النهار الاخباريه وكالات
أثار التحالف الأمني الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، حالة من الغضب في الصين، وكذلك لدى حليفتها فرنسا. وأطلقت الولايات المتحدة، الأربعاء، شراكة أمنية واسعة النطاق مع أستراليا وبريطانيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مواجهة الصين. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون خلال مؤتمر عبر الفيديو استضافه الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض وشارك فيه أيضاً رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن "أول مبادرة كبيرة في إطار (شراكة) أوكوس ستكون حصول أستراليا على أسطول من غواصات تعمل بالدفع النووي”.
وسيسمح التحالف للدول الثلاث بتبادل التكنولوجيا التي تشمل الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربات بعيدة المدى.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في بكين، أمس الخميس: "يجب على الدول المعنية التخلي عن عقلية المحصلة الصفرية للحرب الباردة”، مضيفا أن القوى الثلاث لن تؤدي إلا إلى الإضرار بمصالحها الخاصة. كما أشار المتحدث إلى أن أستراليا ليست قوة نووية، ولكنها ستقوم حاليا وفجأة باستيراد تكنولوجيا غواصات تعمل بالطاقة النووية، ذات قيمة عسكرية استراتيجية، مضيفا أن هذا قد يدفع الدول الأخرى في المجتمع الدولي إلى التشكيك في التزام المجموعة بعدم الانتشار النووي.
وبدا أن هناك حليفا آخر، ينتقد الصفقة أيضاً بصورة ضمنية، وهو نيوزيلندا، حيث أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن أن بلادها، التي لطالما رفضت استخدام الطاقة النووية، لن تسمح للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، بدخول مياهها. وقالت أردرن في العاصمة ولينغتون إن "موقف نيوزيلندا بشأن الحظر المفروض على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في مياهنا، لم يتغير”.
وكانت فرنسا أيضا انتقدت بشدة قرار أستراليا شراء تكنولوجيا غواصات أمريكية، كجزء من تحالف أمني جديد مع الولايات المتحدة وبريطانيا، والذي كان قد تم الإعلان عنه الأربعاء. ومن المقرر أن يكلف قرار أستراليا بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، بدعم أمريكي وبريطاني، فرنسا صفقة بقيمة 56 مليار يورو (66 مليار دولار)، كانت قد وقعتها في عام 2016، لتزويد أستراليا بغواصات تقليدية.
ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ووزيرة الدفاع فلورنس بارلي، الخطوة بأنها تتعارض مع روح التعاون بين فرنسا وأستراليا، والذي قالا إنها مبنية على الثقة السياسية. وقال لودريان لإذاعة "فرانس انفو” أمس الخميس: "أنا غاضب.. إنه أمر لا يمكن فعله بين الحلفاء… إنها صفعة على الوجه”. وأوضح: "لقد أقمنا علاقة ثقة مع أستراليا، وقد تعرضت هذه الثقة للخيانة”، مضيفاً أن كانبيرا يتعين عليها الآن أن تشرح كيف تعتزم الخروج من الصفقة. وقال وزير الخارجية الفرنسي: "لم ننته من هذه القصة بعد.” وفي انتقاده لدور الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بإقصاء فرنسا من صفقة الغواصات، قال لودريان: "هذا القرار الجائر الأحادي وغير المتوقع يذكرني كثيرا بما كان يفعله ترامب”.
وكانت شركة "نافال غروب”، وهي شركة فرنسية تملك الدولة معظمها وتعمل في مجال الدفاع والطاقة، فازت بالعقد في عام 2016 لتصميم الغواصات للبحرية الأسترالية.
أما الاتحاد الأوروبي، فقال على لسان المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو إن "الاتحاد لم يتبلّغ بشأن هذا المشروع أو هذه المبادرة، ونحن على تواصل مع الشركاء هؤلاء لمعرفة المزيد”. وتابع: "وبالطبع سيتعيّن علينا أن نناقش هذا الأمر ضمن الاتحاد الأوروبي مع دولنا الأعضاء لإجراء تقييم للتداعيات”. كما شدّدت المتحدثة باسم المفوضية، دانا سبينانت، على أن التحالف الجديد "لن تكون له تداعيات” على العلاقات مع الدول الثلاث.
من ناحية أخرى، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس الخميس، إنه يتفهم حجم الإحباط الفرنسي بسبب خسارة الصفقة. وكان عقد كبير بين أستراليا وشركة فرنسية لبناء أسطول مكون من 12 غواصة، قد أُلغي بعد انضمام كانبيرا إلى شراكة ثلاثية مع لندن وواشنطن.
وفي وقت لاحق أمس، سعى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تهدئة حالة التوتر، في ظل الانتقادات التي تم توجيهها للتحالف الأمني المعروف باسم "أوكوس”. وقال جونسون، ردا على أسئلة في مجلس العموم الخميس، إن "أوكوس/لا يقصد أن يكون معاديا لأي قوة أخرى”، مضيفا أنه ليس إلا انعكاسا للعلاقة الوثيقة بين الدول الثلاث، "والقيم المشتركة التي لدينا، ومستوى الثقة المطلق بيننا، الذي يمكّننا من الوصول إلى هذه الدرجة الاستثنائية لمشاركة التكنولوجيا النووية”.
وشدد قادة الدول الثلاث على أن أستراليا لن تحوز أسلحة نووية لكن ستستخدم أنظمة دفع نووية للسفن للحماية من التهديدات. وقال بايدن: "نقر جميعا بالأهمية القصوى لضمان السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي على المدى الطويل”، بينما أكد موريسون أن أستراليا ستفي بكل التزاماتها إزاء منع الانتشار