النهار الاخبارية - وكالات
في عام 2012 أثار ما نشره عدد من علماء جامعة نوتنغهام في دراسة علمية عن "الديدان الخالدة" أو "الديدان المسطحة" كثيراً من الاهتمام، فيما اعتبر البعض أنه قد يبعث الأمل في تحقيق حلم الشباب الأبدي ومحاربة الشيخوخة.
والمثير للاهتمام ليس قدرة خلايا الدودة الخالدة على التجديد إلى ما لا نهاية والبقاء شابة إلى الأبد فحسب، ولكن إذا قطعت تلك الدودة إلى نصفين فإن كل نصف ينمو ويتحول لدودة مستقلة بذاتها، وإذا قطعت كل واحدة منها مرة أخرى، تنمو ليصبح لديك 4 ديدان جديدة وهكذا دواليك.
قدرات الديدان الخالدة وتطبيقاتها العلاجية في محاربة الشيخوخة
قال الدكتور عزيز أبو بكر من كلية الأحياء بجامعة نوتنغهام: "كنا ندرس نوعين من الديدان المسطحة، وطريقة تكاثرهما لا جنسياً، إنهما ينقسمان ببساطة إلى قسمين. يبدو أن كل قسم منهما يتجدد إلى أجل غير مسمى عن طريق نمو عضلات جديدة، والجلد، والأمعاء، وحتى الدماغ مراراً وتكراراً".
وتحدث الدكتور عزيز عن الفرق بين تجدد خلايا "الديدان الخالدة" وما يحدث للمخلوقات الأخرى عندما تنقسم الخلايا وتتجدد، وقال: "عادة عندما تنقسم الخلايا الجذعية، لتضميد الجروح، أو أثناء التكاثر أو للنمو، فإنها تبدأ في إظهار علامات الشيخوخة.
وهذا يحدث لأن الخلايا لم تعد قادرة على الانقسام، وبالتالي أصبحت أقل قدرة على استبدال الخلايا المنهكة في أنسجة أجسامنا. ربما يكون جلدنا المتقدم في السن هو المثال الأكثر وضوحاً لهذا التأثير. بينما خلايا الديدان الخالدة وخلاياها قادرة بطريقة ما على تجنب عملية الشيخوخة والحفاظ على انقسام خلاياها".
وأضاف الدكتور عزيز: "الأهداف التالية بالنسبة لنا هي فهم الآليات بمزيد من التفصيل وفهم المزيد حول كيفية تطوير حيوان خالد.
الديدان هي نظام نموذجي يمكننا من خلاله طرح الأسئلة، مثل هل من الممكن أن تكون الحيوانات متعددة الخلايا خالدة وتتجنب آثار الشيخوخة؟
إذا كان الأمر كذلك، فكيف يفعل هذا الحيوان هذا مقارنة بالحيوانات التي لا تفعل ذلك؟ بالطبع نأمل أن يؤثر هذا على البشر ولهذا نقوم بذلك. لكننا لا نخطط لصنع أي عقاقير أو أدوية.. أنا متأكد من أن الآخرين يفعلون ذلك".
كيف تحدث الشيخوخة وعلاقتها بفكرة "الشباب الأبدي"؟
في كل مرة تنقسم فيها الخلية، يصبح "غطاء التيلومير" وهو "الأغطية" الموجودة في نهاية كل خيط من الحمض النووي للمخلوقات الحية، وتصبح التيلوميرات أقصر، ونظراً إلى أن خلايانا تنسخ نفسها طوال حياتنا فإن "التيلوميرات" تصبح قصيرة جداً في النهاية ولا تستطيع خلايانا أن تتجدد فنتقدم في السن.
بينما تكون خلايا "الديدان الخالدة" قادرة على الحفاظ على طول التيلومير إلى أجل غير مسمى، حتى تتمكن من الاستمرار في التكاثر بطريقة الانقسام. وتوقع الدكتور أبو بكر أن تحافظ تلك الديدان بنشاط على نهايات كروموسوماتها، مما يؤدي إلى الخلود.
