النهار الاخباريه- وكالات
يزداد التقارب الجزائري الليبي تماسكاً ويثير تساؤلات عدة نظراً لما شهدته العلاقات الثنائية، من تطورات، لا سيما بعد سقوط نظام الراحل معمر القذافي.
في هذا الوقت، وبعد زيارة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الجزائر، على رأس وفد مهم، وأيضاً شخصيات عدة من الرئاسي والحكومة، وصل البلاد، الأربعاء، 28 يوليو (تموز)، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي.
زيارة تبطل التأويلات؟
وتأتي زيارة المنفي لتبطل تأويلات جهات تحدثت عن سوء تفاهم بين الرئاسي والسلطات الجزائرية، بخاصة بعد تأخر زيارته، في وقت حضر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وعدد من الشخصيات الليبية السياسية والاقتصادية والأمنية إلى العاصمة الجزائر، من أجل التنسيق والبحث في تطوير العلاقات الثنائية والاستجابة لملفات مستعجلة مثل فتح الحدود من أجل تنشيط التبادلات التجارية.
ووصل المنفي الجزائر في زيارة تعتبر الأولى، واستقبله في مطار هواري بومدين الدولي، رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن، ومدير ديوان الرئاسة نور الدين بغداد، ووزير الداخلية كمال بلجود.
ملامح أهداف التنقل
وعلى الرغم من السرية التي تحيط بهذه الزيارة، فإن قدوم رئيس "الرئاسي الليبي" من جمهورية الكونغو إلى الجزائر، أعطى بعض المؤشرات حول أهدافها، لا سيما أن الرئيس الكونغولي ديني ساسو نغيسو، يترأس لجنة الاتحاد الأفريقي الخاصة بالشأن الليبي.
وذكر بيان للرئاسي الليبي، أنه خلال اللقاء بين محمد يونس المنفي والرئيس ديني ساسو نغيسو، بُحثت مستجدات الملف الليبي والتجهيز للانتخابات والتسريع بتحقيق المصالحة الشاملة، وتعزيز مبادرة دول الجوار الرامية إلى إرساء السلام والاستقرار في ليبيا، مضيفاً أن المنفي جدد تأكيد الرئاسي الالتزام بتنفيذ الاتفاق السياسي المنبثق عن جولات حوار الملتقى السياسي في تونس وجنيف، وضرورة إنجاز الاستحقاق الانتخابي في الموعد المحدد، كما دعا الاتحاد الأفريقي إلى لعب دور أكثر فعالية، لا سيما في مسألة المصالحة الشاملة لافتاً إلى أن المجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية لن يدخرا جهداً لبلوغ مصالحة شاملة بين جميع الليبيين من دون إقصاء أي شريحة.
قراءة سياسية ودبلوماسية
وتعليقاً على الزيارة، رأى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى الجزائر في هذا التوقيت بالذات، لها قراءات سياسية ودبلوماسية كثيرة، لعل أهمها تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي وتمتين العلاقات مع السلطة الجديدة في ظل كل ما يحاك ضد ليبيا الشقيقة سواء من الداخل أو من الخارج، وقال إن وجود الجزائر كطرف محايد وشريك جغرافي في التعاون وتعزيز علاقات الجوار، سوف يعطي نوعاً من الطمأنينة للجانب الليبي.
وتابع حبيب، أن "ليبيا ليس لها أي خيار في عدم التعاون مع الجزائر والجميع يعرف الأسباب، لذلك أرى أن هذا التقارب يصبّ في مصلحة الأشقاء الليبيين نحو بناء دولة جديدة واستعادة أمن واستقرار البلاد، والمنطقة ككل"، مشدداً على أن التعاون الأمني مجرد ملف من الأجندات، ولعله الأهم قبل الحديث عن النقاط الأخرى التي تبنى بعد استكمال المؤسسات السيادية، و"أعتقد أن اللقاءات سوف تكون مثمرة".
الترويج للمصالحة
وعشية زيارة المنفي للجزائر، أكدت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي في ليبيا، نجوى وهيبة، الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في دعم المصالحة بين الليبيين بالنظر إلى تجربة الجزائر الرائدة في هذا المجال، واعتبرت في تصريح للإذاعة الجزائرية، أن الجزائر اتخذت موقفاً يتسم بالحكمة والرزانة خلال فترة المعارك الأخيرة، ومثل هذا الموقف يجعلها تحظى بمكانة متميزة في علاقاتها مع ليبيا، مشيرة إلى عدم انقطاع الاتصالات السياسية بين البلدين، ومنها زيارة وزير الخارجية السابق صبري بوقادوم، ولقاؤه رئيس المجلس الرئاسي، وكذلك الزيارة الأخيرة لرئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى الجزائر برفقة عدد من الوزراء، ما يفتح مزيداً من الآفاق للتعاون الاقتصادي بين البلدين.
كما اعتبر المحلل السياسي، سفيان واعلي، أن إشارة بيان الرئاسة الجزائرية إلى مواصلة التعاون يؤكد دخول البلدين في مرحلة جديدة من العلاقات بعد إعادة ترتيب الأوراق بأفرعها الأمنية والسياسية والاقتصادية خلال زيارة الدبيبة الأخيرة، وأوضح أن ما يشغل بال الجزائر هو تأمين الحدود المشتركة من الخطر الإرهابي المتنامي، وضرورة خروج المرتزقة والأجانب من الأراضي الليبية، ومكافحة الجريمة العابرة، في حين تتمسك ليبيا بالأمن والاستقرار من أجل بلوغ الانتخابات نهاية 2021، والانطلاق في تثبيت المؤسسات الدستورية، وكذلك إحياء النشاط الاقتصادي والتبادل التجاري، موضحاً أن أهم ما تنتظره ليبيا من الجزائر هو المشاركة في تحقيق مصالحة بين الليبيين لمحو آثار سنوات الدم والدمار.
تدخل الولايات المتحدة
وسبق وصول المنفي للجزائر، وجود مساعد وزير الخارجية الأميركي بالنيابة المكلف بالشرق الأدنى، جوي هود، في زيارة دامت يومين، شدد فيها، على جدية الرئيس جو بايدن، في التعاون مع الجزائر بشأن ليبيا والعديد من القضايا الأخرى المشتركة، موضحاً أن الجزائر لديها وجهة النظر نفسها حول هذا الوضع مثل حكومة الولايات المتحدة، ولذلك فإن البلدين مصممان للعمل معاً على هذه الأهداف المشتركة، المتمثلة في التحدث مع حلفائنا وشركائنا حول كيفية تعزيز الظروف، ورؤية انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا في أسرع وقت ممكن، والتقدم نحو الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول)، بحيث يمكن إعادة السيادة إلى الشعب الليبي في أقرب وقت ممكن، وختم أن الجزائر من خلال وزير خارجيتها رمضان لعمامرة، لها صوت مهم للغاية في القضية الليبية، وسيتم الاستماع إليها في المنطقة وخارجها، مؤكداً تطلعهم للعمل مع الحكومة الجزائرية بشأن هذا الموضوع.