النهار الاخباريه وكالات
تعيش المحافظات اليمنية الجنوبية حالة من إعادة الهيكلة السياسية على الأرض بعد قرار تشكيل المجلس الرئاسي الانتقالي لإدارة تلك المرحلة وصولا لحسم الحرب بالحوار أو القوة العسكرية، ونظرا لأن غالبية القوى الموالية للشرعية متواجدة في المحافظات المحررة، هناك الكثير من التساؤلات تدور حول القوة الأكثر قبولا وحظا والأكثر رفضا لدى الجنوبيين.
وفي محاولة لاستكشاف الخريطة السياسية الجنوبية طرحنا السؤال التالي على عدد من المهتمين بهذا الشأن من مختلف الأطياف المجتمعية كالتالي: "أي القوى السياسية يقبلها الجنوبيون - الرئاسي اليمني - الانتقالي- الإصلاح- أنصار الله -قوى جنوبية أخرى".
الأوفر حظا
الباحث السياسي اليمني، دكتور محمد عسكر، يقول لـ"سبوتنيك": أعتقد سكان المحافظات الجنوبية يميلون للقوى الجنوبية غير المرتبطة بصنعاء والشمال عموما، وهنا نجد أن الانتقالى يمثل تطلعات الكثيرين، لأنه يملك حضورا سياسيا وعسكريا وماليا، أيضا قوى الحراك الجنوبي الأخرى لها حضور شعبي، أما بقية الأحزاب تعجز عن عمل فعالية بأي محافظة جنوبية.
ويتفق الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، العميد ثابت حسين، مع الرأي السابق قائلا: أعتقد أن الانتقالي الجنوبي هو الأكثر حضورا وقبولا شعبيا في الجنوب لسببين رئيسيين: الأول أنه شكل نواة وخلاصة كل القوى الجنوبية المناهضة لنظام الاحتلال الشمالي الذي سيطر على الجنوب بالقوة المسلحة منذ حرب 1994م، و المطالب باستعادة دولة الجنوب، والسبب الثاني أن القوى الأخرى مرفوضة جنوبيا لارتباطها بنظام صنعاء ولتبنيها مشاريع "وحدوية" وهي المرفوضة من غالبية أبناء الجنوب، أما السبب الثالث أن الإقليم والمجتمع الدولي يعلم علم اليقين أن الإنتقالي هو الأكثر حضورا سياسيا وشعبيا وعسكريا.
أما الإعلامي الجنوبي، سامي العدني فيؤكد لـ"سبوتنيك"، أن المجلس الانتقالي يحظى بشعبية كبيرة وقاعدة جماهيرية في جميع المحافظات الجنوبية وانخرط فيه كم كبير من قيادات الحراك من الصف الأول والثاني والثالث، وأصبح اليوم الانتقالي هو المكون الجنوبي الوحيد الباقي والصامد على الأرض، وحقق مالم تحققه جميع المكونات الجنوبية منذ انطلاق الحراك الجنوبي في 2006.
نتاج الحراك الجنوبي
يقول الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، العميد جمال الهلالي لـ"سبوتنيك"، المجلس الانتقالي هو نتاج الحراك الجنوبي، الذي التف حوله غالبية شعب الجنوب، كونه أعلن أنه سوف يعمل بالكفاح وبكل الوسائل والطرق حتى استعادة دولة الجنوب العربي أو ما يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وعلى حدود ما قبل مايو/أيار عام 1990.
ويضيف، المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم يشارك في قرارات الدولة كونه في رئاسة المجلس الرئاسي، وكما دخلنا الوحدة بالحوار نتمنى فك الارتباط أيضا بالتفاوض والتفاهم والحوار والمصالح المشتركة.
وأشارت الإعلامية الجنوبية، أمنيه بدر الدين هندا، في حديثها ، إلى أن المكون السياسي الذي يفضله سكان المحافظات الجنوبية هو المجلس الإنتقالي الجنوبي خلال المرحلة القادمة، وذلك لأنه المكون الوحيد الذي استطاع بمساعدة التحالف استعادة المحافظات الجنوبية وتحريرها وكان أهمها العاصمة عدن، وأن تبقى أجزاء من بعض المحافظات الجنوبية تحت سيطرة الإخوان فإنه سيتمكن من تحريرها في القريب العاجل، وهو يخوض الأن معركته الكبرى في شبوة ضدهم، كما أنه تمكن من جعل المجتمع الدولي يعترف به كمون سياسي وحيد يمثل الجنوب وقضيته العادلة المتمثلة في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبيه
تباين في المواقف
يقول رئيس اللجنة السياسية في مجلس الحراك الثوري الجنوبي باليمن، الدكتور محمد عبد الهادي، لـ"سبوتنيك"، لا أعتقد أن الجنوبيين يتفقوا على مكون سياسي واحد، حيث أن هناك من يؤمن بالانتقالي وجزء كبير جدا يؤمن بمشاركة كل القوى والمكونات الجنوبية الأخرى في إدارة شؤون الجنوب إن حصل على استقلاله، لكن الجميع يتفق على رفض الإصلاح تماما.
