كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مكالمة من السفارة الأمريكية بعمان في مارس/آذار الماضي، كانت وراء كشف محاولة الانقلاب التي كادت تطيح بعاهل الأردن الملك "عبد الله بن الحسين"، والتي وقفت وراءها جهات خارجية.
وألمحت الصحيفة إلى دور ما لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" فيما حدث، بسبب رفض عاهل الأردن لما عرف بـ"صفقة القرن" الأمريكية التي كان يقودها صديقه "جاريد كوشنر" مستشار وصهر الرئيس السابق "دونالد ترامب".
وقالت الصحيفة إن "السفارة الأمريكية في عمان اتصلت آنذاك بمدير المخابرات العامة الأردنية، طالبة مقابلة من أجل أمر عاجل يتعلق بالأمن القومي، ودهش مسؤولو المخابرات من الطلب، وقيل لهم إن المخاطر تتخمر في البلد وقد تتحول إلى خطر على العرش الهاشمي قريبا".
وتابعت: "قامت المخابرات الأردنية سريعا بتحويل مصادرها المتعددة باتجاه أهم الأمراء وهو الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، الذي شك الأمريكيون بأنه يقود مؤامرة ويعبئ أنصاره، وبحلول أبريل/نيسان قام المسؤولون بوضع الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية واتهموه علنا بالتآمر للإطاحة بالملك".
وأضافت الصحيفة: "في الوقت الذي يواجه فيه متآمران المحكمة فإن الصورة الأوسع عن الأسابيع الثلاثة التي هزت العائلة المالكة بدأت بالظهور"، وفق "القدس العربي".
وأردفت: "حصل محامو الإدعاء على أشرطة تنصت على مكالمات هاتفية سجلت المحادثات والتي ستحدد الأدلة حول الفتنة، ضد كل من باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي السابق والمستشار السابق للملك عبد الله، والشريف حسن بن زيد، أحد أقارب الملك".
وكشفت الصحيفة أن "الخلاف العائلي تغذّى من قوى خارجية. فالأعمال المزعومة التي قام بها الأمير حمزة والمتآمران المتهمان ينظر إليها على أنها جزء من مؤامرة أوسع غذاها حلفاء الأردن الأقرب، وربما عرّضت العرش الأردني للخطر لو فاز دونالد ترامب بولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة".
ووفق الصحيفة فإنه "في الوقت الذي تراجعت فيه مخاطر فترة ترامب الثانية، فإن تداعيات محاولاته لإعادة رسم خريطة إسرائيل وفلسطين عبر خطته التي أطلق عليها صفقة القرن بدأت تتضح، إذ كانت قيادة المملكة ضحية من ضحايا خطته".
ويتحدث المسؤولون في المنطقة عن إمكانية وجود رابط بين أفعال الأمير "حمزة" التي وصفها المسؤولون في عمان بالفتنة وليس انقلابا والنهج الذي حركه صهر ومستشار الرئيس "ترامب"، "جاريد كوشنر" وبدعم من أصدقائه في المنطقة.
وتقول الصحيفة إن "كوشنر والأمير محمد بن سلمان برزا بشكل واسع في الأيام الأولى لإدارة ترامب في المشهد الإقليمي وعبرا عن استعداد للجمع بين القوة السياسية والمصالح التجارية، ونظر كل منهما لنفسه على أنه عامل تغيير وكسر للحواجز من خلال الإكراه والاستفزاز ورفض الحلفاء الذين رفضوا القبول بمطالبهم".
لكن في الوقت نفسه، وفق الجارديان، "وصلت العلاقة الوثيقة المنيعة والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة والأردن التي تم بناؤها على مدى نصف قرن، إلى نقطة الانهيار في فترة ترامب الأولى، وذلك حسب مسؤولين أردنيين، وبخاصة أن البيت الأبيض نفذ سياساته في الشرق الأوسط عبر مجموعة من الموالين الذين اختارهم، وهمّش المسؤولين الذين تعامل عادة الأردن معهم".
والأدهى من ذلك بحسب الصحيفة، أنه عندما تم الكشف عن تفاصيل "صفقة القرن"، "شعر الأردنيون بالمخاطر القاتلة من النوايا المضمنة حول التشارك في الحرم الشريف بالقدس والذي تعتبر العائلة الهاشمية وصية عليه منذ عام 1924".
و"رفضت الخطة الكثير من النقاط المهمة في محادثات السلام ووافقت على ضم إسرائيل لـ 30% من الضفة الغربية ووادي الأردن ورفض المطلب الرئيسي للفلسطينيين عن القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم"، وكان العرض غير مقبول للأردن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي أن "التشارك في الحرم الشريف بين السعوديين والإسرائيليين هو أمر فكرت به بالتأكيد إدارة ترامب وكانوا في حالة يائسة لتحقيق هذا ولم يتوانوا عن ابتزاز الصديق والعدو، بحلول منتصف عام 2020 كان الملك عبد الله يتعرض لضغوط متزايدة من الرياح السيئة القادمة من واشنطن والريح الباردة القادمة عبر الحدود من السعودية".
واعتمد الأردن على البلدين، دعم أمريكا الأجهزة الأمنية والسعودية القطاع العام، وعبرت السعودية بشكل سري عن عدم رضاها من موقف الأردن الرافض للموافقة على سياسة "ترامب" في الشرق الأوسط، حسب مسؤولين أردنيين وسعوديين تحدثوا للصحيفة.
وأشارت إلى أن "خطة كوشنر كانت كفيلة بفتح الطريق أمام دور مركزي للسعودية في المنطقة التي أعيد تشكيلها وتعبيد الطريق أمام سلام مع إسرائيل"، لكن هزيمة "ترامب" بددت تلك الآمال.
وتابعت أنه "في الوقت الذي ازدهرت فيه علاقة كوشنر مع بن سلمان عادة في النقاشات الليلية بخيمة في الصحراء السعودية، تطورت علاقة باسم عوض الله مع الرياض أيضا، وكوزير سابق للمالية في الأردن انضم إلى لجنة مبادرة استثمار المستقبل في الرياض عام 2019، وكان معروفا بأنه من الشخصيات البارزة في الرياض لدوره الآخر كمبعوث أردني للسعودية"، ولعل هذا هو سبب سفر وزير الخارجية الأمير "فيصل بن فرحان" إلى عمان للقاء المسؤولين الأردنيين للإفراج عن "عوض الله" لكن طلبه رفض.
وأشارت "الجارديان" إلى أنه "بعد دخول بايدن البيت الأبيض تنفس قادة الأردن الصعداء وفضلوا عدم الحديث عن المحاولات الخارجية للإطاحة بالملك عبد الله وإن كانت هناك محاولة من صديقين مقربين له، وعوضا عن ذلك يفضلون التركيز على البعد المحلي للمؤامرة".