الخميس 28 تشرين الثاني 2024

إلى أين يذهب بن غفير بالمنطقة..

النهار الاخباريه - وكالات

أثار اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى بعد ساعات من توليه منصب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية حادة، وأعاد المخاوف من تصاعد الوضع بالمنطقة، في ظل وجود هذا الرجل المتطرف بواحد من أهم المناصب السياسية في إسرائيل.

وحتى قبل اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، كان واضحاً أن الشعب الفلسطيني مقْدم على أيام صعبة، بعد وصول أشد الحكومات الإسرائيلية تطرفاً في تاريخ دولة الاحتلال للحكم.

ويزداد الخطر على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية- لاسيما مسجدها الأقصى- في ظل وجود بن غفير ورفاقه المتطرفين في مواقع نافذة بحكومة إسرائيلية، رئيسها تحت رحمتهم، ليس فقط لأنه يشبههم أيدولوجياً أو لأن تحالفهم معه ضروري لاستمرار حكومته، بل لأنه في حال سحب تأييدهم لهذه الحكومة فإنه قد يتعرض للسجن على يد القضاء الإسرائيلي، بسبب تهم الفساد.

وبات السؤال في ظل وجود هذه الحكومة المتطرفة هو: هل يستطيع بن غفير تطبيع اعتداءاته على الأقصى، وجعلها جزءاً من الحياة اليومية للمقدسيين، مما يمهد للاستياء الإسرائيلي منه، أم تقسيمه زمانياً ومكانياً، أم أنه سيكون هناك رد فعل عربي ودولي يُوقف هذه الممارسات أو يحد منها على الأقل؟

ويبقى الاحتمال الثالث والأخطر وهو أن تشتعل الأمور سواء عبر اندلاع انتفاضة جديدة أو ردّ فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة عبر عمل عسكري مثلما حدث مع الانتهاكات التي حدثت في مايو/أيار 2021، بإطلاق "حماس" صواريخ على مسيرة الأعلام التي نظمها المستوطنون في القدس، وأدت إلى اندلاع حرب غزة.

اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى يؤكد أنه مازال على تطرفه السابق
حاول وزير الأمن الإسرائيلي الزعم لمنتقديه الإسرائيليين بأنه أصبح أكثر نضجاً، ولكن اقتحامه الأخير للأقصى يثبت أن المراهنة على أن السلطة سوف تخفف من غلواء تطرفه هو اعتقاد ساذج.

وسبق أن اقتحم بن غفير، المسجد الأقصى مراراً في الماضي بصفته الشخصية وكنائب في الكنيست، ولكنها المرة الأولى التي يقتحم فيها المسجد بوصفه وزيراً.

 ولقي اقتحام بن غفير للأقصى تنديداً واسعاً، إذ حذّرت فصائل المقاومة من نشوب حرب دينية، بينما استدعى الأردن السفير الإسرائيلي للاحتجاج، ورفضت دول عدةٌ انتهاك الاحتلال للقانون الدولي.

ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن نتنياهو "ملتزم بالحفاظ على الوضع القائم دون تغيير في الحرم القدسي.

وأضاف: "في ظل الوضع الراهن، صعد الوزراء الإسرائيليين إلى الحرم القدسي في السنوات الأخيرة، بمن فيهم وزير الأمن الداخلي (الأسبق) جلعاد إردان. لذلك، فإن الادعاء بحدوث تغيير في الوضع الراهن لا أساس له".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد ذكرت الإثنين الماضي، أنّ بن غفير تراجع عن قرار الاقتحام، لهذا الأسبوع بعد لقاء خاطف عقده مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

ويؤكد الاقتحام أنّ هناك عملية تضليل إعلامي قادها نتنياهو وبن غفير، لإظهار أن هناك محاولة تهدئة الأوضاع وتفادي تواجد مكثف للمقدسيين في المسجد الأقصى للتصدي لبن غفير.

