النهار الاخباريه وكالات
أثارت عمليات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين غير الشرعيين استنكارا واسعا في الأوسط الحقوقية في تونس، وسط انتقادات شديدة للاتفاقيات المبرمة بين الجانب التونسي والاوروبي.
ودعت الرابطة في بيان لها إلى توفير الدعم القانوني والقضائي للمهاجرين التونسيين الذين يواجهون قرارات "الترحيل القسري" ومراجعة الاتفاقات الثنائية ومتعددة الأطراف التي أبرمتها الدولة التونسية وفق "مقتضيات السيادة الوطنية".
وكانت وكالة نوفا الإيطالية قد أفادت مطلع أبريل الحالي، أن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، ترأس اجتماعا مشتركا للتعاون الإنمائي وتم إقرار برنامج بقيمة 20 مليون يورو، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، لدعم العودة الطوعية لـ 3,300 مهاجر من الفئات الضعيفة في الجزائر وتونس وليبيا إلى بلدانهم الأصلية.
من جانبه، قال عماد السلطاني، رئيس جمعية "الأرض للجميع"(غير حكومية)، إن مذكرة التفاهم المبرمة في يوليو 2023 بين تونس والاتحاد الأوروبي هي التي تقف وراء موجة الترحيل الجماعي القسري للمهاجرين التونسيين من أوروبا، وخصوصا من إيطاليا.
وأضاف " أن المذكرة، التي يصر سعيد على تسميتها "مذكرة تفاهم" للتنصل من صبغتها القانونية، تنص ضمنيا على ترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير النظاميين من الفضاء الأوروبي، مقابل دعم مالي.
وأشار السلطاني إلى أن هذه السياسة أدت إلى مآسٍ إنسانية، من بينها وفاة الشاب ربيع فرحات في أحد مراكز الترحيل في إيطاليا، حيث تم ترحيل جثمانه إلى تونس يوم السبت الماضي، وهو الآن في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة تونس لتشريحه والوقوف على أسباب الوفاة، لافتا إلى وجود حالات مماثلة تم التكتم عليها.
وكشف أن بعض المرحلين تم اقتيادهم عبر سفن إيطالية وهم مكبّلون من اليدين والرجلين، ومحجوزون في غرف تحت حراسة مشددة، من بينهم الشاب أسامة النصري، واصفًا ذلك بسابقة خطيرة.
وختم السلطاني بالتأكيد على أن الجمعية "ترفض هذه المعاملة اللاإنسانية، وترى في عمليات الترحيل القسري انتهاكا صارخا للمعايير القانونية والحقوقية"، داعيا إلى إيقاف العمل بهذه المذكرة التي وصفها بـ"غير الشرعية وغير القانونية".
وأعرب رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان(رقابي غير حكومي)، مصطفى عبد الكبير، عن قلقه العميق إزاء تداعيات عمليات ترحيل اللاجئين التونسيين غير الشرعيين من دول أوروبية.
وأكد أن هذه الإجراءات تساهم بشكل مباشر في تعميق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في تونس، خاصة في ظل تفاقم معدلات البطالة وتدهور الظروف المعيشية.
واوضح أن التونسيين لا يمثلون النسبة الأعلى من اللاجئين غير الشرعيين إلى أوروبا، ورغم ذلك فإنهم يشكلون ما يقارب 65% من إجمالي المرحّلين قسرا من قبل السلطات الأوروبية، وهو ما يثير التساؤلات حول معايير الترحيل المتبعة.
كما يشمل هؤلاء المُرحّلين عددا هاما من أصحاب الشهادات العليا، مما يصعّب على الدولة التونسية إعادة إدماجهم في سوق الشغل، خاصة في ظل الأزمة المالية الحادة وغلق باب الانتداب في الوظيفة العمومية.
وتبعا لذلك، شدّد عبد الكبير على أن الاتفاقيات الثنائية بين تونس والاتحاد الأوروبي، التي تنصّ على تقديم دعم اجتماعي للمُرحّلين، بقيت حبرا على ورق، دون أي أثر فعلي يذكر في الواقع، وهو ما يترك هؤلاء الشباب في مواجهة مصير غامض يدفع ببعضهم نحو الانزلاق في الجريمة، أو الإدمان، أو تكرار محاولات الهجرة الغير نظاميه
وأضاف رئيس المرصد أن عمليات الترحيل المستمرة خلّفت حالة من التشنّج والغضب داخل العائلات التونسية، لاسيما في المناطق المهمشة، خاصة بعد أن شملت بعض المرحّلين تونسيين متزوجين في أوروبا ولديهم أطفال هناك، ما تسبب في تمزيق الروابط الأسرية وزاد من هشاشة النسيج الاجتماعي، على عكس ما تروّج له بعض الدول الأوروبية من احترام لحقوق الإنسان.
وفي ختام تصريحه، دعا عبد الكبير إلى إيقاف العمل بالاتفاقيات الموقّعة بين تونس والدول الأوروبية في مجال الهجرة، محمّلًا إياها مسؤولية الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمجتمع التونسي، كما حمّلها جانبًا من مسؤولية تفاقم أوضاع المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، والذين وجدوا أنفسهم عالقين في وضع إنساني مأساوي داخل تونس، وفق تعبيره.