الأحد 10 تشرين الثاني 2024

حقائق يجب معرفتها عن الزلزال.. كيف تتجنب خداع مقياس ريختر، وما هي حلقة النار وهل بلدك معرض للخطر؟


النهار الاخبارية - وكالات 
"درجة واحدة بمقياس ريختر قد تعني فارقاً هائلاً في التدمير، ولكن يظل دور البشر هو الأهم"، رغم أن مقياس ريختر الذي تقاس به الزلازل معروف للجميع إلا أن الواقع أنه مخادع تماماً لغير المتخصصين، فكيف يعمل مقياس ريختر، وما هو حجم الأضرار المتوقعة عن زلزال تركيا وسوريا الأخير، وأي البلدان العربية المعرضة لخطر الزلازل؟

وضرب زلزال بقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر، فجر الإثنين، قضاء بازارجيق بولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا، وبلغ عمق الزلزال 7 كيلومترات تحت سطح الأرض، وأدى إلى خسائر كبيرة في جنوب تركيا وشمال سوريا.

بينما قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي إن قوة زلزال تركيا وسوريا بلغت 7.8 درجة، ويصف علماء الزلازل زلزالاً قوته 7 درجات بأنه يمتلك "طاقة تعادل حوالي 32 قنبلة ذرية من هيروشيما".

وشعرت بآثار زلزال تركيا وسوريا مدن تبعد ألف كيلومتر عن مركزه.

وأعلنت إدارة الطوارئ الكوارث التركية (آفاد) وقوع زلزال جديد ظهر الإثنين، مركزه قضاء ألبيستان بولاية قهرمان مرعش ببجنوب البلاد بقوة 7.6 ريختر.

أكبر كارثة في تركيا منذ 80 عاماً
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن هذه أكبر كارثة تشهدها تركيا منذ 83 عاماً، حيث بلغت حصيلة ضحايا الزلزال بلغت 912 قتيلاً وآلاف الجرحى حتى ظهر يوم الإثنين.

بينما قال الدفاع المدني في مناطق المعارضة بشمال سوريا إن عدد الضحايا في المنطقة ارتفع إلى 120 شخصاً، فيما أصيب 230 آخرون، مضيفاً أن الزلزال أدى إلى تقطع السبل بالناس في برد الشتاء، ومن الصعب حصر إجمالي الضحايا في سوريا بسبب قلة الإمكانات وتوزع البلاد بين سلطة المعارضة والأكراد ونظام الأسد.

تركيا ترفع حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، وهذا يشمل المساعدة الدولية
وأعلن وزير الداخللية التركي سليمان صويلو، أن جميع فرق الإنقاذ والمساعدة في حالة تأهب، لإنقاذ المتضررين من الزلزال، وأن وزارته رفعت حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، وأن هذا الإنذار يشمل المساعدة الدولية.

في عام 1999 وقع زلزال مدمر في تركيا بينما بقوة 7.6 درجة، وأسفر عن مقتل 18373 شخصاً، وفقاً لهيئة إدارة الكوارث والطوارئ "آفاد".

في تقرير صدر بعد حوالي 30 دقيقة من زلزال تركيا وسوريا، قال خبراء في الولايات المتحدة الأمريكية إن هناك فرصة بنسبة 34% لوقوع ما بين 100 و1000 حالة وفاة، و31% من الوفيات بين 1000 و10000، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.

وقال التقرير: "من المحتمل حدوث أضرار جسيمة، وقدرت الخسائر الاقتصادية بما يصل إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا".

ويظهر زلزال تركيا وسوريا، الحاجة لتعزيز ما يمكن وصفه بثقافة الزلازل في المنطقة العربية التي هي ليست بعيدة عن أحزمة الزلازل.

في هذا التقرير نرصد أبرز المصطلحات والمفاهيم المرتبطة بالزلازل، ومتى يكون الزلزال قوياً وخطيراً ومتى يكون متوسطاً؟

كيف يعمل مقياس ريختر، ولماذا يجب تجنب الخدعة التي يتسبب بها للجميع؟
الزلزال هو اهتزاز الأرض الناجم عن الانزلاق المفاجئ في الصدع بين صفحتين أرضيتين، حيث تؤدي الضغوط في الطبقة الخارجية للأرض إلى دفع جانبي الصدع معاً. يتراكم الإجهاد وتنزلق الصخور فجأة، وتطلق الطاقة في موجات تنتقل عبر قشرة الأرض وتسبب الاهتزاز الذي نشعر به أثناء الزلزال.

