضي ضمن تحقيقات شملت عمل مؤسسة  "انستالينغو" الأجنبية والمنتجة لمضامين إعلامية على شبكة الانترنت، بتهمة التآمر على أمن الدولة والتحريض ضد الرئيس سعيد وتلقي أموال مشبوهة من الخارج. وفي حين شكى محامو المؤسسة من إجراءات غير "نزيهة" ومفتعلة وراء توجيه التهم لموظفيها وتصنيفهم كإرهابيين، أودعت الصحافية شذى السجن لبضعة أشهر قبل إخلاء سبيلها دون  إثبات أي تهمة ضدها.
وقبل نحو أسبوع من الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة أوقفت الصحافية شهرزاد عكاشة رئيسة تحرير موقع "سكوب انفو" في الشارع من قبل قوات الأمن التي قامت بتفتيش هاتفها الخلوي ومن ثم إحالتها إلى التحقيق بسبب انتقادات لاذعة كانت وجهتها لوزير الداخلية، لكن أفرج عنها بعد يوم. وتقول عكاشة لـDW عربية "واقع الإعلام يشهد تدهورا مستمرا يدفع بنا للعودة إلى فترة ما قبل 2011  باستعادة نفس أساليب التضييق".
تعتبر النقابة أن الأمر الأكثر خطورة أمام الصحافيين في تونس هو تواتر مثولهم أمام القضاء العسكري في قضايا كان يفترض أن تحال إلى القضاء المدني بحسب المرسوم 115 و116 المنظم للقطاع منذ عام 2011 لا القوانين العسكرية.
وينتظر الصحافي عامر عياد ما ستؤول إليه محاكمته أمام القضاء العسكري بعد أن أوقف بسبب تهمة الحط من معنويات الجيش وثلب الرئيس وإهانة رئيسة الحكومة في برنامج تلفزيوني مباشر ردد أثناءه قصيدة للشاعر العراقي أحمد مطر تضمنت انتقادات مبطنة للرئيس.
وفي خطوة سابقة قام القضاء العسكري قبل عام بإيداع المدون سليم الجبالي السجن على خلفية نشره لعدة تدوينات ناقدة وساخرة لأداء رئاسة الجمهورية وكبار المسؤولين في الدولة. وقد وجهت للجبالي تهمة الإساءة إلى رئيس الجمهورية المضمنة بمجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.