النهار الاخباريه. وكالات
لم تسلم زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة إلى مصر من التأويلات، نظراً إلى أنها جاءت في توقيت يعرف وضع المنطقة توترات أمنية وسياسية ودبلوماسية، كما أن رتبة الشخصية العسكرية الرفيعة لفتت الانتباه.
إعلان أثار الاهتمام
وأثار إعلان وزارة الدفاع الجزائرية عن زيارة شنقريحة إلى مصر اهتمام المتابعين على الرغم من أن المؤسسة العسكرية الجزائرية كشفت عن سبب الزيارة وهو المشاركة في معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية "إيديكس 2021"، وأنها جاءت بدعوة من وزير الدفاع المصري محمد أحمد زكي.
غير أن حديث البيان عن أن الزيارة تندرج ضمن إطار تعزيز التعاون بين الجيش الجزائري والقوات المسلحة المصرية، وأنها ستمكّن الطرفين من التباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، فتح المجال للإشارة إلى تغيّر في الاستراتيجية الخارجية للمؤسسة العسكرية الجزائرية.
تقوية العمل العربي والأفريقي
وفي السياق، تعتبر أستاذة العلاقات الدولية والباحثة في الدراسات الاستراتيجية نجوى عابر أن التقارب الجزائري المصري ليس وليد اليوم، والعلاقات والتعاون بين البلدين ممتدان عبر محطات تاريخية مهمة ولعل أهمها الدعم المصري للجزائر أثناء الثورة التحريرية، ما كان ثمنه تلقّي مصر ضربة عسكرية أثناء العدوان الثلاثي. ويمتد التلاحم ليتجسد خلال حرب أكتوبر حين ساندت الجزائر شقيقتها مصر ودافعت عنها. وظهر الدعم الجزائري لمصر حين فرض عودتها إلى شغل مقعدها في الاتحاد الأفريقي في 2014، مضيفة أن البلدين يتوافقان في كثير من الرؤى الاستراتيجية، خصوصاً في ما يتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فضلاً عن تقاسم الانشغالات ذاتها في ليبيا وحول سد النهضة وما يحمله من تهديد للأمن القومي المصري، لتبقى القضية الفلسطينية الملف الأهم الذي يستقطب اهتمام الطرفين، تحديداً في هذا الظرف.
وتتابع عابر، "في تقديري، تم تجاوز الخلافات في ما يتعلق بالملف الليبي، لا سيما بعد نجاح الجزائر في تخفيض الاحتقان بين مصر وتركيا، ولا تذكر التقارير أي دور للقاهرة في منطقة الساحل من شأنه إثارة حفيظة الجزائر"، قائلة إن وُجدت الخلافات بين الدولتين بفعل التجاذبات، تبقى إرادة الدولتين واضحة في تجاوزها والمحافظة على علاقات جيدة، وختمت أن التوافق في الرؤى بين البلدين سيصب في تقوية العمل العربي والأفريقي.
إرساء السلم والأمن
في المقابل، أبرزت وزارة الدفاع الجزائرية أن رئيس أركان الجيش بحث مع نظيره المصري أسامة عسكر، الوضع السائد في شمال أفريقيا وفضاء الساحل الصحراوي، والتهديدات المتعددة الأبعاد التي من شأنها زعزعة استقرار المنطقة برمتها، كما أشار إلى أنه تم التطرق إلى السبل الكفيلة بالمساهمة في دعم جهود السلم والأمن على المستويين الإقليمي والقاري.
إلى ذلك، أكد السعيد شنقريحة، خلال لقائه وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، حرص الجزئر على العمل سوياً من أجل إرساء السلم والأمن على مستوى القارة الأفريقية عموماً، وشمال أفريقيا خصوصاً، مذكراً "بتميّز العلاقات العريقة التي تربط البلدين، والتي تعود جذورها على وجه الخصوص إلى ثورة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، والتي قدم خلالها الأشقاء المصريون، قيادة وشعباً، السند والدعم اللازمين للثورة الجزائرية".
وفي الشأن ذاته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أبو الفضل محمد بهلولي أن مسائل كثيرة تجمع الجزائر ومصر، وهما دولتان محوريتان في أفريقيا وسيكون بينهما تعاون في مجالات عدة على غرار مكافحة الإرهاب في دول الساحل، بالتالي فإن زيارة قائد الأركان إلى مصر تصب في سياق تبادل وجهات النظر، لا سيما في ما يتعلق بمساعدة دولة ليبيا في تأمين الحدود والقضاء على الجماعات الإرهابية. وقال إن تصريحات شنقريحة تؤكد وجود أخطار تهدد الأمن القومي للبلدين، وهذه الأخطار تحتاج إلى تعاون دولي لمواجهتها، جازماً "بحسب تقديراتي، لا يوجد تنافس بين البلدين".
مصر "الجديدة" والجزائر "الجديدة"
وفي حين شدد رئيس أركان الجيش الجزائري من مصر، على حرص بلاده على العمل سوياً من أجل إرساء السلم والأمن على مستوى القارة الأفريقية عموماً، وشمال أفريقيا خصوصاً، أكد سفير مصر في. الجزائر، مختار جميل توفيق وريدة أن مصر "الجديدة" والجزائر "الجديدة" تنظران بكل ثقة إلى المستقبل عن طريق شراكة استراتيجية قوية، مضيفاً عقب تسليمه أوراق اعتماده كسفير إلى الرئيس عبد المجيد تبون، أن هذه الشراكة أساسها الاحترام العميق وهدفها "الارتقاء والازدهار والتقدم للشعبين".
وأعرب وريدة عن تقدير القاهرة لدور الجزائر في دعم الأمن والاستقرار عربياً وأفريقياً ودولياً، مبرزاً أنها قوية وقادرة على تعزيز العمل العربي المشترك انطلاقاً من قمة الجزائر العربية.