وتركز شركات طبية على "التيلوميرات" كمفتاح لإيقاف الشيخوخة، من بين الشركات المتنافسة في هذا المجال شركة "BioViva" التي تلتزم مديرتها التنفيذية "إليزابيث باريش" بالقضية؛ لدرجة أنها أصبحت واحدة من أوائل البشر الذين خضعوا للعلاج "بالتيلومير" في عام 2015.
وادعت في عام 2018، أن قياس التيلوميرات لديها أظهر أنها "نمت" أصغر من الطبيعي منذ أن تلقت العلاج وأن جسدها يتقدم في السن عكسياً.
يدعي آخرون أنهم يستطيعون بالفعل منع الشيخوخة في الحيوانات. يستخدم جورج تشيرش، الأستاذ بجامعة هارفارد ومؤسس Rejuvenate Bio، العلاج الجيني لإضافة تعليمات "مكافحة الشيخوخة" إلى الحمض النووي. يقول تشيرش إنه نجح في جعل الفئران تعيش ضعف عمرها الافتراضي، وأعلن أن الشركة تخطط لإجراء اختبار وشيك على الكلاب.
محاربة الشيخوخة على أنها "مرض"
يرى الدكتور أوبري دي جراي أن الشيخوخة ليست جزءاً من الحياة، إنما مجرد مرضٍ جوهره إحداث ضرر بالجسم وهي عملية تستمر طوال الحياة".
مع وضع هذه المشكلة في الاعتبار، يحاول العلماء الآن الكشف عن الأسباب المعقدة للشيخوخة من أجل إيجاد طرق لإبطاء العملية أو إيقافها أو حتى عكسها.
بينما حدد الدكتور ستيف هورفاث، خبير "الإحصاء الحيوي" بجامعة كاليفورنيا، الدور الذي تلعبه "العمليات البيولوجية" داخل الخلايا المعروفة باسم "المثيلة" في الشيخوخة.
وقارن بين عمر الثدييات المختلفة، حيث تلعب أنماط "المثيلة" دوراً مهماً في تحديد كيفية تقدم الحيوانات في العمر سريعاً أو بطيئاً أو في بعض الحالات النادرة لا تتقدم بالعمر على الإطلاق، وتُستخدم حالياً هذه الطريقة المعروفة باسم "ساعة هورفاث" لمحاولة كشف أسرار الشيخوخة.
يقول الدكتور هورفاث: "كل نوع لديه أقصى عمر، والوعد العظيم هنا هو أنه ربما من خلال تعديل حالة (الشيخوخة) في حمضنا النووي، ربما يمكننا بعد ذلك التأثير على عمر جنسنا البشري، وربما يمكننا تمديده إلى 130 أو 150 عاماً".
ألهَم هذا الاحتمال بحث عالم الأحياء الأسترالي ديفيد سينكلير، الذي يشارك الآن في إدارة مختبر بكلية الطب بجامعة هارفارد، وأصبح رائداً عالمياً في أبحاث إطالة الحياة. بحسب قوله، إنه يحاول "تغيير الساعة ورؤية ما سيحدث".
في دراسة نُشرت في ديسمبر/كانون الأول 2020، قام ديفيد سينكلير بإجراء تجارب على فئران مُسنّة عمياء ومحاولة عكس عملية الشيخوخة وإصلاح خلايا جسم الفئران لـ"تجدد شبابها".
قال البروفيسور سينكلير: "نظرنا إلى عيونها على وجه التحديد.. هل يمكنك استخدام الجينات لإعادة ضبط عمر العين؟ وإذا فعلت ذلك، فهل يحدث أي شيء؟".
وبالفعل، تمكن العلماء من "عكس" عملية الشيخوخة في عيون الفئران، واكتشف البروفيسور سينكلير أن عمر العين يتراجع، واستعادت الفئران رؤيتها. ويقترح البروفيسور سنكلير أن هذا النوع من "الترقيع الجيني" يمكن أن ينجح أيضاً في البشر ويمنحهم "الشباب الأبدي".