أما علي المسقعي، الناشط السياسي في الحراك السلمي الجنوبي وأحد مؤسسيه في العاصمة عدن، فيقول رأيي الشخصي أن المكون الحقيقي الذي يمكن تقبله شمالا وجنوبا في حال توافقت القوى على إيجاد حلول جادة واقصد بالقوى التحالف و أمريكا والغرب، فإن المكون الذي يمكن قبوله في الساحة الجنوبية هو مؤتمر القاهرة الذي يقوده الرئيس السابق علي ناصر، حيث أنه قدم رؤية واضحة فيما يمكن الاطلاع عليها ، بينما باقي المكونات لا توجد لديها رؤية حقيقية بل تسير مع التيار.
من جانبها تؤكد ليلى الكثيري، رئيس مجلس الحراك الجنوبي للقوى التحررية بجنوب اليمن أن الجنوبيين منقسمين، لكن الأغلبية الساحقة منهم لايوجد لديهم أي ثقة أو قبول لأي من المكونات السياسية والأحزاب، بما فيهم المجلس الانتقالي الذي أسقط حقه وتنازل عن التمثيل للقضية الجنوبية بعد المشاركات الأخيرة مع الأحزاب اليمنية والمجلس الرئاسى
بدوره يقول عبد العزيز قاسم، الحقوقي والقيادي بالحراك الجنوبي اعتقد أن المكون الأساسي الذي يراه الجنوبيين أساسا لجميع المكونات هو جمعية المتقاعدين العسكرين والمدنين الذي انبثق منها الحراك الجنوبي السلمي عام 2007م، ومنه أيضا تفرع مجلس الحراك الثوري لثلاثة مكونات أساسية لكل منهم ثقله وقاعدته الشعبية العريضة، أما المجلس الانتقالي لم يضم كل هذه المكونات بل يضم أفرادا كانت في هذه المكونات، وأرى أن الشارع الجنوبي الآن اختلفت نظرته للمجلس الانتقالي على عكس بداية تأسيسه الذي حظي بتأييد شعبي بل بات الشارع متململ بانتظار نهوض مجلس الحراك الثوري ومعه كل الحركات الجنوبية التي لم تنخرط في اطار التحالف والحكومة الشرعية، وهنا أيضا لابد من الإشارة إلى أن ما ينقص مجلس الحراك هو تبني خطابه السابق وقدرته على ضبط الشارع وخطف موقف دولي داعم، والساحة عموما تعيش في حالة فراغ بانتظار قيادة تسد هذا الفراغ ولو عبر التوافق مع المجلس الانتقالي والمكونات الأخرى كالحركة الشبابية كأهم رافد لجميع المكونات.
السؤال الصعب
الدكتور إيهاب عبد القادر، رئيس مؤتمر عدن الجامع: "هذا السؤال صعب في الوقت الحالي، الانتقالي هو الحامل للقضية الجنوبية، لكننا أمام محك كثرة المكونات وإن كان معظمها هشة ولا تمتلك الشارع، إلا أن هناك فصيلين أو مكونين أو ثلاثة يمثلان محافظاتهما وهم، مؤتمر حضرموت في حضرموت ومؤتمر عدن الجامع في عدن العاصمة ومكون يمثل أبناء المهرة لهم حضور وتمييزا المدنية، أما بالنسبة للرئاسي فهو خليط من المكونات والاتجاهات القديمة والجديدة وهو يمثلها ويحاول قدر جهده تطبيع الأوضاع في البلد الممزق بفعل الحرب والغلو والتطرف وصولا للسلام وتشكيل أركان الدولة، لذا لا يمكننا اعتباره مكون".
أماالكاتب الصحفي ماجد الداعري، فيقول الانتقالي الجنوبي أكثر مكون مقبول جنوبا باعتباره مكون جنوبي وقادته جنوبيين ولديه قوة عسكرية مسيطرة على الأرض، وإمكانيات سياسية واعلامية وشريك بالحكومة ورئاسة الشرعية أيضا ويطالب باستعادة استقلال الدولة الجنوبية.
ويؤكد فضل محمد ناجي، القائم بأعمال الأمين العام - حزب رابطة الجنوب العربي الحر الرابطة أن شعب الجنوببالأمس واليوم وخلال المرحلة القادمة لن يقبل إلا بقوى وكيانات وطنية جنوبية تسعى لتحقيق الاستقلال وإقامة دولة الجنوب العربي الفيدرالية وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، وحزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة) كحزب جنوبي أصيل وتاريخ مشرف، المنادي منذ النشأة قبل سبعين عاما إلى إقامة وطن جنوبي، وهناك أيضا قوى الحراك الجنوبية والشبابية وشخصيات وطنية لها ثقلها واحترامها عند ابناء الجنوب العربي.
