الأحد 24 تشرين الثاني 2024

انسحاب أميركا من أفغانستان فخ لروسيا والصين أم مقامرة استراتيجية؟

بعد عقدين من الغزو الأميركي لأفغانستان، ها هي إدارة الرئيس جو بايدن تقرر الانسحاب من هناك مرة وإلى الأبد، في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
لماذا تنسحب واشنطن في هذا التوقيت؟
علامة استفهام مثيرة للجدل، وتحمل الإجابة عنها كثيراً من الرؤى  الآنية والاستشرافية دفعة واحدة، منها ما يتعلق بتوجهات الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة، وبعضها يتقاطع مع التحركات الجيوسياسة في شرق آسيا، وأخرى تختص بأوضاع أميركا الداخلية وإعادة ترتيب الأولويات.

ولعله منذ أن أعلن الرئيس بايدن قرار الانسحاب والجدل الأميركي الداخلي يفتح مسارات للنقاش حول الأمر، وهل هو فعل استراتيجي خلاق يبغي تعزيز مستقبل القوة الأميركية والهيمنة حول العالم، أم أنه مقامرة استراتيجية، تصل إلى حد الكارثة إن اكتمل ذلك الإنسحاب.
كثير من النقاط المشتعلة نحاول إثارتها في هذه الأسطر، وهي ليست جامعة مانعة، بل تدفع للتفكير في ماورائيات المشهد الأفغاني.
لا بقاء للأبد
أفضل من تناول الشأن الأميركي من الكتّاب والمؤلفين الأميركيين، يأتي سيث جي جونز، في عمله الرائع "في مقبرة الإمبراطوريات: حرب أميركا في أفغانستان"... ما الذي يقصه على قرائه؟
خلاصة هذا السفر الكبير، هي أن أفغانستان وبعد رصد تاريخي، هي مقبرة الإمبراطوريات، من زمن الرومان الذين غزوها عام 339 قبل الميلاد، مروراً بالغزو البريطاني، ثم السوفياتي، وصولاً إلى الأميركي، وفي جميعها كانت النتيجة واحدة، انسحاب القوى الغازية، فالأرض بجبالها وسهولها، كانت ولا تزال تحارب مع أصحابها، كما أن الشخصية الأفغانية، يصعب تماهيها مع المحتل الخارجي.
والثابت أنه في عام 1986 تساءل الزعيم السوفياتي، ميخائيل غورباتشوف، خلال اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي بالقول "هل سنبقى هناك للأبد، أم ينبغي علينا إنهاء هذه الحرب؟"، ويبدو أنه أجاب عن تساؤله بنفسه، حين شدد على أن أي خيار آخر غير الانسحاب يعني مزيداً الصعيد المالي أكثر من نصف تريليون دولار، أي عشرة أضعاف التكلفة الروسية،  عطفاً على 3200 قتيل، ونحو 20 ألف جريح.
على أن التساؤل الجدير بنا طرحه هو، هل حقق الغزو الأميركي لأفغانستان أهدافه بعد 20 سنة؟ وإذا لم يكن الهدف قد تحقق قولاً وفعلاً، فما معنى ذاك الذي جرى منذ عام 2001 وحتى 2021؟ لنؤجل الجواب قليلاً ولنولي أنظارنا شطر الداخل الأميركي وقراءة في أسباب الانسحاب.
الانسحاب... انتصار رؤية الانعزاليين 
حكماً لا يعزى قرار الانسحاب بالمطلق للرئيس بايدن، فقد وضع الرئيس الأسبق دونالد ترمب جذور الانسحاب، وهو من رفع راية أميركا أولاً، رافضاً أن تكون واشنطن شرطي العالم.
حين تسلم بايدن قيادة الولايات المتحدة، كان أمامه خيار من ثلاثة خيارات:
الأول، هو الالتزام ببنود الاتفاق الذي وقعه سلفه، وهو ما يعني سحب باقي القوات الأميركية وقوامها نحو 2500 جندي، من أفغانستان بحلول أول مايو (أيار) المقبل.
