الأحد 24 تشرين الثاني 2024

من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى نحو إحياء الاتفاق النووي.

من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى نحو إحياء الاتفاق النووي.

النهار الاخباريه – وكالات
شهدت جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني انتكاسة مبكرة بعد رفض طهران دعوة من الاتحاد الأوروبي لاستضافة محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، لكن رفض طهران ليس مستغربا، فقد حاولت إدارة "ترامب" على مدى 3 أعوام إجبار إيران على الدخول في محادثات رغم العقوبات لكن هذه الفكرة لم تنجح حينها، ومن غير المرجح أن تنجح الآن.
وفي 2019، قالت ويندي شيرمان، مرشحة "بايدن" لمنصب نائب وزير الخارجية: "سأصاب بالصدمة إذا وافقت إيران على اجتماع دون تخفيف بعض العقوبات".
وكانت "شيرمان" على حق. وبالنسبة لإيران فإن الحسابات أبسط مما يتصور المرء. فإذا وافقت طهران على المحادثات (مع استمرار سياسة "أقصى ضغط") وفشلت تلك المحادثات لاحقا، فسيتم إلقاء اللوم على إيران بالرغم أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئا لتصحيح الأزمة التي نجمت عن خروج "ترامب" من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018 .
لذلك، دون تغيير أي من الديناميكيات التي ورثها بايدن عن ترامب، ستكون الولايات المتحدة قد نجحت في إلقاء اللوم على إيران إذا انهارت المناقشات المستقبلية. وبالرغم أن الإدارة الجديدة قالت إنها تعتزم إعادة الدخول في خطة العمل الشاملة المشتركة، (وهو أمر لم يشر إليه "ترامب" أبدا) فإن النية المعلنة لا تعني الكثير إذا فشلت الإجراءات في مطابقة النوايا.
وجاء رفض إيران بعد أسابيع من "الخلافات الطفولية" حول من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى نحو إحياء الاتفاق النووي.
ومع إصرار واشنطن العلني على أن تتخذ إيران الإجراءات الأولى من خلال كبح أنشطة التخصيب، بينما تدفع في الوقت نفسه الاتحاد الأوروبي لمعاقبة إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن كل ذلك يقوض ثقة طهران في أن "بايدن" جاد في نواياه. ويجعل ذلك خطوة الانضمام إلى المحادثات قبل تلقي أي تخفيف كبير للعقوبات أكثر خطورة على القيادة الإيرانية.
وحتى الآن يرفض "بايدن" السماح لإيران بالوصول إلى أموالها الخاصة في كوريا الجنوبية، بالرغم أن "بايدن" انتقد هذه السياسة غير الإنسانية سابقا باعتبارها شيئا لا ينبغي فعله في الوقت الذي تواجه فيه إيران جائحة "كوفيد-19".
ويبدو أن سبب رفض "بايدن" تقديم أي شيء قبل أن تبدأ المحادثات، هوالخوف من أن يفقد دعم الديمقراطيين الصقور الذين يحتاج أصواتهم لحزمة الإغاثة بخصوص فيروس "كورونا".
وأدت الهجمات التي شنتها الجماعات المتحالفة مع إيران في العراق إلى زيادة تشدد موقف "بايدن"، وهو أمر مفهوم تماما. وما نشهده هو مقاومة "بايدن" الفطرية للضغط الإيراني، والخوف من التعرض لهجوم من قبل الصقور داخل حزبه إذا نُظر إليه على أنه يتراجع.
وهذا هو بالضبط السبب الذي من أجله كان يجب على "بايدن" أن يدفع فريقه لبذل قصارى جهدهم لتجنب الانخراط في معارك عامة حول "من يذهب أولا". فالنتيجة الحتمية لذلك هي أن كل شيء يصبح أكثر تكلفة من الناحية السياسية، حتى قبل أن تبدأ المحادثات الحقيقية.
فهل هناك طريقة للخروج من هذا المأزق؟ حسنا، إذا كانت الإرادة السياسية موجودة لدى الجانبين، فيمكنهما التغلب على ذلك. لكن الإرادة السياسية تتآكل إذا كان هناك خوف دائم من "الظهور بمظهر ضعيف".
وتعرض "أوباما" للهجوم بلا هوادة بسبب سياسته تجاه إيران. وقد تم اتهامه بالانحناء أمام الإيرانيين. لكنه في النهاية لم يهتم، وركز على الجائزة، ألا وهي مصلحة الأمن القومي الأميركي المتمثلة في منع حيازة إيران للقنبلة النووية وتجنب الحرب.
لقد أعطى "أوباما" الأولوية للدبلوماسية، بدلا من أن يسجل نقاطا سياسية أمام الجمهوريين أو السعوديين أو الإسرائيليين. وفي نهاية المطاف، حصل على الكثير من النقاط فقد فعل شيئا لم يتمكن أي رئيس أميركي آخر من فعله في الأعوام الـ 40 الماضية.
وما يمكن أن يكسر الجمود الآن هو حث واشنطن الاتحاد الأوروبي على التراجع عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والإفراج عن الأموال الإيرانية في كوريا الجنوبية، بينما تنضم إيران إلى المحادثات وتراجع واحدا أو أكثر من تحركاتها الأخيرة الخاصة بتسريع برنامج تخصيب اليورانيوم.
وبالرغم أن هذا حل غير كامل، لكن لا يوجد حل مثالي لهذا الوضع المعقد. وسيتعين على كلا الجانبين التنازل عن بعض الكبرياء ودفع تكلفة سياسية. وكلما طال انتظارهما، ارتفعت هذه التكلفة. فالوقت هو جوهر المسألة.
هل تفتح المفاوضات الإيرانية الأمريكية الباب لحوار إقليمي أوسع؟
المصدر | تريتا بارسي/ريسبونسيبل ستيتكرافت -