السبت 23 تشرين الثاني 2024

هل تنجح مفوضية الاتحاد الأفريقي في احتواء الأزمة السياسية في السودان؟


النهار الاخباريه  وكالات

رغم انسداد الأفق السياسي في السودان وفشل المساعي الأممية للتوفيق بين المكونين المدني والعسكري وإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي قد تجر البلاد إلى المجهول، يعول البعض على زيارة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي للخرطوم، استنادا إلى دورها السابق في تقريب وجهات النظر والوصول إلى الوثيقة الدستورية بعد سقوط نظام البشير.
إلى أي مدى يمكن أن ينجح موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في تقليل الفجوة بين المكونين المدني والعسكري؟
يقول الخبير القانوني والسياسي السوداني، الدكتور عادل عبد الغني، يأتي نشاط مفوضية الاتحاد الأفريقي للإسهام في حل الأزمة السودانية ضمن أنشطة أخرى إقليمية ودولية ومحلية من أجل التوصل إلى حلول لتلك الأزمة التي تستفحل يوما بعد يوم، ومنعا للتدهور في الأوضاع الداخلية أكثر من الحالة الراهنة، والذي يعني مزيد من الدماء والتباعد والفرقة على المستوى السياسي السوداني.
ويضيف ، ينظر الكثيرون إلى نشاط مفوضية الاتحاد الأفريقي على أنه يماثل نشاط الأمم المتحدة لا يأتي بمقترحات أو مبادرة محددة للحل، وإنما يعمل على تسهيل عملية التفاوض بهدف مواجهة الأطراف، إما مباشرة أو عبر وسطاء للوصول إلى اتفاقات سياسية، تقود لإنقاذ الفترة الانتقالية.
ويتابع: "بعض القوى السياسية وخاصة التي استبعدت من المشهد السياسي، تشكك في هذا النشاط الأفريقي أو الأممي، وذلك كنتيجة لأن المؤسسات الرسمية سواء كانت دولية أو محلية تتجه دائما للتعامل مع الجهات التي تحكم سواء كان ذلك بصورة رسمية أو بحكم 
معايير المجتمع
الكثيرون أن أنشطة المنظمات الإقليمية والدولية ستكون لصالح المكون العسكري والذي يسعى لتحقيق بعض أهدافه".

وبحسب عبد الغني، هذا التشكك يأتي نتيجة التلميح الذي حدث من المفوضية في وقت ما، عندما كلف رئيس المجلس السيادي وكلاء الوزارات وبعض الشخصيات بتصريف أعمال تلك الوزارات، كذلك تعيين بعض القيادات في الوظائف القيادية والدستورية المختلفة، هنا جاء التلميح من الاتحاد الأفريقي بأن تلك الخطوة هى في اتجاه تسليم السلطة للمدنيين، علما بأن القوى السياسية ترى بأن من تم تكليفهم، هم من الموظفين العاديين الذين يشغلون مناصب في تلك الوزارات، لذا هم يباشرون مهامهم الوظيفية، علاوة على نظرة القوى السياسية لهؤلاء بأنهم من أتباع العهد السابق والبعض 

نشاط محايد

وأردف الخبير القانوني، نتمنى أن يكون النشاط الذي تقوم به الجهات الدولية والإقليمية والدول الصديقة، نشاطا محايدا يسعى بحسن نية إلى جمع كافة القوى السياسية السودانية مع بعضها البعض أو على الأقل تسهيل الاتصال ما بين تلك القوى والمكون العسكري، من أجل الوصول إلى اتفاقيات عادلة، يمكن أن تخرج البلاد بأمان من الفترة الانتقالية، أو تقود تلك الفترة بطريقة ترضي جميع الأطراف.

شكوك كبيرة

وأكد عبدالغني، أن هناك العديد من المسائل يتم انتقادها في المشهد السوداني الآن، بما في ذلك محاولة المكون العسكري إعادة العناصر التي ترى القوى السياسية المبعدة أنها تنتمي للنظام السابق، وهؤلاء تم استبعادهم بعد نجاح الثورة بواسطة لجنة إزالة التمكين.

وأضاف: "عمل المكون العسكري إلى إعادة جزء كبير منهم إلى مواقع حساسة سواء كان ذلك في مواقع الخدمة المدنية أو على مستوى الأجهزة العدلية، حيث ترى القوى السياسية أن الهدف من كل ذلك هو إعادة تمكين النظام السابق، على العموم هذه الفترة تتسم بالشكوك وسوء الظن بين كل القوي 
ويرى الخبير القانوني، أن مفوضية الاتحاد الأفريقي لها تجربة كانت ناجحة إلى حد كبير، تمثلت في قيادته للتفاوض بين المكون العسكري والقوى المدنية، والتي قادت إلى إبرام الوثيقة الدستورية في وقت كان فيه الاحتقان كبيرا، خاصة أن تلك المفاوضات جاءت بعد مجزرة فض الاعتصام، ويبدو أن الذين تم اختيارهم من جانب المفوضية في ذلك الوقت تعاملوا مع الوضع بصبر ومهنية، أدت إلى ظهور الوثيقة الدستورية، ورغم الانتقادات التي وجهت لها إلا أنها كانت في رأي الكثيرين أفضل ما يمكن الوصول إليه في ذلك الوقت.

تبدد الآمال

من جانبه يقول المحلل السياسي السوداني، عبد الرحمن الأمين، إن الاتحاد الأفريقي ومفوضيته ليس لهم دور، كما أن الآمال تبددت تماما بشأن حدوث انفراجه نتيجة ما قام به المبعوث الأممي بعدما قامت السلطات بالقبض على أعضاء لجنة إزالة التمكين، ووزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف، فمن الواضح أن البعثة الأممية قد رفعت يدها عن تلك المشاورات، وكذلك ما تعرضت له البعثة من ضغوط بعد تسيير مظاهرتين ضد البعثة.

ويضيف من الواضح تماما أن الأطراف المتصارعة في السودان قد حددت موقفها تماما من الوساطة الأممية، وبالتالي ليس بوسع المبعوث الأممي إلا أن يلخص هذا الموقف وبعرضه أمام مجلس الأمن ليحدد ما يمكن أن يفعله حيال الأزمة في السودان.
وأشار الأمين، إذا كان الدور الأممي لم ينجح، فلا يمكن العودة إلى الوراء وانتظار دور من مفوضية الاتحاد الأفريقي، وعلينا النظر إلى الفارق الكبير في الوسائل والإمكانيات بين المنظمة الدولية والمنظمات الإقليمية الأخرى، ومع كل هذا لم ينجح الدور الأممي المدعوم دوليا، فكيف يفشل الدور الكبير وتنجح المفوضية الأفريقية؟.

وأوضح المحلل السياسي، أن العالم قد لا يقف مكتوف الأيدي تجاه تلك الأزمة، نظرا للأهمية الاستراتيجية التي يمثلها السودان، فلا يمكن ترك السودان في تلك الحالة التي تعصف بأمنه واستقراره اللذين يمثلان أهمية كبرى للأمن والاستقرار الدوليين.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، أن الجيش سيترك الساحة السياسية في حال جرت انتخابات أو توافق وطني في البلاد.

وعبر البرهان عن استعداد الجيش لإجراء حوار بشأن فترة انتقالية في حالة حدوث توافق، بحسب "رويترز".

وأدت قرارات سبق واتخذها البرهان بما في ذلك حل الحكومة، وصفها معارضوه بالانقلاب، إلى إنهاء شراكة بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية، ما أثار إدانات دولية وأدى لانزلاق البلاد إلى هاوية اضطرابات سياسية واقتصادية.