الثاني، الدخول في مفاوضات مع طالبان للسماح بمد مهلة بقاء القوات الأميركية وباقي قوات التحالف لعدة أشهر أخرى.
الثالث، هو التملص تماماً من القرار الذي وقعه ترمب، ومواصلة  العمليات العسكرية.
اختار بايدن أن يبدأ الانسحاب في أوائل مايو وينتهي في سبتمبر، وفي المحصلة النهائية انتصر رأي الانعزاليين، إذ لم يعد ما يجري خارج الولايات المتحدة يهم إلى درجة الانخراط العسكري، فواشنطن  التي تعيش اليوم مرحلة دفع أكلاف فرط الامتداد الإمبراطوري، باتت مهمومة بل محمومة بجائحة أنهكت اقتصادها، وبلغ الدين العام الخارجي نحو 27 تريليون دولار، فيما الخسائر البشرية بلغت نحو نصف مليون ضحية، و30 مليون مصاب.
كانت أفغانستان مستنقعاً شديد القسوة وحلت فيه أقدام العملاق الأميركي النحاسية، وعلى الرغم من أنها لم تتحطم، كما جرى مع سابقه السوفياتي، الذي كانت قدماه من فخار، إلا أن صدأ كثيراً قد علق بها أدبياً ومادياً، ما شكل مخاوف جدية على مستقبل الإمبراطورية الأميركية بشهادة الأميركيين أنفسهم. كيف ذلك؟
جنرالات وسياسيون... لا للانسحاب 
لا يبدو أن هناك توافقاً واضحاً في الداخل الأميركي حول الانسحاب، بخاصة بين جنرالات البنتاغون، الأكثر دراية بما جرى ويجري على الأرض هناك، وبين إدارة بايدن، والعهدة هنا على شبكة "سي أن أن" الأميركية، التي رصدت في تقرير لها اعتراضات واضحة من قبل عدد كبير من الرتب العسكرية الأميركية المتقدمة.
وعلى الرغم من إصدار البيت الأبيض تصريحات ينفي فيها اعتراض قيادات البنتاغون على قرار الانسحاب النهائي من أفغانستان، إلا أن تأكيده أن القرار صدر من جانب الرئيس بعد الاستماع لوجهات نظر العسكريين والسياسيين، يشير بوضوح إلى وجود ذلك الاختلاف في وجهات النظر.
لم يختلف عدد من السياسيين الأميركيين من أصحاب الحيثية كثيراً عن نظرائهم من العسكريين، فعلى سبيل المثال أصدر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، بياناً وصف فيه قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان "بالخطأ الضخم"، في إشارة واضحة إلى أن قرار بايدن لا يحظى بإجماع داخل أروقة صنع القرار سياسياً وعسكرياً.
بدوره، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إنه يختلف تماماً مع قرار بايدن، لأن أفغانستان مكان معقد وخطير.
لماذا يخشى البعض من الانسحاب؟
يبدو أن اختيار الرئيس الأميركي بايدن للجنرال لويد أوستن، ليكون وزيراً للدفاع، لم يتأت من فراغ، فالرجل كان قائداً للقوات الأميركية  في العراق، وبارك قرار الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2011 بالانسحاب من هناك، كما أشرف أوستن على عملية الانسحاب بشكل جيد.
لكن عملية الانسحاب في عيون كثيرين تجعل من أفغانستان بؤرة خطر عالمية غير طبيعية، من خلال صحوة طالبان، وإعادة انتشار القاعدة وكوادرها، عطفاً على المد الداعشي الباحث عن موطئ قدم في منطقة مهترئة أمنياً، وفي ظل حكومة كابول غير المسيطرة على  المشهد التي لا يتوقع لها أن تفعل في المدى المنظور.

