الأحد 24 تشرين الثاني 2024

مولنوبيرافير"... هل يغير قواعد لعبة اللقاحات العالمية لمواجهة كورونا؟



في سياق السباق العلمي المحتدم بين شركات الأدوية العالمية لتطوير علاج فعال لوباء كورونا، أعلنت شركة "ميرك أند كو" الأميركية، وشريكتها "ريدجباك بايو لمستحضرات العلاج الحيوية"، عن تطوير دواء في صورة أقراص تؤخذ عن طريق الفم، أطلق عليه اسم "مولنوبيرافير" لعلاج كورونا، ما يمثل نقلة في مسار جهود السيطرة على الفيروس الذي وصل بضحاياه إلى عتبة الـ5 ملايين وفاة منذ ظهوره أواخر عام 2019.

وأعلن الجمعة متخصصون، أن "دواءً في صورة أقراص طورته شركة "ميرك" يمثل انفراجة في العلاج من كورونا، نظراً لقدرته على خفض احتمالات الوفاة أو ضرورة النقل إلى المستشفى للنصف بالنسبة إلى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأعراض الحادة لـ(كوفيد-19)"، مشيرين إلى "أن الشركة ستطلب قريباً من مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة وحول العالم التصريح باستخدامها، وإذا ما تمت الموافقة عليه، فسيكون دواء (ميرك) هو أول ظهور لقرص يعالج كورونا عن طريق الفم، في وقت تتطلب فيه جميع علاجات الوباء المصرح بها إلى الآن تلقيها عبر الوريد أو الحقن".

نتائج مبشرة

وفق ما جاء في إعلان شركة "ميرك" وشريكتها "ريدجباك بايو"، فإن النتائج المبكرة أظهرت أن المرضى الذين تلقوا الدواء، المسمى "مولنوبيرافير"، في غضون خمسة أيام من ظهور أعراض كورونا، لديهم نحو نصف معدل دخول المستشفى والوفاة مقارنة بالمرضى الذين تلقوا حبوباً وهمية. وتتبعت الدراسة 775 بالغاً مصابين بأعراض خفيفة إلى متوسطة لفيروس "كوفيد-19"، واعتُبروا أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة بسبب مشاكل صحية مثل السمنة أو مرض السكري أو أمراض القلب.

من بين المرضى الذين تناولوا عقار "مولنوبيرافير"، تم نقل 7.3 في المئة إلى المستشفى، أو ماتوا بنهاية 30 يوماً، مقارنة بنحو 14.1 في المئة من أولئك الذين تناولوا الحبوب الوهمية. ولم تكن هناك وفيات في المجموعة التي تلقت العقار بعد تلك الفترة الزمنية، مقارنة بثماني وفيات في مجموعة الدواء الوهمي، وفقاً لشركة "ميرك".

وفيما لم تتم مراجعة باحثين آخرين للنتائج الصادرة من قبل "ميرك"، قالت الأخيرة إنها تخطط لتقديم النتائج باجتماع طبي في المستقبل، وقال المسؤولون التنفيذيون في الشركة إنهم يجرون مناقشات مع إدارة الغذاء والدواء ويخططون لتقديم البيانات للمراجعة في الأيام المقبلة.

وبحسب دين لي، نائب رئيس مختبرات "ميرك" للأبحاث، فإن النتائج "تجاوزت ما اعتُقد أن العقار قادر على فعله في هذه التجربة السريرية، فعندما ترى انخفاضاً بنسبة 50 في المئة في دخول المستشفى أو الوفاة، فإن ذلك يعد تأثيراً سريرياً عظيماً".

"سيغير قواعد اللعبة"

وفق متخصصين نقلت عنهم تقارير أميركية، فإن حبوب الدواء التي ستنتجها شركة "ميرك" لعلاج كورونا "ستغير قواعد اللعبة" في مواجهة الوباء، موضحين في الوقت ذاته أنها لن تكون بديلاً عن اللقاحات التي ستظل أكثر الطرق فاعلية لإنهاء الجائحة.

ونقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، عن المفوض السابق لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، سكوت غوتليب، قوله، إنه "يمكن استخدام هذا الدواء مع اللقاح، لكنه ليس بديلاً عن التطعيم"، مضيفاً أنه "لا يزال يتعين علينا محاولة تطعيم المزيد من الأشخاص"، مشيراً إلى أن الدواء المضاد للفيروس يمكن أن يكون فعالاً لأولئك الذين يختارون عدم التطعيم، والملقحين الذين يصابون بالفيروس بعد تلقيهم اللقاح". وأضاف، "الحصول على حبة دواء عن طريق الفم لمنع تكاثر الفيروس ستكون بمثابة تغيير حقيقي للعبة".

