الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

قبول عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون... الدلالات والتوظيف


النهار الاخباريه وكالات

تم الإعلان عن قرار قبول عضوية إيران في القمة الحادية والعشرين لزعماء منظمة شنغهاي للتعاون في دوشانبي، طاجيكستان. من قبل الموافقة على العضوية، كانت منحت إيران صفة مراقب في المنظمة، وسابقاً اشتُرط للموافقة على عضويتها في المنظمة أن تلتزم الاتفاق النووي، وأن تؤكد الوكالة الدولية للطاقة النووية امتثالها له مع رفع العقوبات الأميركية والأممية عنها.

خلال القمة التي عُقدت في طاجيكستان، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن إيران ستصبح من الآن فصاعداً عضواً دائماً في منظمة شنغهاي للتعاون. أعلن ذلك خلال أول زيارة رسمية للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دولة أجنبية.

في ظل الإعلان عن قبول عضويتها، يُطرح التساؤل حول دلالات قبول عضويتها الآن على الرغم من أن إيران قدّمت للانضمام إلى المنظمة منذ 2008؟ وكيف توظّف قبول عضويتها في المنظمة؟

بداية، منظمة شنغهاي للتعاون تأسست في 2001 من روسيا والصين وأربع دول في آسيا الوسطى هي طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان وكازاخستان، وانضمت إليها الهند وباكستان في 2017.

وتضم المنظمة نحو 44 في المئة من سكان العالم، وأربع قوى نووية، أي نصف القوى النووية العالمية، ونحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في أيدي أعضاء هذه المنظمة، مما يدل على أهميتها الاستراتيجية.

دلالات قبول عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون

حصلت إيران على صفة مراقب في المنظمة، وكانت قدمت عام 2008 طلباً للحصول على العضوية الكاملة، لكن عرضها تباطأ بسبب عقوبات الأمم المتحدة وأميركا المفروضة على برنامجها النووي، فكثر من أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون لا يريدون في صفوفهم دولة تخضع لعقوبات دولية.

لكن.  خلال القمة الأخيرة للمنظمة، جرى الإعلان عن قبول عضوية إيران على الرغم من أن الملف النووي ما زال يواجه تحديات. دلالة القرار وموافقة دول المنظمة التي تشمل روسيا والصين، أنه من جهة هناك اعتقاد بقرب إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية، ذلك أن دول المنظمة لن تتمكن من إجراء تعاملات اقتصادية مع دول خاضعة للقيود الدولية والأميركية.

ومن ثم، ربما أكدت إيران أنها بصدد التفاوض مع الولايات المتحدة، الأمر الآخر، أن موسكو وبكين وافقتا على قبول عضوية طهران في إطار الحرب الباردة مع واشنطن التي بدأت بالانسحاب من أفغانستان وسيطرة "طالبان" مرة أخرى، ثم الشراكة الأمنية "أوكوس" بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا للتعاون في منطقة المحيطين الهادي والهندي.

التوظيف الإيراني لعضويتها في المنظمة

1- تحاول إيران تسويق عضويتها في منظمة شنغهاي على أنها تحالف وتكتل لديه رؤية موحدة للنظام العالمي وللدور الأميركي، وتسويق عضويتها على أنها إنجاز يُحسب للرئيس الجديد في إطار كسر الهيمنة الغربية ورفع العقوبات، إذ وصف رئيسي أثناء خطابه في القمة القيود بأنها "إرهاب اقتصادي" و"أهم أداة للقوى المهيمنة لفرض إرادتها على الآخرين". وأضاف أن مثل هذه العقوبات الاقتصادية "عقبة رئيسة أمام تعزيز التكامل الإقليمي، وينبغي على منظمة شنغهاي للتعاون تصميم هياكل وآليات لتقديم رد جماعي على العقوبات"، واعتبرها أحد الرموز الرئيسة لتعاون القوى غير الغربية التي تفتح الباب أمام حقبة ما بعد أميركا. تسوّق إيران الأمر باعتباره مؤشراً إلى توجه النظام الدولي نحو التعددية وإعادة توزيع القوة.

2- على المستوى السياسي، يُعدّ هذا أول تنفيذ لسياسة إيران القائمة على التحوّل نحو الشرق في ظل رئيسي، وتسوّقه طهران وكأنها أنهت المشروع الأميركي لعزلتها، وأكد رئيسي أن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون مستعدة لتوسيع العلاقات الاقتصادية مع بلاده، ويجب أن تكون الحكومة في طهران مستعدة لذلك. وشدد على أن أهم مجالات التعاون هي ميناء تشابهار في جنوب شرقي إيران على خليج عمان، الذي يستهدف أن يكون بوابة إلى آسيا والعالم.

3- على المستوى الاقتصادي، تحوّل نحو الشرق يفتح باب الوصول إلى الأسواق العالمية الرئيسة، ويتعارض مع العقوبات الغربية المعوقة، بحيث سيسمح لإيران بـ"الاتصال بالأسواق" التي تمثل نسبة كبيرة من سكان العالم، ومن ثمّ هي سوق ذو إمكانات هائلة لطهران.

وتحاول طهران أن تبرز أن عضوية المنظمة ستنهي العقوبات الأميركية، لكن واقع الأمر هناك قضايا تتعلق بالعقوبات الأميركية تحدّ من قدرة إيران على إجراء معاملات مصرفية وبيع نفطها، كما أن العضوية ستفرض عليها التزام الاتفاقات الاقتصادية الدولية، مثل اتفاقية باليرمو ومكافحة غسل الأموال بما يتماشى مع معايير "فاتف" (مجموعة العمل المالي). لكن إيران لا تزال تأمل في تحسين العلاقات التجارية مع الهند، وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا كمحاولة لإنعاش اقتصادها المتدهور.