ومقياس ريختر هو المعيار الأكثر شيوعاً لقياس الزلازل، تم اختراعه في عام 1935 من قبل تشارلز ف. ريختر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا كجهاز رياضي لمقارنة حجم الزلازل. يستخدم مقياس ريختر لتقييم حجم الزلزال، أي كمية الطاقة المنبعثة أثناء الزلزال.

انهيار مبنى بولاية غازي عنتاب القريبة من موقع الزلزال
الرقم الذي يعبر عنه مقياس ريختر يمثل إجمالي الطاقة المنبعثة في الزلزال. يتم تحديد الطاقة المنبعثة من خلال مقدار تحرك الصخور ومسافة تحركها، حسبما نقلت صحيفة Los Angeles Times الأمريكية عن عالمة الزلازل لوسي جونز.

أحد الأمور المخادعة في مقياس ريختر أن الفوارق بين الدرجات فيه هائلة.

مقياس ريختر هو مقياس لوغاريتمي ذو قاعدة 10، لكل زيادة عدد صحيح في الحجم (أي زيادة بمقدار درجة)، تزداد الطاقة الزلزالية المنبعثة بحوالي 32 مرة. وهذا يعني أن زلزالاً بقوة 7 درجات ينتج طاقة أكثر 32 مرة – أو أقوى 32 مرة – من قوة 6 على مقياس ريختر.

تقول جونز إن زلزالاً بقوة 8 ريختر يطلق طاقة تزيد 1000 مرة عن 6، لكنه يطلق تلك الطاقة على مساحة أكبر ولفترة أطول.

قوة زلزال تركيا وسوريا تعادل 700 ضعف زلزال مصر عام 1992
قوة 7.8 ريختر الذي سجلت في زلزال تركيا وسوريا تعادل 708 مرات قوة 5.9 درجة (التي تعادل تقريباً الزلزال الذي حدث في مصر عام 1992 الذي تراوح حسب التقديرات بين 5.8 و5.9 درجة).

لكن الضرر المحتمل للزلزال يعتمد على ما هو أكثر بكثير من حجمه، حيث تساهم الكثافة السكانية لمنطقة معينة بالإضافة إلى مدى عمق مركز الزلزال تحت الأرض في تحديد مستوى الدمار، مع وجود زلزال ضحل يحمل احتمال حدوث المزيد من الضرر. كان الزلزال الأخير على عمق حوالي 10 أميال.

في منشور على تويتر، صرحت عالمة الزلازل سوزان هوغ من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي بأن زلزال تركيا وسوريا، رغم أنه بعيد عن أقوى الزلازل التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، ولكنه يهدد بأن يصبح خطيراً بشكل خاص بسبب موقعه وعمقه الضحل (القريب من سطح الأرض).

عامل مهم آخر هو جودة تشييد المباني في المنطقة. أشار تقرير إلى أن "السكان في هذه المنطقة يقيمون في هياكل معرضة بشدة للاهتزازات الزلزالية، على الرغم من وجود بعض الهياكل المقاومة".

متى يكون الزلزال قوياً؟ 
وفقاً لمقياس ريختر، فما هو أقل من 4 ريختر يعد زلزالاً ضعيفاً، ولا يشعر البشر بالهزات الأرضية الأقل من 1 ريختر، ومن 1 إلى 2 يشعر بها عدد قليل من البشر.

من 4 إلى 6 ريختر يعد زلزالاً متوسطاً، بينما من 6 إلى 7 ريختر يعد زلزالاً كبيراً أو قوياً، ومن 7  إلى  9 يعد زلزالاً ضخماً، ومن 9 إلى 10 يعد زلزالاً رهيباً.

ويعادل زلزال بقوة 6 ريختر تفجير 60 مليون كيلوغرام من الديناميت، بينما  7 ريختر تعادل 20 مليار كيلوغرام من الديناميت، بينما زلزال بقوة 8 ريختر يعادل 60  مليار كيلوغرام من الديناميت مثل الزلزال الذي دمر سان فرانسيسكو عام 1906، حسبما ورد في تقرير لموقع sms tsunami warning.