حنان محمد فارع، سياسية جنوبية، تقول" المكون السياسي المقبول في محافظات الجنوب هو المجلس الانتقالي الجنوبي، لأنه يحمل مشروع وطني يهدف من خلاله استعادة الدولة الجنوبية المنهوبة منذ عام 1990، يضم ممثلين عن كافة القوى والأحزاب والمكونات الجنوبية، وعناصره حديثة بالسياسة وإدارة الدولة، في حين أن بقية القوى والمكونات والأحزاب تمت تجربتها سابقا في إدارة الدولة وفشلت فشلا ذريعا في القيادة، مما جر البلاد إلى حروب ونزاعات لم تنته
أنيس السنمي، عضو مفوضية مكافحة الفساد بالجنوب اليمني، يقول: المجلس الانتقالي الجنوبي أكثر تأثيرا وقبولا في الجنوب كونه جاء وشكل وأسس وأٌعلن عنه لتبني وحمل أهداف وقضية الشعب الجنوبي العربي باستعادة واستقلال دولته، التي تم احتلالها بقوة السلاح في العام 1994م من قبل نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية، الذي وقع مع نظام الحكم في الجنوب في العام 1990م اتفاقية الوحدة، ويوافقه الرأي الباحث السياسي اليمني، علي الأسلمي بأن الانتقالي هو الأكثر حظا وقبولا في الجنوب.
أنصار الله" والإصلاح
الدكتور علي عبد الله البحر الاكاديمي في جامعة عدن والناشط السياسي الجنوبي، يقول: المجلس الانتقالي الجنوبي، يعتبر القوة الأكثر تأثيرا وقبولا في الجنوب، ويستمد قوته من الحاضنة الشعبية الكبيرة المتواجدة في مختلف مناطق الجنوب الممتدة من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا، وكذلك الدعم والتأييد الاقليمي والدولي، الذي يحظى به، وبهذه القوة والتأثير والدعم والتأييد، أصبح المجلس الانتقالي هو المسيطر على الأرض، ولديه قوة عسكرية ضاربة متماسكة ومدربه متسلحة بالولاء الوطني إلى جانب العتاد العسكري الذي تملكه وتستخدمه في مواجهة المليشيات الحوثية "أنصار الله" في مختلف الجبهات على امتداد الحدود مع المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية، وغيرها من القوات المتمردة والجماعات الإرهابية.
ويقول الباحث اليمني الدكتور عبد الستار الشميري إن المجلس الانتقالي هو المكون الأوفر حظا في الجنوب، لكن ليس بإجماع الجنوب بمعنى أن هناك ما يقارب 40 في المئة على سبيل التقدير وليس التأكيد من أبناء الجنوب يؤيدون المجلس الانتقالي في عدد من المحافظات مثل عدن وأبين والضالع وجزء من شبوة وحضرموت وأجزاء من باقي المحافظات بشكل عام، كونه الرافعة السياسية وحامل القضية الجنوبية، وهناك مكونات صغيرة أخرى، لكن حظها ليس وافرا، فيمكن أن يكون لها ما بين 10-20 في المئة من القوة الجنوبية، كما أن المؤتمر الشعبي العام والإخوان المسلمين وحزبهم "الإصلاح" حاضرين في المشهد، لكن نسبتهم قليلة، كما أن هناك تواجد للحزب الإشتراكي لكنه في الفترة الأخيرة افتقد التنظيم والترتيب، كما أن هناك مزاجا اشتراكيا يأتي في المرتبة الثانية بعد الانتقالي.
ويضيف يمكن ترتيب القوى على حسب الرضا الشعبي والسياسي كالتالي: "الانتقالي أولا يليه الحزب الاشتراكي، القوى الفاعلة في حضرموت والمهرة والتي هى أشبه بقوى مناطقية وليست ذات ولاء سياسي، ثم الأحزاب السياسية بالترتيب، الإصلاح ثم المؤتمر، وهناك قوى أخرى غير ذات لافتات سياسية".
ويرى مصطفى زيد، رئيس التجمع الديمقراطي الجنوبي تاج الجنوب العربي،في حديثه ان الرئاسي والانتقالي والإصلاح والحوثيين بالإضافة إلى المؤتمر الشعبي العام وبقية الأحزاب اليمنية، لا يوجد لها أي تأثير في الشارع الجنوبي، بسبب عجزها عن حل أزمات المواطن الجنوبي منذ عام 1994م وحتى اليوم، وخاصة بعد حرب 2015م، لأنها مضادة لتطلعات شعب الجنوب في تحقيق حريته واستقلاله.
وفي النهاية تباينت الأراء السابقة وإن كان أكثرها قد اتفق على أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الأوفر حظا والأكثر قبولا لدى الجنوبيين في تلك المرحلة نظرا لما يحمله من مهام سياسية وعسكرية وعلى رأسها قضية الجنوب، في حين كان الرفض التام لكل من حزب الإصلاح و"أنصار الله" (الحوثيين)، و اعتبرت معظم الآراء أن المجلس الرئاسي ليس مكون سياسي، بل هو خليط من قوى متعددة، كما رجحت بعض الآراء حظوظ بعض المكونات الجنوبية الأخرى ولكن بصورة أقل.