وصل الأمر بالرافضين لسيناريو الانسحاب، إلى حد التحذير بأن هجوماً آخر على غرار 11 سبتمبر 2001 يمكن أن تشهده الولايات المتحدة، والعهدة هنا على الراوي، السيناتور غراهام، الرجل الذي لا يثق في طالبان، ويدرك كيف ستستفيد القاعدة وتنظيم "داعش" من قرار بايدن.
نقرأ في وثيقة الأمن القومي الأميركي، التي صدرت في يناير (كانون الثاني) الماضي في واشنطن، كيف أن الإرادة السياسية  لضمان عدم استعادة طالبان السلطة وعدم احتفاظ تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى بملاذات آمنة في أفغانستان تظل غائبة  عبر الطيف السياسي الأميركي.
والمعروف أن العلاقات بين طالبان والقاعدة قوية كما كانت دائماً، بل إن طالبان اليوم أقوى من أي وقت مضى منذ 11 سبتمبر، ولا تزال القاعدة تشكل تهديداً قوياً للولايات المتحدة. في هذا الإطار، يدرك المنظرون الأميركيون أن الهدف النهائي لجماعة طالبان هو العودة إلى السلطة، واستعادة إمارة أفغانستان الإسلامية (الاسم الرسمي لحكومتهم بين عامي 1996 و2001)، وفرض شريعتهم القاسية على الشعب الأفغاني.
وصدر أكثر من تقرير عن الاستخبارات المركزية الأميركية في الأسابيع الأخيرة، يلفت الانتباه إلى إشكالية خطيرة تجعل قضية الانسحاب من أفغانستان، عقبة كؤوداً في طريق الأمن القومي الأميركي.
لذلك فإن الحديث عن الانسحاب يأخذنا في طريق الحديث عن استراتيجيات أميركية ماورائية، يمكن للبعض أن يعتبرها ضرباً من ضروب المؤامرات الأميركية المستمرة والمستقرة حول العالم.
ماذا عن ذلك؟
هل المقصود عودة طالبان مرة أخرى؟
يتخفى وراء ضجيج فكرة الانسحاب الأميركي من أفغانستان خطب جلل، لا يمكن فهمه، إلا في ضوء علاقة الإسلام السياسي، بأوجهه المتعددة، الأيديولوجية منها والعسكرية، بالولايات المتحدة الأميركية، التي ترفض حتى الساعة توصيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
لا يغيب عن ناظري المراقبين للمشهد الأفغاني تاريخياً أن الولايات المتحدة هي حاضنة طالبان بشكل أو بآخر أيام الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، وإن انقلبت عليها في اليوم التالي لخروج السوفيات.
هنا يتساءل البعض، هل من مصلحة ما للولايات المتحدة لإعادة إحياء طالبان، وتسخيرها بشكل غير مباشر من أجل تحقيق رؤية استراتيجية أميركية للقرن الـ21؟
أكثر من مرة، وفي قراءات متقدمة سبقت الإشارة إلى أن معركة واشنطن الحقيقية في آسيا الشرقية، هناك حيث الدب الروسي القادر على القفز بسهولة ويسر، وكأنه أضحى ثعلباً رشيق الخطى، يجاوره التنين القادم والقادر على التهام العالم نقدياً اليوم ونووياً في الغد.
لم يغب عن أعين الجميع أن طالبان حركة عقدية، تؤمن بامتلاك الحقيقة المطلقة، ولا تثق بالآخر، وهذا ما قد يجعلها مفيدة في أعين واضعي استراتيجية القرن الأميركي مرة أخرى.
فشلت استراتيجية الربيع العربي في تصعيد أصوليات إسلاموية تلتهم الشرق الأوسط، وربما الخليج العربي، إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وقد كان هدف واشنطن الرئيس من ورائها، تصعيدها في مرحلة تالية لتقوم بتفكيك وتفخيخ الصين وروسيا من الداخل، الأمر الذي أدركه فلاديمير بوتين، وبسرعة شديدة قرر مواجهة "الدواعش" على الأراضي السورية. فهل يجيء الانسحاب الأميركي ليحيي دولة طالبان من جديد بهدف إشغال الروس، وإدخالهم في دائرة الصراع مع الجار، لا سيما أن الحرب الأهلية في غالب الأمر ستكون مآل أفغانستان بعد اكتمال الانسحاب الأميركي؟
روسيا والصين ونصيحة "البطريرك كيسنجر" 
في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، منتصف أبريل (نيسان) الحالي، بشأن الانسحاب الأميركي، نجد خلاصة مفادها أن "الرئيس جو بايدن اتخذ قرار الانسحاب، ضمن عملية تسعى لإعادة ترتيب أولويات أهداف السياسة الخارجية الأميركية"، وأن سيد البيت الأبيض يعيد توجيه تمويل الحرب نحو الاهتمامات المحلية... ومن بين الأهداف الأخرى  التركيز على التحديات التي تأتي من روسيا والصين.
ولعل مجمع الاستخبارات الأميركية لا تخفى عليه خطوات تعميق العلاقات التي تجري بسرعة شديدة بين روسيا والصين، بخاصة في ظل المحاولات الأميركية الحثيثة للتدخل في أوكرانيا أخيراً مرة جديدة.
تحت عنوان "ثورة ملونة في الصين"، نشرت "أوراسيا ديلي" مقالاً حول تخوف القيادة الصينية من ثورة ملونة ترعاها واشنطن في البلاد، ودعوة موسكو للعمل معاً ضد هذه الثورات.
تعني سطور المقال المتقدم أن هناك خطوات سريعة تجري على  الأرض لتوافق روسي صيني في مواجهة واشنطن، الأمر الذي أعاد إحياء مبدأ وجد منذ أيام الحرب الباردة، يتلخص في أن "مصلحة الولايات المتحدة تتطلب منع حدوث تقارب كبير بين موسكو وبكين".

