18 حزيران/يونيو 2025
النهار الاخبارية- وكالات
أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارًا بتحويل الطفلة الفلسطينية هناء هيثم إسماعيل حمّاد (17 عامًا)، من مخيم العروب في محافظة الخليل، إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور، دون توجيه أي تهمة رسمية، في خطوة اعتبرتها مؤسسات الأسرى الفلسطينية تصعيدًا خطيرًا في استهداف الأطفال والنساء ضمن سياسة الاعتقال الإداري.
وبحسب بيان مشترك صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأسيرات اللواتي يخضعن للاعتقال الإداري ارتفع إلى 10 أسيرات، من بين 41 أسيرة فلسطينية محتجزات حاليًا في سجون الاحتلال.
اعتقال وتعذيب ميداني
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت منزل عائلة الطفلة حمّاد فجر يوم 9 حزيران/يونيو الجاري، واعتقلتها بعد عملية تفتيش وتخريب، واحتجزت والدتها ميدانيًا لساعات، حيث تعرضت كلتاهما لـالتحقيق الميداني والتنكيل قبل أن يتم الإفراج عن الأم لاحقًا، وتحويل هناء إلى الاعتقال الإداري.
تصعيد غير مسبوق في الاعتقال الإداري
الهيئة والنادي أوضحا في بيانهما أن الاحتلال يُمعن في استخدام سياسة الاعتقال الإداري بشكل غير مسبوق منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة والضفة، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية حزيران/يونيو 2025 ما مجموعه 3562 معتقلاً إدارياً، من بينهم 95 طفلاً/ة تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
وبحسب البيان، فإن أعداد المعتقلين الإداريين اليوم هي الأعلى في تاريخ الاحتلال، بل وتجاوزت عدد الأسرى المحكومين والموقوفين، ما يجعل من هذه السياسة وسيلة عقابية جماعية تستخدمها سلطات الاحتلال لقمع أي شكل من أشكال المقاومة المدنية أو السياسية.
وأوضح البيان أن مخابرات الاحتلال أصدرت خلال أسبوع واحد فقط أكثر من 400 أمر اعتقال إداري، ضمن سياسة تهدف إلى تفريغ المجتمع الفلسطيني من عناصره الفاعلة في مختلف المجالات.
محاكم صورية تُشرعن الجريمة
وأشار البيان إلى أن محاكم الاحتلال بمختلف درجاتها تقوم بدور أساسي في ترسيخ هذه الجريمة من خلال جلسات صورية شكلية، تُنفذ فيها أوامر جهاز المخابرات دون رقابة أو معايير عدالة. كما أن هذه المحاكم ترفض بشكل منهجي الإفراج عن المعتقلين الإداريين أو النظر في الأدلة، بزعم "الملف السري".
التعذيب... سياسة ممنهجة خلف القضبان
تترافق سياسة الاعتقال الإداري مع ممارسات تعذيب وتنكيل ممنهجة، خصوصًا خلال عمليات الاعتقال والتحقيق. ووفقًا لتقارير هيئة شؤون الأسرى، فإن الأسرى – بما فيهم الأطفال – يتعرضون للضرب، والتقييد لساعات طويلة، والحرمان من النوم والطعام، والتهديد بأذية أفراد العائلة.
الأسير الشهيد وليد دقة، وثّق قبل استشهاده في رسالة من سجن "مجدو"، بعضًا من هذه الانتهاكات:
"كانوا يربطوننا في أوضاع مؤلمة، يسلبون النوم من عيوننا، يجعلون الجدران تتكلم ضدنا".
(المصدر: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير، نيسان 2023).
أما الأسيرة المحررة شروق دويات، فقالت في مقابلة موثقة لدى "بتسيلم":
"لم يكن هناك محامٍ، فقط تهديد دائم، وشتم وضرب في كل جولة تحقيق".
(المصدر: مركز بتسيلم، تقرير كانون الثاني 2024).
شهادة طفل أسير: "بكيت ولم يسمعني أحد"
من بين عشرات الأطفال المعتقلين، يروي الطفل أ.ع (15 عامًا) من القدس، في شهادة وثقها مركز هموكيد – الدفاع عن الفرد، جانبًا من معاناته:
"اقتحموا بيتنا ليلاً. ربطوا يديّ وأخذوني. في التحقيق، غطّوا عينيّ وضربوني على ظهري وقدمي. بقيت ساعات دون ماء أو طعام. بكيت، لكن لم يسمعني أحد."
(المصدر: هموكيد، تقرير "أطفال خلف القضبان"، 12 آذار 2024).
يشير التقرير إلى أن أكثر من 80% من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين تعرضوا لنوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي خلال فترة احتجازهم، وسط صمت دولي مطبق.
شهداء الاعتقال الإداري
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023 وحتى اليوم، ارتقى 8 معتقلين إداريين شهداء داخل سجون الاحتلال، من بين 72 أسيرًا استُشهدوا نتيجة الإهمال الطبي أو التعذيب المباشر، وفق ما وثقته مؤسسات حقوق الإنسان.
دعوات للتحرك الدولي
في ختام بيانهما، طالبت هيئة الأسرى ونادي الأسير المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان بـالتحرك الفوري لوقف هذه السياسات الإجرامية، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة بحق الأطفال والنساء والأسرى الفلسطينيين، وفضح ممارساته أمام المحاكم الدولية.