"إنه يمهد للاستيلاء على الأقصى"
وأطلق بن غفير، في أثناء الاقتحام، تصريحات مستفزة قال فيها إن حكومته لن تستسلم لتهديدات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإن الحرم القدسي هو المكان الأهم لشعب إسرائيل، حسب زعمه.

كما قال، في تغريدة على تويتر، إن "جبل الهيكل مفتوح للجميع"، مستخدماً الاسم اليهودي للإشارة إلى مجمع المسجد الأقصى. وأظهر مقطع فيديو، بن غفير وهو يتجول في محيط المجمع محاطاً بحراسة أمنية مكثفة.

وفي أول رد فعل دولي على هذا الاقتحام، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة تؤيد بقوةٍ الحفاظ على الوضع القائم فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس. وأي عمل أحادي يقوّض الوضع الراهن غير مقبول"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى الحفاظ على التزامه تجاه الوضع القائم للمواقع المقدسة.

كما أكدت الخارجية الأمريكية أن الزيارة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوتر وإثارة العنف".

وأدانت أغلب الدول العربية والإسلامية اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، وكذلك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.

واستدعت المملكة الأردنية السفير الإسرائيلي؛ احتجاجاً على اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى.


وطالب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في مُذكّرة بعث بها لقادة وزعماء ومسؤولين عرب ومسلمين، بالتحرك من أجل "إنقاذ" المسجد الأقصى.

وأكد بيان صادر عن الحركة أن هنية قال في المذكرة: "نود أن نضع أمامكم خطراً داهماً يهدد مقدساتنا في فلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى، مع تولّي الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة أعمالها".

ورأى هنية أن التصريحات العنصرية التي أطلقها بن غفير تُظهر نية الاحتلال بحكومته المتطرّفة فرض ما يسمّى "السيادة على المسجد الأقصى".

ووصف هذه المستجدات بأنها تطور خطير لا يمكن السكوت عنه أو القبول به، محذّراً من انفجار مواجهة جديدة في فلسطين تُلقي بارتداداتها على المنطقة.

وبيّن هنية أن الشعب الفلسطيني ومقاومته لن يقبلا بالسيطرة على الأقصى أو فرض التقسيم عليه وتحويله إلى أمر واقع.

خلاف مع نصف العالم  
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد، إن اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، الثلاثاء، وضع إسرائيل في "خلاف" مع نصف العالم.

 وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية في تغريدة، إن إسرائيل "لا تقبل إملاءات من أحد فيما يتعلق بأمنها، لكن حتى يقضي بن غفير 13 دقيقة في الحرم القدسي وضعنا في خلاف مع نصف العالم".

السلطة الفلسطينية تتحرك في مجلس الأمن مدعومة من الإمارات والصين 
وسعت السلطة الفلسطينية لعقد اجتماع لمجلس الأمن، حيث كلّف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدوره، بعثة بلاده في نيويورك بالتحرك الفوري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى والمطالبة بوقفها.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن هذه الخطوة تم التنسيق لها مع الأردن وعدد من الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية في الأمم المتحدة.

وقال دبلوماسيون، مساء الثلاثاء، إن الإمارات العربية المتحدة والصين طلبتا من مجلس الأمن الدولي الاجتماع علناً يوم الخميس؛ لمناقشة التطورات الأخيرة في القدس المحتلة.

وإسرائيل تحاول إقناع الدول الأعضاء بعدم عقد الجلسة 
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس الأربعاء، إن تل أبيب تحاول منع عقد اجتماع لمجلس الأمن، بشأن اقتحام إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى.

وذكر موقع "واللا" الإسرائيلي أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أرسلت برقية سرية، الأربعاء، إلى 15 سفيراً إسرائيلياً لدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أمرتهم بـ"التوجه بشكل مُلحٍّ" إلى الجهات التي تخاطبها السفارات الإسرائيلية في تلك الدول؛ كي تعارض مناقشة مجلس الأمن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، ومنع صدور قرار أو بيان عن رئاسة مجلس الأمن أو بيان للصحافة.

