النهار الاخبارية - وكالات
أصدرت لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية ببلدية القدس إعلاناً احتفالياً بالموافقة النهائية على بناء مجمع السفارة الأمريكية في المدينة، لكن واشنطن لم تؤكد بعدُ أنها ستقيم سفارتها في الموقع المحدد، لا سيما أن ملكية الموقع متنازع عليها، وقد دفع فلسطينيون، منهم حاملون للجنسية الأمريكية، بملكيتهم للأرض، واتهموا إسرائيل بأنها صادرتها بطرق غير قانونية [قانون أملاك الغائبين الذي شرعن الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي هُجر أصحابها عنها بعد النكبة]، وذلك وفق ما نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية في تقرير لها الخميس 22 يونيو/حزيران 2023.
كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد نقلت السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في عام 2018. ويعمل موظفو السفارة حالياً من مبنى أُقيم في الأصل ليكون قنصلية في "حي أرنونا" بالمدينة. وعلى بعد كيلومتر من هذا المكان يقع "مجمع اللنبي"، وهي قطعة أرض كبيرة مفتوحة بالقرب من طريق الخليل. وقد بدأت إسرائيل خطتها الأولى لبناء سفارة أمريكية بهذا الموقع في التسعينيات، ثم خصصت الأرض لبناء المجمع الدبلوماسي.
التخطيط لبناء مقر للسفارة الأمريكية في القدس
بعد إعلان ترامب نقلَ السفارة الأمريكية إلى القدس، بدأ الأمريكيون، بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، في التخطيط لبناء مقرٍ دائم للسفارة على قطعة الأرض. لكن الأمريكيين واصلوا في الوقت نفسه التفكير في توسيع مقر القنصلية بحي أرنونا.
في وقت سابق، وافقت لجنة التخطيط المركزية بالقدس على خطة بناء السفارة في مجمع اللنبي، بحيث يتضمن المقر مبنى من 10 طوابق، وبجواره مبنى سكني من أربعة طوابق. ويمتد مخطط المجمع على 7.7 فدان من الأرض، ومساحة بناء تبلغ 53 ألف متر مربع.
في المقابل، وعلى الرغم من المضي في التخطيط لبناء المقر في السنوات الأخيرة، تضغط مجموعة من العائلات الفلسطينية على الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في خططها لبناء السفارة في مجمع اللنبي. وتقول العائلات الفلسطينية إن الأرض ملك لهم، وقد قدموا مستندات تثبت هذه الملكية. وينتمي المحتجون على بناء السفارة بهذا الموقع إلى ممثلين عن بعض أبرز العائلات في المجتمع الفلسطيني المقدسي، مثل عائلات حبيب، وقليبو، والخالدي، ورزاق، والخليلي.
تشمل الوثائق التي قدمتها العائلات الفلسطينية عقود إيجار موقعة بينها وبين سلطات الانتداب البريطاني، التي بنت ثكنات عسكرية -كانت تُعرف آنذاك باسم ثكنة اللنبي- في الموقع. وتنص عقود الإيجار على أن يدفع الانتداب البريطاني للملاك الفلسطينيين نحو 30 ليرة مقابل كل ألف متر مربع يستخدمه من الأرض في العام. لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية نقلت في عام 1950 ملكية الأرض -مثل جميع الممتلكات في القدس الغربية التي هجرها اللاجئون الفلسطينيون خلال النكبة- إلى وصاية دولة الاحتلال بمقتضى قانون أملاك الغائبين.
أرسلت العائلات في نوفمبر/تشرين الثاني، خطابَ احتجاج إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وقدَّمت الوثائق التي تثبت ملكيتها للأرض. وكتبت المحامية سهاد بشارة من مركز "عدالة" الحقوقي: "إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في تنفيذ هذه الخطة، فهي لن تكون متواطئة فحسب في مصادرة إسرائيل غير القانونية لأراضٍ مملوكة لفلسطينيين، بل ستصبح ضالعة كذلك في مصادرة الأراضي من مواطنين أمريكيين".
مراكز حقوقية ترفض بناء مقر للسفارة الأمريكية في القدس
تضمنت قائمة الموقعين على الخطاب: "مركز عدالة" القانوني المعني بالدفاع عن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل؛ وديالا شماس من "مركز الحقوق الدستورية"، وهي منظمة أمريكية لحقوق الإنسان.
قبل نحو أسبوعين، ردَّت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، على بشارة بخطابٍ قالت فيه إن الإدارة الأمريكية لم تقرر بعدُ مكان بناء السفارة الجديدة، وقد تعتمد في إقامة المقر على التوسع في المجمع الحالي بحي أرنونا. وكتبت ليف: "قبل أن تتخذ الولايات المتحدة أي قرار بشأن الأمر، ستعتني بالنظر في عدة عوامل، منها تاريخ كلا الموقعين".