من بين وسائل الإعلام الدولية التي تنبهت لمثل هذا التوافق القائم والقادم، كانت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الشهيرة، التي استحضرت من عمق تفاعلات الحرب الباردة، نصيحة جيوسياسية تركها بطريرك السياسة والدبلوماسية الأميركية هنري كيسنجر لقادة  الولايات المتحدة في المستقبل، وهي "يجب أن تبقى روسيا منفصلة  عن الصين".

هنا يمكن أن يبدو السيناريو الأفغاني كالتالي، الانسحاب العسكري الأميركي، ثم ترفيع طالبان بطريق غير مباشر، مع غض البصر عما تجري به الأقدار هناك، والتذرع بالاهتمام بأولويات أميركا الداخلية، في حين تبقى الإرادة الأميركية الحقيقية موصولة بتوريط روسيا مع طالبان عبر إحياء ضغائن الماضي، والوقيعة بين موسكو وبكين على أرض أفغانستان، انطلاقاً من تعزيز مخاوف الروس من السيطرة الصينية البادية على المشهد الأفغاني.

الصين والهيمنة على المجال الأفغاني

لم تكن الصين بعيدة يوماً عما يجري على الأراضي الأفغانية المجاورة لها، وقد سارت على درب كونفوشيوس هناك، بمعنى أن كسب معركة من غير حرب، أفضل من 100 معركة لتحقيق انتصار.

لاحظت الصين ميزان الانتباه العسكري، والقوة الأميركية الضخمة هناك طوال عقدين، ولهذا عملت جاهدة على إضعاف النفوذ الأميركي بأكثر من طريق.

ليس سراً أن الصين نسجت خيوطها في أفغانستان منذ الغزو السوفياتي، والشهادة هنا تأتي على لسان لورنس فرانكلين، مدير مكتب إيران لوزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، فقد زودت المسلحين الأفغان بأسلحة عبر باكستان وقتها، وفي عام 2000 التقى السفير الصيني في باكستان زعيم حركة طالبان الملا عمر في قندهار.

الأكثر دعماً للشكوك في الانسحاب الأميركي، هو أن الصين وبحسب ما سطره فرانكلين، عبر موقع "غيتستون"، لا تزال تزود طالبان بالأسلحة، والمفاجأة هذه المرة أن تلك العمليات تجري من خلال إيران.