وطالبت البرقية الدبلوماسيين الإسرائيليين بادعاء أن مجلس الأمن سيعقد مداولات مفتوحة حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، في 18 يناير/كانون الثاني الجاري، وأن بإمكان أي أحدٍ أن يتحدث خلالها، وأنه لا حاجة لعقد مداولات منفصلة أخرى.

وأضافت البرقية أن على السفراء الإسرائيليين أن يزعموا أن إسرائيل "ملتزمة بالوضع القائم" في المسجد الأقصى، وأن اقتحام بن غفير لم يخرق الوضع القائم.

 وحثت البرقية الدبلوماسيين الإسرائيليين على أن يقولوا للجهات التي يتحدثون معها، إن مناقشة موضوع المسجد الأقصى أو صدور بيان عن مجلس الأمن "سيمنح دعماً لحماس ومنظمات إرهابية تستخدم القدس من أجل تشجيع العنف".

هل يضغط الأمريكيون على نتنياهو لوقف هذه الممارسات؟
وسبق أن نقل موقع "أكسيوس" (Axios) الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم قبيل تشكيل حكومة نتنياهو التي تُوصف بأنها الأشد تطرفاً في تاريخ إسرائيل، إنه من غير المرجح أن تتعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع العضو المتطرف في الكنيست إيتمار بن غفير.

ومن المعروف أن بن غفير كان ينتمي إلى حركة مائير كاهنا التي كانت محظورة في إسرائيل، ومصنَّفة كحركة إرهابية بالولايات المتحدة الأمريكية.

ولكن بينما تحاول واشنطن أن تغسل يدها من هذا الوزير المتطرف، يثار تساؤل مفاده: هل تضغط واشنطن على نتنياهو لوقف هذه الممارسات؟ وهل تسمح لمجلس الأمن بإدانة إسرائيل، أم أنها ستكتفي بالإعراب عن القلق وليس حتى الإدانة؟

وحاجة واشنطن للتحرك ليست فقط نابعة من فداحة جريمة اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، ولكن لأن مثل هذه الممارسات المستفزة سوف تشعل الأوضاع بالمنطقة وتؤثر على أهداف واشنطن وإسرائيل نفسها في الوقت الحالي، وفي مقدمتها المضي قدماً في مسيرة التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية، وحشد الجهود للتصدي للبرنامج النووي الإيراني.

وتعهد نتنياهو بتعزيز الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والقدس؛ لإرضاء حلفائه المتطرفين وفي الوقت ذاته يريد حشد الدول العربية والغربية ضد إيران مع السعي لتعزيز التطبيع مع الدول العربية.

ولكن تظل هناك محدودية لقدرة واشنطن على الضغط على إسرائيل، في ظل الحصانة التي تتمتع بها في الداخل الأمريكي، وعدم توافر إرادة حقيقية لإدارة بايدن في هذا الأمر، رغم تبرؤها من إرث ترامب الموغل في تبني الأجندة الإسرائيلية. 

ولكنّ هذا لا يمنع أن صورة إسرائيل قد اهتزت في واشنطن بسبب صعود اليسار الديمقراطي الذي بات ينتقدها علناً لأول مرة، ويربط بينها وبين الممارسات العنصرية في الداخل الأمريكي، ولكن النقد الحاد لها يَظهر أكثر في المسائل المرتبطة بالممارسات العنصرية بحق الفلسطينيين أو العنف تجاههم أكثر من الانتهاكات للمقدسات الدينية التي لا يأبه كثير من الليبراليين واليساريين لها.

وفي المقابل، باتت إسرائيل وبالأخص نتنياهو، أقرب إلى الحزب الجمهوري مع تشابه الأجندة اليمينية المتطرفة للجانبين، الأمر الذي عوَّض تشوه صورتها في الأوساط الليبرالية واليسارية إلى حد كبير.

