الأربعاء 25 أيلول 2024

ميقاتي يتفاجأ وعون يستغرب .. والحكومة إلى ربع الساعة الأخير


النهارالاخباريه – بيروت 
إشتعل السجال مجدداً على جبهة التأليف الحكومي ولكنه جاء هذه المرة مباشراً بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي عبر مكتبيهما الاعلاميين، ولم تشارك فيه المصادر القريبة ولا الزوار ولا «التيار». ففيما كان ميقاتي ينتظر من عون ان يسمّي الوزيرين البديلين لوزارتي الاقتصاد والمهجرين حسبما انتهى اللقاء الرابع بينهما امس الاول ليُصار الى اجتماع خامس لعله يستولد الحكومة، فوجئ بما نقله رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم عن عون واعطى انطباعاً مفاده ان اي تقدّم لم يحصل على مستوى التأليف، كذلك تفاجأ ميقاتي حسبما توافَر لديه من معطيات في ان بياناً مكتوباً أُعِدَ مسبقاً وطُلِب من كرم ان يتلوه بعد اللقاء من على منبر القصر الجمهوري، وهو الامر الذي نفاه القصر لاحقاً بعد صدور بيان «الاستغراب» من مكتب ميقاتي. 

وقالت مصادر معنية بالتأليف ان هذا السجال زاد من المخاوف على مصير التأليف، فالمتشائمون اكدوا ان الحكومة لن تولد وانّ البلاد ذاهبة الى البقاء في عهد حكومة تصريف الاعمال سواء انتخب رئيس جمهورية جديد في المهلة الدستورية او لم ينتخب، فيما المتفائلون قالوا ان التأليف سيحصل ولكن سيتأخر الى الايام الاخيرة من موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول المقبل.

بَدا خلف السجال ان مواقف المعنيين بالتأليف لم تتبدل فرئيس الجمهورية ما زال يصر عل توسيع الحكومة الحالية بضم ستة وزراء دولة سياسيين اليها ليُتاح له توزير رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والوزير السابق سليم جريصاتي وربما لا يمانع عندها في تغيير وزيري الاقتصاد والمهجرين امين سلام وعصام شرف الدين. فيما ميقاتي يتمسّك بإعادة تأليف حكومته الحالية وتغيير سلام وشرف الدين فقط من بين وزرائها، وربما يقبل بتغيّر وزير ثالث اذا ارتأى عون او غيره ذلك شرط ان لا يخلّ أي تغيير في التوزير بالتوازن الموجود فيها والذي كان قد ارتضاه الجميع عند تأليفها. 
لا خيارات إلا المغادرة
لكن مرجعا سياسيا بارزا قال لـ«الجمهورية» ان ليس امام عون اي خيارات سوى مغادرة القصرالجمهوري في حال تعذّر انتخاب خلف له ضمن المهلة الدستورية. اذ لا يمكنه دستورياً البقاء في القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته متذرعاً بأن حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، فهذا الامر لا نص دستورياً يُجيزه، وتاليا لا يمكن احد القبول به فالبلاد ليست في ظروف مشابهة للعام 1988 والدستور الحالي المنبثِق من «اتفاق الطائف» هو غير دستور ما قبله حيث لا يُجيز لرئيس الجمهورية المنتهية ولايته البقاء في سدة الرئاسة لأي سبب ولا الذهاب الى تشكيل حكومة مدنية او عسكرية مثلما فعل الرئيس السابق امين الجميل في نهاية ولايته عام 1988.
ضرورة التشكيل 

وكان عون قد أكد، حسبما نقل عنه رئيس الرابطة المارونية خليل كرم في بيانه المكتوب الذي تلاه بعد اللقاء بينهما، تأكيده «ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت ممكن، وعدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق خصوصاً ان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً، والشراكة الوطنية مُصانة سواء من حيث تشكيل الحكومة الجديدة، او من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
ورأى عون «انّ تشكيل الحكومة الجديدة يجب ان يبقى من الأولويات وأنه «سيواصل العمل من اجل تحقيق ذلك مستنداً الى الدستور وحفاظاً على الشراكة الوطنية وعلى التوازن بين السلطات».
رد ميقاتي 

ولاحقاً، رد المكتب الإعلامي لميقاتي على عون بالبيان الآتي: «يعتبر دولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن المواقف الجاهزة التي تُليت اليوم (أمس) من منبر القصر الجمهوري كشفت، بما لا يقبل الشك، الأسباب الحقيقية لتعطيل عملية تشكيل الحكومة، وما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بفخامة رئيس الجمهورية.
إن دولة الرئيس يستغرب استخدام منبر الرئاسة، المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية، لإطلاق مواقف تؤجّج الأوضاع، بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين. وفي كل الحالات، يتابع دولته، أن ما قيل لن يكون بأي شكل من الأشكال معطلاً لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ينتظر مجددا أن يستكمل مع فخامة رئيس الجمهورية مناقشة التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت».
رد على الرد
ورد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على مكتب اعلام ميقاتي بالبيان الآتي: «بالإشارة إلى البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول التصريح الذي أدلى به رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم قبل ظهر اليوم (أمس) في قصر بعبدا، فإننا مع «استغرابنا» لما ورد في تعليق رئيس الحكومة، نسأله عن أي كلام ورد في التصريح يستوجِب «استغرابه»، لعلنا نشترك معه في رفضه. اما القول باستخدام منبر الرئاسة «المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية»، فهو قول «مُستغرب» أيضاً لأنّ رئاسة الجمهورية ما كانت يوماً لطرف لبناني دون الآخر بل دافعت عن حقوق جميع اللبنانيين من دون استثناء، في وقت كانت ردود الفعل الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى. ولعل مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مسألة تشكيل الحكومة تعكس هذا التوجه الداعي دائما إلى تحقيق الشراكة الوطنية والمحافظة على الميثاقية». 
واشارت المصادر الى أن «ما كان غير مفهوم وغير مقبول» في بيان المكتب الإعلامي لميقاتي إشارته الى «المواقف الجاهزة». وقالت ان كرم «فضّل ان يكتب بيانه بعد زيارة الرئيس وليس قبله ليكون «مُعلّباً» كما قال البيان. وما زاد في الطين بلة الايحاء الناجم عما تضمنه البيان بأنه «يؤجّج» الأوضاع بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين» فهل هناك اوضح من الكلام المنقول عن الرئيس لتهدئة الأجواء ووضعها في نصابها الطبيعي؟».