النهار الاخبارية - وكالات
وسط نزيف اقتصادي مستمر، وأزمات اجتماعية متفاقمة، صدر اليوم الثلاثاء، بالجريدة الرسمية اللبنانية قانون موازنة العام 2022، على وقع انهيار تاريخي في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي في السوق الموازية.
القانون الذي دخل حيز التنفيذ بعد انتهاء فترة رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي لم يوقعه خلال رئاسته للدولة، يعد أحد مطالب صندوق النقد الدولي، من أجل المساهمة في تخطي أزمته الاقتصادية والمالية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية إصدار قانون الموازنة العامة للبنان، ومدى إمكانية أن تسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية والنقدية وارتفاع الأسعار على المواطنين، وكذلك وقف انهيار سعر صرف الليرة.
واقع متخبط
اعتبر زياد ناصر الدين، الباحث الاقتصادي اللبناني، أن قانون الموازنة العامة الذي دخل حيز التنفيذ رغم عدم توقيعه من الرئيس ميشال عون، المنتهية ولايته نهاية الشهر الماضي، يأتي من أجل تنظيم المالية العامة للدولة، لكنه لن يساعد في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية.
وبحسب حديثه ، فإن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان كبيرة جدا، خاصة في ظل انهيار متعدد الأبعاد، ولبنان أمام مشكلة كبيرة تتعلق بانهيار سعر الصرف، وبالتالي هناك تكلفة مرتفعة للواقع الاجتماعي، مع غياب الاستثمارات وخطط الإنقاذ، وعدم إقرار قانون الكابيتال كونترول، والخلافات السياسية التي تنعكس على الاقتصاد بشكل كبير.
وأكد زياد ناصر الدين أن هناك تخبطا كبيرا في السياسة النقدية للبنان، الذي يعتمد على أكثر من سعر صرف، مع ضعف في الواقع الإنتاجي للقطاع العام، معتبرا أن هناك توجها لمحاولة جعل رواتب القطاع العام تأخذ مدى للصمود، لكن المشكلة اليوم في اقتصاد لبنان الذي يتحكم في فيه المحتكرون والمضاربون، مما يثير المخاوف من ارتفاع الأسعار تحت هذه العناوين.
وأوضح أن سعر الصرف الرسمي لن يبقى كما هو عليه، بل سيتحرك بشكل أكبر، وهذا سيرتبط بموضوع الدولار الجمركي وسيكون له انعكاسات لاحقة على ارتفاع الأسعار، معتبرا أن هذه الظروف جزء من التخبط الاقتصادي والصراع الداخلي غير المضبوط في لبنان.
وقال ناصر الدين إنه كلما تأخر لبنان في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة بصلاحيات كاملة، ووضع خطط إنقاذ للاقتصاد، كلما دفع ثمنه الواقع الاجتماعي من الناحية الاقتصادية والنقدية.
أزمة النفقات
وفي هذا السياق، قال عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن الموازنة العامة للدولة، صدرت اليوم في الجريدة الرسمية وأصبحت نافذة بعد مرور شهر من تحويلها لرئاسة الجمهورية وعدم توقيعها وإصدارها، لكن هذا الموازنة لها جانبين ككل الموازنات، أولهما هو جانب الواردات والآخر هو جانب النفقات، وقد تم الاتفاق على زيادة النفقات في مقابل زيادة الواردات عبر عامل أساسي وهو رفع سعر صرف الدولار الرسمي إلى 15 ألف ليرة فيما لا يزال اليوم على سعر نحو 1500 ليرة.
وبحسب حديثه، فإن هذا الرفع كان سيؤدي إلى زيادة الواردات الجمركية والضريبية والتي يتم احتسابها اليوم على سعر 1507 ليرة تقريبا، مضيفا: "لذلك تم إصدار موازنة عرجاء، شهدت زيادة النفقات وفي المقابل لم يتم زيادة الواردات بطريقة يمكن من خلالها تغطية كامل النفقات، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من العجز والتضخم في الموازنة، نتيجة لطباعة المزيد من العملة الوطنية لتغطية هذا العجز".
وأوضح عماد عكوش أن هذه التحركات تعني أن أي زيادة تم صرفها للموظفين في القطاع العام سيتم سحبها عبر هذا التضخم، مشددا على ضرورة تصحيح هذا الواقع الاقتصادي المؤلم.
وقال عكوش: "نحن ذاهبون إلى مزيد من انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية، وهذه الموازنة لن تحقق المأمول منها بتصحيح الخلل في القطاع العام وعودة الخدمات للمواطنين".
ويتضمن قانون الموازنة رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة لبنانية إلى 15 ألف ليرة لبنانية، وإعطاء رواتب للعاملين في القطاع العام ضعفين على الراتب الأساسي.
وتعتبر زيادة رواتب موظفي القطاع العام استثنائية ومحددة لثلاثة أشهر فقط، لحين معالجة موضوع الرواتب، وفي المقابل فإن متوسط دخل الفرد في القطاع العام لا يتجاوز المليوني ليرة، ومع الزيادة فإن الراتب لن يتخطى الـ 150 دولار أمريكي وهو راتب متدن للغاية وسط ارتفاع تكاليف المعيشة في لبنان.
ووقعت بيروت مسودة اتفاق مع صندوق النقد في أبريل/ نيسان الماضي، لكنها تمضي ببطء في تطبيق سلسلة من الإصلاحات التي يطلبها الصندوق لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق.
وأخفق البرلمان اللبناني في جلسته الخامسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.