أما الجانب الآخر من الغزو الصيني الناعم لأفغانستان فيتمثل في التدفقات المالية والاستثمارية من فوائض رؤوس الأموال الصينية إلى الداخل الأفغاني، فقد حصلت الصين على حق الانتفاع من ثلاثة حقول نفطية منفصلة في ولايتي سار بول وفاريات، واستثمرت بقوة في استخراج النحاس وخام الحديد من أفغانستان.

عيون الصينيين مفتوحة تماماً على ثروات أفغانستان الطبيعية الأخرى من المواد المعدنية النادرة مثل السيريوم والليثيوم والنيوديميوم واللانثايوم، ولهذا تقول الأرقام التي رصدتها وكالة الأنباء الصينية، "شينخوا"، أن ما تتطلع بكين إلى استثماره في أفغانستان يصل إلى تريليون دولار.

هل سيقبل الدب الروسي بهذه الوضعية؟

الجواب حكماً يقودنا إلى الجانب المظلم في قصة الانسحاب التي يدفعنا التسلسل التاريخي للأحداث، إلى التساؤل ختاماً ولو في عجالة عن محصلتها أميركياً بعد عقدين كئيبين، وقادم أكثر خطورة وإثارة. 

حساب الحقل وأكلاف الحصاد 

يحتاج الحديث عن حساب الحصاد الأميركي في أفغانستان عبر هذه الفترة الزمنية الطويلة، إلى قراءة قائمة بذاتها، غير أن لمحة سريعة تبين لنا أن هناك خسارة حقيقية حلقت فوق سماوات الإمبراطورية الأميركية من جراء غزو أفغانستان.

فشلت الرؤى الأميركية في تحقيق أي تقدم سياسي على الأرض بين الجماعات الأفغانية المتناحرة، وعلى الرغم من براعة الأميركيين في مجال الأبحاث ومراكز الدراسات، إلا أنه قد فاتهم أمر حيوي، وهو أن الصراع لا يستقيم بين المطلق والنسبي، فطالبان تنطلق من رؤى ثيولوجية، وواشنطن لا تفهم إلا المواجهات العسكرية النسبية، لهذا  فإن أي حديث عن نقطة التقاء بين الجانبين، هو ضرب من ضروب إنكار الحقيقة.

ترحل واشنطن وتترك من خلفها حكومة حليفة، قد يكون نصيبها مشابه لحكومة نجيب الله التي كانت موالية للسوفيات في كابول من قبل، وبهذا تفتح الطريق للتناحر القبلي والأهلي، وعليه فلا ديمقراطية تحققت، ولا ترقية لأمة متألمة جرت، فيما تبقى الفئات المستضعفة وفي المقدمة منها النساء والأطفال في مهب الريح.

من بين المتسائلين عن أكلاف الرحيل يأتي الشركاء في حلف الناتو، وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد حاول طمأنتهم، بالقول "لقد دخلنا معاً وسنرحل معاً"، إلا أن ذلك لن يمنع التساؤل ما الذي كسبته الأطراف الأوروبية طوال 20 عاماً.

يراقب العالم من بعيد الانسحاب من أفغانستان وعلى اللسان تساؤل بطعم المرارة، ومذاق العلقم، هل نجحت حرب الولايات المتحدة الأميركية على الإرهاب، لا سيما بعد أن استخدمت واشنطن المطرقة  في هش الذباب كما يقال؟

ربما لهذه ولغيرها من الأسباب صرح عضو مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري جيم إينهو بأن هذا "قرار طائش وخطير".

ذات مرة وفي وسط أزمة الحرب العالمية الثانية، صرح رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، بالقول إن "أميركا قد تتأخر في فعلها، لكنها في النهاية، سوف تفعل ما هو صواب".

هل يتعين على تشرشل أن يراجع مقولته هذه في حاضرات أيامنا؟