تتجدّد استفزازات المستوطنين الصهاينة في القدس، برعاية من سلطات العدو، التي وافقت على إطلاق مستوطنيها داخل المسجد الأقصى لمناسبة ذكرى «خراب الهيكل». قرارٌ دفع المقاومة إلى توجيه إنذار إضافي إلى حكومة العدو من اختبار صبر الفلسطينيين وقوّتهم، توازياً مع انطلاق دعوات إلى الرباط في المسجد الأقصى وشوارع القدس لصدّ الهجمة الإستيطانية الجديدة
***
مرّة جديدة، تعود مدينة القدس لتصبح عنواناً لتفجُّر المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال. ففي الوقت الذي أطلق فيه مستوطنون دعوات إلى اقتحام المسجد الأقصى، يوم غد الأحد، ورفْع الأعلام "الإسرائيلية" في داخله لمناسبة ذكرى (ما يسمى) "خراب الهيكل"، رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية من مستوى تحذيراتها للعدو.
وأشارت حركة "حماس"، في بيان لها، إلى أنها تتابع موافقة (حكومة الاحتلال) على تنفيذ مخطّط المستوطنين في المدينة المقدّسة، مؤكدةً أن هذه الخطوات تمسّ بالمناسبات الدينية للمسلمين، وخصوصاً الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة، ويوم عرفة، وعيد الأضحى.
وحذّرت "حماس"، "حكومة المراهقين الأشقياء من محاولة اختبار صبر المقاومة ورجالها الأبطال، والذين عاهدوا الله على ألّا يكلّوا ولا يملّوا في الدفاع عن أغلى ما يملكون والمتمثّل بالمسجد الأقصى". كما دعت أبناء الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة، إلى أن تُبقي أصابعها على الزناد، "حتى يَفهم الاحتلال بأنّ القطاع هو درعٌ وسيفٌ للقدس".
من جهتها، دعت "حركة الجهاد الإسلامي" المقدسيين، إلى التصدّي بكلّ حزم للاعتداءات الصهيونية، وتفعيل كلّ سبل المواجهة، مشددةً على أن "عين المقاومة على القدس، وما يجري فيها يمسّ بقواعد الاشتباك، وينذر بتفجُّر الصراع واشتعال المنطقة".
وتزامناً مع التحذيرات الفصائلية، ظهرت دعوات شبابية وشعبية فلسطينية إلى الاستنفار والرباط على أبواب البلدة القديمة، وجميع أنحاء المدينة، بدءاً من اليوم السبت، للتصدّي لمخطّطات الاحتلال. كذلك، حذر "مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين" من "عواقب الحملة الاحتلالية لإحداث أمر واقع في القدس والمسجد الأقصى".
وتزامنت هذه التطوّرات مع دعوات أخرى ممّا تُسمّى بـ"حركة السيادة في إسرائيل"، لتنظيم مسيرة للمستوطنين حول أسوار البلدة القديمة في القدس، في اليوم ذاته.
وفي هذا الإطار، حضّ مجلس الإفتاء على مواجهة تلك الحملة، والعمل على إفشالها، "من خلال شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، والاعتكاف فيه، والوجود بكثافة في باحاته، لصدّ هذا العدوان". وفي السياق ذاته، ندّد المجلس بأعمال الحفر الجديدة في "ساحة البراق"، والتي كشفت عن مخطّط لبناء مبنى تهويدي ضخم على مساحة ألف متر مربع، لإقامة المستوطنين شعائرهم التلمودية فيه. ونبّه إلى أن ذلك المشروع يُعدّ من أخطر المشاريع التي ستقام تحت أساسات المسجد الأقصى، وستؤدي إلى زعزعتها وانهياره.
وتحمل الحفريات عند السور الغربي، وجزء من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، خطورة كبيرة على المسجد، وعلى بقية الساحات الغربية. فاستمرار الحفريات في المنطقة، والتي ستصل بشكل واضح إلى أسفل المسجد، تستهدف الآثار الإسلامية، التي تعود إلى العهدَين العثماني والمملوكي، وتغيير واقع المسجد الأقصى التاريخي، وفرض وقائع جديدة، ربّما تؤدّي إلى هدمه.
في هذه الأثناء، سادت حالة من التوتّر والاشتباكات، أمس، في أنحاء متفرّقة في مدينة القدس المحتلّة، بعد استيلاء مستوطنين على قطعة أرض وغرفتين سكنيتين في حي وادي حلوة، في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.
وقال مدير "مركز معلومات وادي حلوة"، جواد صيام، إن "مساحة قطعة الأرض تبلغ نحو 250 متراً مربّعاً"، متحدّثاً عن وجود تسريب لشقّة سكنيّة على بعد مسافة قليلة من قطعة الأرض. وأصيب شاب بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط في ساقه، كما أصيب العشرات بالاختناق، جرّاء قمع قوات الاحتلال مسيرة مندّدة بشقّ شارع عسكري إستيطاني في منطقة الثغرة غرب بلدة حزما، شمال شرق القدس المحتلّة.
وأفادت المصادر المحلية بأن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص المعدني، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، بكثافة تجاه المواطنين، الذين خرجوا لتأدية صلاة الجمعة، للأسبوع الثالث على التوالي، فوق الأراضي المحيطة بالشارع، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم. ورفع المشاركون في المسيرة العلم الفلسطيني، والشعارات واللافتات المندّدة بالاستيطان، كما ردّدوا هتافات غاضبة ضدّ سياسة الاحتلال، المتمثلة في الاستيلاء على عشرات الدونمات من أراضي البلدة، وحرمان المواطنين ورعاة الأغنام من الوصول إلى أراضيهم. (المصدر: جريدة الأخبار – رجب المدهون)