الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان... ما إمكانية التوافق حول مطالب البطريرك الراعي محليا ودوليا؟

النهار الاخبارية - وكالات 

في وقت يبدو فيه الحل السياسي بعيد المنال في لبنان، لا سيما في أزمة الشغور الرئاسي، وسط الانقسامات السياسية بين التكتلات المختلفة، عاد البطريرك الراعي ليطرح فكرة عقد مؤتمر دولي من أجل حل المسألة اللبنانية.
وناشد البطريرك الماروني، بشارة الراعي، في عظة أمس الأحد، الأمم المتحدة لإنقاذ لبنان عبر عقد مؤتمر دولي، وقال إن "أمام فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى فشل الحوارات الداخلية، لا نجد حلا إلا بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يعيد تجديد ضمان الوجود اللبناني المستقل والكيان والنظام الديمقراطي وسيطرة الدولة وحدها على أراضيها استنادا إلى دستورها أولا ثم إلى مجموع القرارات الدولية الصادرة بشأن لبنان، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".
وطرح البعض تساؤلات بشأن دعوة الراعي، ومدى أهميتها في ذلك التوقيت، وإمكانية قبولها على المستوى الداخلي بين القوى السياسية المتناحرة، وعلى المستوى الإقليمي للدول الفاعلة في الملف اللبناني.

تدخل مطلوب
اعتبر الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، العميد خالد حمادة، أن "كلمة البطريرك الراعي في عظته الأخيرة، يتم اقتضابها واختزالها في الدعوة إلى مؤتمر دولي لحل المسألة اللبنانية، بينما يقول حزب الله على لسان أمينها العام حسن نصر الله، إن الرئيس القادم يجب ألا يطعن في المقاومة، ولا يباع أو يشترى".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "تصريحات البطريرك الراعي والتي يدعو فيها لعقد مؤتمر جولي لحل الأزمة اللبنانية، تأتي في حال عجزت كل المبادرات عن الوصول لحل وإنهاء الشغور الرئاسي، والأزمة السياسية والاقتصادية، معتبرًا أن خطاب الأمين العام يسعى لتحقيق مكاسب خاصة لطهران لا يوفرها إلا اتفاق دولي، يكون الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو المملكة العربية السعودية أحد أطرافه".

وأوضح أن "كلمة البطريرك الراعي التي تضمنت الحديث عن ما يعانيه اللبنانيون، وعن طريقة التعامل والتعاطي مع الدستور واستحقاق الانتخاب الرئاسي، وهو لا يختصر هذه المسارات بالمؤتمر الدولي، بل يعرف أن هناك ضرورة لوجود تدخل دولي لحل الأزمة الراهنة".
وتابع: "المعركة الرئاسية في لبنان هي فصل من فصول المشهد الإقليمي والدولي، ويبدو أن المسألة اللبنانية لن تحل إلا بهذا التدخل، وجميع الفرقاء السياسيين يعلمون بأن لا يمكن إخراج أزمة رئيس الجمهورية من عنق الزجاجة إلا باتفاق دولي، ولا يمكن اعتبار ذلك خروجًا عن المألوف في تشكيل السلطة اللبنانية".
رفض داخلي
بدوره، قال المحلل السياسي اللبناني، ساريكس أبو زيد،، إنه "ليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها البطريرك الراعي بعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، حيث سبق وطرح هذا المؤتمر عدة مرات، لكنه يحتاج إلى أن تتوافق عليه عدة دول أساسية منها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والسعودية، وهو لحد الآن غير متوفر".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "داخليا لا يمكن التوافق على هذا الموضوع، لأن قوى سياسية أساسية ترفض المؤتمر الدولي، وتعتبره تدخلا من الدول الكبرى في شؤون لبنان، ولا يحظى هذا الامر بإجماع لبناني داخلي، حتى يتم التوافق عليه والتسليم بنتائجه، حيث يعتبره البعض نوعا من الاستقواء بالخارج على الداخل، ولا يوجد ظروف دولية أو إقليمية تسمح أو تساعد بعقد هذا المؤتمر".
وتابع: "يظل طرح البطريرك مبدئيا، ضمن باب التمنيات وليس من باب الفعل، لأنه لا توجد مؤسسات شرعية تتبنى هذا المقترح وتعمل على تطبيقه، كما بقيت كل الدعوات مجرد رغبات ولم تتحول لخطة فعلية".

وأوضح أن "هناك مبادرات ونوايا من بعض الدول لطرح مبادرات مشابهة، حيث ترغب فرنسا عقد هذا المؤتمر بالتعاون مع مصر حول المسألة اللبنانية علها تجد مخرجًا من الأزمة، وهناك بعض اللوبييات في الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تدويل الأزمة من أجل تمرير مشروعات تسعى إليها تحت عنوان المناطق الآمنة، وهو شكل من أشكال تقسيم لبنان".
ويرى أبو زيد أن "كل هذه الأمور دون مستوى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة وبموافقة الأطراف السياسية اللبنانية من أجل إيجاد حل يشكل مخرجا من الأزمة، فالأطراف اللبنانية لا تزال متباينة، بالإضافة إلى أن القوى الكبرى لها وجهات نظر متناقضة ولها حق الفيتو داخل مجلس الأمن، لذلك لا يمكن تمرير ذلك المقترح دون موافقة الدول الأساسية الكبرى، وهذا غير وارد بالوقت الحاضر".
وأخفق البرلمان اللبناني في جلسته الخامسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.