قد تستطيع حكومة بايدن تخفيف وتيرة انتهاكات حكومة نتنياهو المتطرفة أو منع وصولها إلى حد يفجّر الأوضاع، ولكن يصعب أن توقفها.

رغم أن أي تلويح أمريكي بمعاقبة ذات مغزى لإسرائيل، مثل تقييد بعض المساعدات مثلما تفعل مع عديد من حلفائها بالمنطقة، من شأنه دفع حكومة نتنياهو إلى التخلي عن جزء من أجندتها المتطرفة، لأن الساسة الإسرائيليين والشعب الإسرائيلي مهما تحدثوا عن السيادة المزعومة، فإنهم في حقيقة الأمر شديدو الحساسية تجاه مسألة وقف الدعم الأمريكي لبلادهم حتى لو كان مجرد تلميح.

ولكن حتى لو كانت معاقبة إسرائيل أمراً مستبعداً من قبل أمريكا، إلا أن الأكيد أن تل أبيب ستخسر على المدى البعيد أمريكياً من خلال ربط نفسها بالأجنحة المتطرفة في الحزب الجمهوري ذات التوجهات العنصرية.

هل تؤدي أعمال بن غفير لانهيار التطبيع؟
مدى احتمال تصعيد بن غفير لممارسته أو تخفيفها، سيكون مرتبطاً على الأرجح أيضاً بردِّ فعل الدول العربية المطبِّعة مع تل أبيب.

وكان لافتاً أن الإمارات إحدى دولتين، ثانيتهما الصين، طلبتا عقد جلسة لمجلس الأمن.

وإذا لوَّحت أبوظبي ومعها المغرب بإبطاء وتيرة التطبيع، فإن ذلك سيكون دافعاً لنتنياهو لتخفيف وتيرة تطرف بن غفير، رغم الشكوك في أنه قد يفعل أو أن أبوظبي أو الرباط قد تتراجعان عن التطبيع بشكل ملموس، ولكن البلدين العربيين على الأقل قد يؤجلان أي خطوات تطبيعية إضافية.

والسعودية تبدو في الوقت الحالي بعيدة عن الدخول في تطبيع رسمي مع إسرائيل، رغم رغبة نتنياهو الجامحة في تحقيق ذلك، وتزداد هذه الشقة في ظل وجود بن غفير ورفاقه المتطرفين بالحكومة الإسرائيلية وإصرارهم على ممارستهم بحق المقدسات الإسلامية التي تحظى بمكانة خاصة لدى المملكة العربية السعودية، فالأقصى هو أولى قبلتين، ثانيتهما في أراضي المملكة.

في المقابل، فإن القاهرة مربوطة بعلاقات شائكة مع تل أبيب، بعضها يتعلق بجوانب مرتبطة بواقع أنهما عدوان سابقان يربط بينهما اتفاق سلام، وجوانب أمنية حساسة للطرفين، من ضمنها الوساطة المصرية بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل والوضع الأمني في سيناء، الأمر الذي يجعل وقف التطبيع أصعب على مصر، خاصة في المجالات الأمنية والاقتصادية.

ورغم ذلك فإن أي تصعيد موغل في التطرف من قبل بن غفير، خاصةً تجاه المسجد الأقصى، قد يدفع الدول العربية المشار إليها، إلى خطوات أكثر رمزية في مراجعة العلاقة مع تل أبيب، رغم أنها لن تكون جذرية في الأغلب.

هل تنشب انتفاضة جديدة أم حرب مع المقاومة؟
ويبقى الخيار الأكثر حدَّة وهو استمرار إساءات بن غفير وغيره من المتطرفين للأقصى وللفلسطينيين عموماً، وتنفيذ تصعيد نوعي ضد الشعب الفلسطيني أو المقدسات دون رد فعل عربي أو دولي يوقف هذا المسار.