أقوى زلزال مسجل في التاريخ
أما زلزال بقوة 9 ريختر فيعادل انفجار 20 تريليون كيلوغرام من الديناميت.

كان أكبر زلزال سجلته أجهزة الرصد الزلزالية في أي مكان على الأرض هو زلزال بلغت قوته 9.5 درجة في تشيلي في 22 مايو/أيار 1960. وقد حدث هذا الزلزال على صدع يبلغ طوله 1000 ميل وعرضه 150 ميلاً.

لماذا يختلف التدمير بشكل كبير؟ إليك مقياس ميركالي
قوة الزلازل مهمة لتقييم أضراره، ولكن العامل الرئيسي هو مكان وقوع الزلزال، حيث تزداد خطورة الزلزال كلما وقع قرب سطح الأرض أو بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان.

لا يقيس مقياس ريختر أضرار الزلزال، ولكن الأضرار يتم قياسها عبر ما يعرف باسم مقياس "ميركالي" الذي يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك السكان في مركز الزلزال والتضاريس والعمق وما إلى ذلك. قد يكون لها نفس حجم الصدمة في منطقة نائية لا تفعل شيئاً سوى تخويف الحياة البرية، بينما الزلازل الكبيرة التي تحدث تحت المحيطات قد لا يشعر بها البشر، حسب موقع sms-tsunami-warning.

بشكل عام الزلازل التي تبلغ قوتها 6 وما فوق هي التي تثير القلق. عندما تكون في مكان قريب، يمكن أن تتسبب في شدة اهتزاز يمكن أن تبدأ في كسر المداخن والتسبب في أضرار جسيمة لأكثر الهياكل عرضة للزلازل، مثل المباني المبنية من الطوب غير المعدلة.

مبنى منهار في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا
الزلازل التي تبلغ قوتها 7 على مقياس ريختر، وما فوق يمكن أن تقلب الأثاث الثقيل وتلحق أضراراً جسيمة بالمباني العادية، بينما تؤدي لضرر ضئيل في المباني ذات التصميم والتشييد الجيدين؛ خفيف إلى معتدل في الهياكل العادية جيدة البناء؛ وأضرار جسيمة في الهياكل سيئة البناء أو سيئة التصميم.

بالطبع الزلازل التي تقع في الدول النامية أو البلدان غير المستعدة للزلازل تكون أكثر ضرراً، كان زلزال 1992 الشهير في مصر بقوة 5.8 ولكنه وقع بالقرب من القاهرة (على بعد 35 كلم) وفي بلد لم يعرف زلازل كبيرة في تاريخه الحديث وعانى من انتشار الغش في المباني وغيرها من مشكلات البناء، إضافة للاكتظاظ السكاني، ولذلك جاء التدمير كبيراً، حيث قتل أكثر من 500 شخص، وأصيب أكثر من ستة آلاف، وتشريد نحو 50 ألفاً.

ما هي أحزمة  الزلازل، وأي منها يمر بمنطقتنا العربية؟
يمكن للزلازل أن تضرب أي مكان في أي وقت، لكن التاريخ يظهر أنها تحدث بنفس الأنماط العامة عاماً بعد عام، بشكل أساسي في ثلاث مناطق كبيرة من الأرض تعرف باسم الأحزمة الزلزالية.

الحزام الزلزالي هو منطقة جغرافية ضيقة على سطح الأرض تحدث على طولها معظم الأنشطة  الزلزالية في العالم.

وأحزمة الزلازل تتشكل نتيجة أن الطبقة الخارجية من الأرض (الغلاف الصخري) تتكون من عدة صفائح تكتونية كبيرة. عند حواف الصفائح التكتونية تحدث حركة لهذه الصفائح عكس بعضها البعض، مما يؤدي لنشاط زلزالي.

غالباً ما تكون أقواس الجزر، وسلاسل الجبال، والبراكين، وأحواض المحيطات العميقة، والتلال المحيطية من سمات الأحزمة الزلزالية.

حلقة النار التي تؤرق مضاجع اليابان وأمريكا
أول الأحزمة الزلزالية الرئيسية هو حزام المحيط الهادئ، الذي يحيط بهذا المحيط، ويطلق عليه الحزام الأخطر، لأنه أخطر أحزمة الزلازل في العالم أجمع، ويمر حول المحيط الهادئ من الشرق إلى الغرب، أو من اليابان إلى سواحل الولايات المتحدة، حيث تحدث حوالي 81% من أكبر الزلازل على كوكبنا. 