بدورها، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن أميش أداليا، الباحث الكبير في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، قوله إن "قواعد اللعبة ستتغير بسبب مضادات الفيروسات التي تؤخذ بطريق الفم وتستطيع التأثير في خطر دخول المستشفى لهذا الحد"، مضيفاً أن العلاجات الحالية "مرهقة وصعبة من الناحية اللوجستية. تناول قرص بسيط بطريق الفم سيكون عكس ذلك".

وفي مؤتمره الصحافي بالبيت الأبيض، الجمعة، وصف أنتوني فاوتشي، كبير متخصصي الأمراض المعدية في الإدارة الأميركية، نتائج التجارب الجديدة لعلاج "مولنوبيرافير" بأنها "مثيرة للإعجاب"، مشيراً إلى اطلاعه على نتائج الشركة، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا هيل" الأميركية. إلا أن فاوتشي رفض تحديد الوقت المناسب الذي يمكن أن تصرح فيه إدارة الغذاء والدواء الأميركية بالعقار، قائلاً، "إننا نتردد دائماً في تحديد أي جداول زمنية". وأضاف، "ستتحرك إدارة الغذاء والدواء بأسرع ما يمكن" لفحص البيانات.

من جانبه، قال فيليب دونيتون، الرئيس التنفيذي بوكالة "يونيت آيد" العالمية للصحة، لوكالة "بلومبيرغ"، إن الوكالة وشركاءها يأملون التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن الأسبوع المقبل لتأمين تقديم الإمدادات الأولى من "مولنوبيرافير" للدول متدنية ومتوسطة الدخل. وأضاف أن وكالة "يونيت آيد" تجري مناقشات مع الشركة وجهات التصنيع العامة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في وقت سابق الاتفاق مع شركة "ميرك" للأدوية لشراء 1.7 مليون علبة من دواء "مولنوبيرافير" المضاد للفيروسات، الذي يعمل عبر استهداف إنزيم يحتاج له الفيروس لنسخ مادته الجينية، وإدخال طفرات تجعله غير قادر على التكاثر.

وأظهر الدواء فاعلية في الدراسات المعملية ضد فيروسات أخرى كالإنفلونزا والإيبولا، وغيرهما، لكنه لم يحصل على ترخيص لاستخدامه ضد أي من هذه الفيروسات.

ماذا نعرف عن "مولنوبيرافير"؟

إذا أذنت السلطات المسؤولة عن إجازة الأدوية، فسيكون "مولنوبيرافير" أول دواء مضاد للفيروسات يؤخذ عن طريق الفم. وبحسب البيانات المتاحة من قبل "ميرك"، فإن حبوب الدواء الذي تم تطويره في الأصل لعلاج الإنفلونزا، صممت من أجل إدخال أخطاء في الشفرة الجينية للفيروس، ما يمنعه من الانتشار في الجسم.

وعلى عكس معظم اللقاحات المضادة كورونا التي تستهدف البروتين الذي يشكل الأشواك (النتوءات التاجية) الموجودة على السطح الخارجي للفيروس، يعمل "مولنوبيرافير" عن طريق استهداف إنزيم يستخدمه الفيروس لاستنساخ نفسه وصنع نسخ أخرى منه، عبر زرع أخطاء في الشفرة الجينية للفيروس.

وقالت شركة "ميرك"، إن ذلك من شأنه أن يجعل العقار فعالاً بنفس القدر ضد المتحورات الجديدة للفيروس مع تطوره في المستقبل.

وتعد "ميرك" أول شركة تقدم نتاج تجارب على استخدام حبوب دواء لعلاج "كوفيد"، لكن هناك شركات أخرى تعمل على علاجات مماثلة عبر الفم، حيث بدأت منافستها الأميركية "فايزر" أخيراً، المراحل الأخيرة من تجاربها على قرصي دواء مختلفين من مضادات الفيروسات، كما تعمل شركة "روش" السويسرية على دواء مشابه.

وقالت شركة "ميرك" إنها تتوقع إنتاج 10 ملايين مغلف تضم دورة علاج كاملة من عقار "مولنوبيرافير" بحلول نهاية عام 2021.

ويقول متخصصون إنه إذا تأكدت فاعلية دواء "مولنوبيرافير"، ستكون الأدوية المضادة لكورونا فعالة جداً في الأمد القصير بعد ثبوت إصابة الشخص بالمرض، وقبل أن تشتد الأعراض.

ويقول البروفيسور بيتر هوربي، المتخصص في الأمراض المعدية بجامعة أكسفورد، وفق ما نقلت عنه هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن "مضادات الفيروسات التي تؤخذ عن طريق الفم بشكل آمن وفعال وبأسعار معقولة، ستكون بمثابة تقدم كبير في مكافحة كورونا"، موضحاً، "بدا (مولنوبيرافير) واعداً في المختبر، لكن الاختبار الحقيقي هو هل سيكون نافعاً في استخدامه للمرضى بشكل مباشر؟ إن العديد من الأدوية تفشل في هذه المرحلة، لذا فإن هذه النتائج المؤقتة مشجعة للغاية".