الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

المشهد الحكومي قاتم والسياسيون ينكشفون امام عجزهم الفاضح

المشهد الحكومي قاتم والسياسيون ينكشفون امام عجزهم الفاضح

كتبت صحيفة "النهار" تقول: بعد ستة أيام متواصلة من تجدد موجات الاحتجاجات الشعبية على خلفية تحليق سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء واختراقه السقوف والخطوط الحمراء المتوهجة، بدا لبنان كأنه اقرب ما يكون من خطر الفوضى الشاملة التي يتسابق المسؤولون والقادة السياسيون على اظهار بلاغاتهم في التحذير منها، فيما ينكشفون اكثر فاكثر امام عجزهم الفاضح أو تبعية بعضهم القاتلة للخارج عن احتواء أسبابها وتداعياتها وأخطارها.
وما زاد المشهد قتامة ان المعطيات الجدية حول الواقع السياسي المتصل بالازمة الحكومية عكست مزيدا من الاتجاهات التصعيدية سواء في الهجوم العنيف الذي شنه "التيار الوطني الحر" السبت على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري او عبر الإعلان المفاجئ لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن اتجاهه الى الاعتكاف كوسيلة ضاغطة لاستعجال تشكيل حكومة جديدة.
وتشير آخر المعطيات في هذا السياق إلى أنّ حراك المبادرة الوسيطة الأخيرة، لم يبلغ حدود التواصل الشخصي بين الرئاستين الاولى والثالثة؛ ولا يزال "بيت الوسط" بانتظار أي تواصل معه من جانب بعبدا ليُبنى على الشيء مقتضاه باعتبار أن التجارب السابقة التي شهدها، لم تكن مشجّعة لجهة تقريب المسافات بين الرئاستين ولم تسفر عن بحث جديّ في عناوين المخارج الفعلية. ولا يبدو أن الحراك الحكومي المستجد سيصل إلى خواتيمه هذه المرة أيضا لأن التفاهم على حقيبتي الداخلية والعدل لا يزال مُعلّقاً، مع إشارة المقرّبين من الرئيس المكلّف إلى وصول معطيات إليهم تشير إلى سير فريق العهد بصيغة (5+1) في حكومة 18 وزيراً؛ لكن علامات الاستفهام لا تزال قائمة حول موضوع وزارة الداخلية تحديداً التي يريد الرئيس المكلف إسنادها إلى شخصيّة مستقلّة تماماً بالتوافق مع رئيس الجمهورية، وهذا الموضوع لم يتمّ التوصل إلى خواتيمه حتى الآن.
اعتكاف دياب
وأمام ازمة التأليف المستعصية على كل التسويات الداخلية، رمى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب السبت قنبلة الاعتكاف مهدداً بتفجيرها، علما ان الدستور ينص على الاستقالة وتصريف الاعمال ويمنع عليه الاعتكاف بل يضعه امام المساءلة بسبب الاخلال بالواجبات الوظيفية ، وفق لمادة 70 المتعلقة بمحاكمة رؤساء الحكومة والوزراء.
وفي المعطيات، ان الرئيس دياب وامام الضغط الذي يمارس عليه من عدد من الوزراء داخل الحكومة ومن خارجها من آجل تفعيل عمل مجلس الوزراء ورداً على كل الحملات التي تحمّله مسؤولية وقف عمل الدولة من فريق العهد الى قوى سياسية اخرى، ردٌ بالتهديد بالاعتكاف، وهو لن يقدم عليه بالاصل، الا انه يريد ان يتحمّل الجميع المسؤولية أمام الازمة المتفاقمة، بدلاً من رميها على حكومة مستقيلة اخرجت من المسؤولية بعد كارثة المرفأ.

وبحسب المراقبين ، فإن الرئيس دياب يرفض اتخاذ اي قرار بوقف الدعم او ترشيده، وتحسباً لفترة اجتماعية صعبة يقبل عليها البلد ولا يريد لحكومته ان تتحملها وحدها، لاسيما مع الانخفاض التلقائي التدريجي لهذا الدعم، والذي قد يؤدي الى ارتفاع جنوني في الاسعار وغضب في الشارع.
البعض رأى في الخطوة انها استعراضية قد تنتهي كما انتهت خطوته السابقة في لحظتها عندما جال على الرؤساء داعياً الى الاسراع بتشكيل الحكومة. اما اذا تحول التهديد الى خطوة عملية فنتائجها قد تكون سلبية بشل ادارات الدولة ووقف شؤون المواطنين لاسيما وان توقيعه ملزم على كل مرسوم وقرار اياً كان نوعه.
وفق المراقبين، ان خطورة تهديد دياب فيما لو نفذه تكمن بتجميد كل شؤون الدولة ويشل عمل اللجان والوزارات وبمتابعة اجراءات ازمة كورونا، ويضع رئيس الجمهورية في موقع الاستفراد والاستهداف بحيث يصبح غير قادر على اي تحرك من خارج المؤسسة التنفيذية من دون رئيس حكومة يصرف الاعمال.
من هنا، ينظر المطلعون الى موقف دياب على انه جرس انذار وقد لا يستخدمه .
وسط هذه الأجواء عاود امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اطلاق المواقف النارية بحق المسؤولين. وإعتبر "ان ما يجري على صعيد تأليف الحكومة لا علاقة له بالمواد الدستورية، خصوصا المادتين 53 و 64 المتعلقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، بل العلاقة بهوية لبنان الواحد والموحد والحيادي والديمقراطي والميثاقي وذي السيادة في الداخل وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة ، وإلا لم هذا التأخير المتعمد في تأليف الحكومة؟ ". وقال "تصالحوا أيها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بددتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يطالب بحقوقه، التي تستحق أن يدافع عنها وأن توضع في رأس معايير تأليف الحكومة… وبعد، هناك من يتساءل لماذا ينفجر الشعب؟ من وراءه؟! فخير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن من أن ينفجر الوطن ولا يبقى الشعب".
المصدر: النهار