وقد حصل على لقب "Ring of Fire" أي حلقة النار، حسب موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي USGS.

حزام ألبايد المدمر يمر بمنطقتنا
وهناك حزام ألبايد (Alpide)، الذي يمتد من جزر الأزور في المحيط الأطلنطي عبر البحر الأبيض المتوسط ​والعالم العربي إلى جبال الهيمالايا وإندونيسيا، حيث ينضم إلى حزام المحيط الهادئ.

يمر هذا الحزام بشمال العالم العربي وتحديداً الجزء الشمالي من المغرب وتونس والجزائر وكذلك أقصى شمال سوريا والعراق وأقصى شرق العراق، ثم يمتد ليشمل جزءاً كبيراً من غرب إيران ليصل للقوقاز وأفغانستان وشمال باكستان وكذلك جنوب وشمال تركيا.

 
خريطة توضح حزام ألبايد الزلزالي الذي يعد ثاني أخطر حزام زلزالي في العالم ويمر بشمال العالم العربي
ويشهد هذا الحزام حوالي 17% من أكبر الزلازل في العالم، بما في ذلك بعض الزلازل الأكثر تدميراً، مثل زلزال 2005 في باكستان الذي أودى بحياة أكثر من 80.000 وزلزال M9.1 في إندونيسيا عام 2004، والذي تسبب في حدوث تسونامي أودى بحياة أكثر من 230.000 شخص.

حزام يمر عبر المحيط الأطلنطي يهدد دولة واحدة
الحزام البارز الثالث هو عبارة عن سلسلة جبال منتصف الأطلسي المغمورة في المحيط. وهي منطقة تقع تحت الماء وبعيدة عن البشر باستثناء جزيرة أيسلندا، التي تقع مباشرة فوق منتصف المحيط الأطلسي، وتعرضت لزلازل كبيرة.

إليك الأحزمة الأقل خطورة 
هناك أحزمة زلزالية أقل خطورة منها حزام التلاقي بين أوروبا وإفريقيا: وهو حزام يعبر شرق البحر الأبيض المتوسط بدءاً من سواحل تركيا وبلاد الشام مروراً بمصر ودول المغرب العربي.

حزام الأخدود الإفريقي الشرقي: ويمتد من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسلاسل جبال غرب البحر الأحمر حتى إثيوبيا والكونغو.

وتمثل تركيا نقطة التقاء عدة أحزمة زلزالية أخطرها حزام ألبايد.

يظهر انتشار أحزمة الزلازل، أن أكثر الدول العربية معرضة لمخاطر الهزات الأرضية ولكن بدرجات ونسب مختلفة، حسبما ورد في تقرير لموقع "الجزيرة.نت" وهناك أكثر من نصف عدد الدول العربية يقع في مناطق نشاط زلزالي مباشر مثل سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر ودول المغرب العربي، إضافة إلى اليمن. وتتعرض هذه الدول بالفعل بين الحين والآخر لزلازل مدمرة، فالذاكرة لا تزال تعي الزلازل التي وقعت في خليج العقبة وضربت مصر وامتدت آثارها إلى الأردن في الأعوام 1955 و1969 و1983 و1992 و1995 و1996، وزلزال الجزائر عامي 1980 و2003، وزلزال ذمار في اليمن عام 1982، وليبيا عام 1964.

تقع بعض أكثر مناطق العالم عرضة للزلازل قرب الدول العربية وهي دول مثل اليونان وتركيا وإيطاليا.

وبصفة عامة مناطق أقصى شمال العالم العربي في سوريا والعراق والمغرب والجزائر وتونس، هي الأكثر عرضة لخطر الزلازل تليها سواحل البحر الأحمر.

ولكن يظل كما أشير سابقاً الخطر مرتبطاً بشكل كبير بمدى حالة المباني والبنية الأساسية والكثافة السكانية، بقدر ارتباطه بقوة وموقع الزلزال.

وبينما لا يستطيع البشر التنبؤ بالزلازل، ولا يملكون الوقت اللازم للهروب منه، فإنهم يملكون الزمن اللازم للاستعداد له وبالأخص إعداد المباني له.