الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

هل تستطيع اسرائيل الانتصار على حزب الله



النهارالاخباريه  محمد حسين كاتب  

التصريح الذي أدلى به وزير الأمن، يوآف غالانت، في حديثه مع جنود وقادة عسكريين عند الحدود مع لبنان، حول نقل مركز ثقل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان وإمكانية شن هجوم برّي على حزب الله قريبًا، هو تصريح مثير للقلق. وكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة أركان الجيش، هرتسي هليفي، قد أطلقا تصريحات مماثلة في الفترة الأخيرة.
 هؤلاء الثلاثة لم يوفوا بأي من تعهداتهم بشأن أهداف الحرب في قطاع غزة.
 وأول تلك الأهداف هو "القضاء على حماس وتحرير المخطوفين"، لكن الواقع هو أن حركة حماس تسيطر اليوم على جميع أنحاء قطاع غزة، على مدينة الأنفاق وعلى السكان في مختلف مجالات الحياة، ولا يملك الجيش الإسرائيلية أية طريقة للقضاء على هذه السيطرة، رغم أن هذه الحركة أضعف مما كانت عليه في الماضي بكثير.
 لقد فقد استمرار القتال أية فاعلية ومن شأن حرب الاستنزاف أن تدمر كل ما تبقى سالمًا حتى الآن: في الاقتصاد، في العلاقات الدولية، في المناعة الاجتماعية وفي دافعية الجنود المحاربين.
 كثيرون من محاربي الاحتياط يرفضون التجند للخدمة العسكرية مرة أخرى وأخرى.
وسط تجاهل هذه المعطيات الخطيرة، يخطط نتنياهو، غالانت وهليفي لشن هجوم بري ضد حزب الله في لبنان. 

هجوم قد يشكل ضربة قاضية ونهائية بالنسبة لإسرائيل. فالجيش الإسرائيلي، الذي لم يكن قادرًا على القضاء على حماس، لن يكون قادرًا بالتأكيد على القضاء على حزب الله، الذي تفوق قدرته قدرات حماس بمئات الأضعاف.
بما أن القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي قد قلّصت سلاح البرية بنسبة 66 بالمائة من إجمالي قوته كما كانت قبل 20 سنة، فليس ثمة قوات كافية للبقاء فترة طويلة في المناطق التي احتلّها؛ ولا قوات كافية لاستبدال القوات المُحارِبة. ولذلك، يضطر الجيش الإسرائيلي إلى إخلاء مناطق كان قد أنجز احتلالها، كما حصل في قطاع غزة وكما سيحصل في لبنان. لا فائدة من احتلال مناطق ثم الاضطرار على إخلائها، لأن حزب الله سوف يعود إليها على الفور، من جديد.

المشكلة الأساسية في الهجوم البري ضد حزب الله هو أنه قد يتطور إلى حرب متعددة الجبهات، يتخللها إطلاق آلاف الصواريخ، القذائف والطائرات المسيّرة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وستندلع حرب على خمس جبهات برية، على الأقل: لبنان، هضبة الجولان، يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، انتفاض متطرفين في داخل إسرائيل، دخول قوات موالية لإيران من الحدود الأردنية، إضافة إلى استمرار القتال في قطاع غزة. كل القوات البرية، تقريبًا، سوف يتم تركيزها في الشمال لغرض الحرب مع حزب الله، وعندئذ لن تتبقى قوات للدفاع في القطاعات الأخرى. وستكون صورة الجيش الإسرائيلي في العالم عندها كجيش يفتقر إلى العامود الفقري وإلى القدرات.

تتمثل المأساة الكبرى، التي يبدو أن كثيرين لم يستوعبوها ولم يفهموها بعد، في حقيقة التدهور الحاصل في الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الـ 20 الأخيرة، وهو ما لا يمكّنه من تحقيق الانتصار في الحرب. تصريحات نتنياهو، غالانت وهليفي تستند على قدرات غير متوفرة. وهذه التصريحات هي مجرد ذرّ للرماد في أعين الجمهور وهي تعرّض مجرد وجودنا للخطر وقد أدت، حتى الآن، إلى تحطم الصفقة التي كان من المفترض أن تؤدي على تحرير المخطوفين وإنهاء الحرب ـ الطريق الوحيد للخروج من المضيق إلى الفضاء الرحب. 

وقد حذّر مسؤول أمريكي رفيع، يدرك حقيقة وضع إسرائيل أكثر من هؤلاء الثلاثة، من مغبة اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله وأشار إلى أن التصعيد قد يسفر عن نتائج "كارثية وإسقاطات غير متوقعة". وقال أيضًا إنه بالإمكان منع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، لكن إذا ما اندلعت فعلًا فسيكون ثمنها باهظًا لكلا الجانبين. "سيموت الآلاف، وربما عشرات الآلاف. ستلحق أضرار فادحة بالبنى التحتية. لن يستطيع طرفكم (إسرائيل) القضاء على حزب الله بسهولة، ويبدو أنه لن يستطيع تحقيق معظم أهدافه. وستستمر الحرب وقتًا طويلًا وسيموت خلالها كثير من الناس في الجانبين. سكان الشمال الإسرائيليون لن يعودوا إلى بيوتهم بالسرعة المتوقعة وفي نهاية المطاف سوف تنتهي مثل هذه الحرب باتفاقية عُرِضَا خطوطها الأساسية في وقت ابق. لذلك، نحن نسعى للتوصل إلى هذه الاتفاقية الآن .