 وفي هذه الحالة سيظهر احتمال جدّي بأن تندلع انتفاضة جديدة وما قد يتبع ذلك من قمع الاحتلال لها، واضطراب أحوال الأمن الإسرائيلي، وبات هذا السيناريو محتملاً بشكل أكبر، في ظل ضعف السلطة الفلسطينية بالضفة وظهور جيل جديد من المقاومين والمناضلين غير المنتمين إلى حركات سياسية، والذين يصعب رصدهم أو مساومتهم وأحياناً مراقبتهم، كما أن بعض مناطقهم متداخلة جغرافياً مع إسرائيل، إضافة إلى استياء عرب 48 الذي انفجر في وجه إسرائيل خلال حزب غزة الأخيرة.

ورغم أن إسرائيل قادرة على ممارسة قمع عنيف ضد سكان الضفة وفلسطينيي الداخل، فإن ذلك سيعني مزيداً من تدهور الأوضاع الأمنية وعسكرة المجتمع الإسرائيلي وتردي صورته في الخارج.

والسيناريو الأكثر احتداماً، لكنه غير مستبعد، هو رد حركات المقاومة الفلسطينية في غزة بتوجيه ضربات صاروخية لإسرائيل، إذا تكرر اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى عدة مرات، أو حدث تصعيد نوعي في جرائمه يهدد بتغيير وضع المسجد أو المقدسيين.

وكان بن غفير قد حاول تقديم اقتحام المسجد الأقصى بأنه تحدٍّ لـ"حماس" فقط، كأن هذه الجريمة تعني "حماس" ولا أحد سواها، وليست استفزازاً لبقية الفلسطينيين وكل العرب والمسلمين، كما أنها جريمة من وجهة نظر القانون الدولي باعتبار المسجد الأقصى مكاناً للعبادة الدينية يقع في أرض محتلة وفقاً للقانون الدولي.

واللافت في هذا الصدد أن "حماس" بدا واضحاً أنها تسعى لمخاطبة القوى الإقليمية والدولية لتتحرك، حيث دعا هنية الزعماء والمسؤولين إلى "موقف واضح" تجاه نوايا الحكومة الدينية المتطرفة، التي قال إنها أطلقت موجة استعمارية استيطانية جديدة بناءً على رؤية أيديولوجية تلمودية تهدف إلى شطب حقوق الشعب الفلسطيني والسيطرة على أرضه وتهويد مقدساته.

وقال الناطق باسم حركة حماس عن مدينة القدس محمد حمادة، إن فصائل المقاومة لن تستعجل في الرد على اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى ومعه المستوطنون، مضيفاً أن المقاومة "لن تنجرّ وراء الاستفزازات الآنية لخدمة أجندة العدو".

وأضاف أن المقاومة وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج الذي يسمح لها باختيار ردود نوعية في زمن معين.

وكأن الحركة تحاول إعطاء فرصة لتحركات السلطة الفلسطينية والتحركات الإقليمية والدولية الدبلوماسية قبل أن تبادر بالرد؛ حتى لا ينسى منتقدوها سبب الأزمة ويدينوا ردود فعل المقاومة الفلسطينية.

وتابع حمادة موجهاً كلامه لسلطات الاحتلال الإسرائيلي: "القدس خط أحمر لدى جميع أبناء الشعب الفلسطيني، ولا تستعجلوا في الحكم على مثل هذه الاقتحامات، فالذين قاموا بها في السابق دفعوا ثمناً باهظاً جراء عدوانهم على الأقصى".

واللافت في هذا الصدد أن مصادر ذكرت لقناة "الميادين" المقربة لحزب الله وإيران، أنّ حركة "حماس" نقلت رسائل شديدة اللهجة عبر الوسطاء المصريين والأمميين قبيل اقتحام إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى.

وأشارت المصادر إلى أنّ "حماس" أبلغت المسؤولين المصريين أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وأن خطوة بن غفير ستفجر الأوضاع.

ورغم أن حركات المقاومة في قطاع غزة وأهل القطاع أنفسهم قد دفعوا ثمناً باهظاً جراء دفاعهم عن المسجد في مايو/أيار 2021، بعد أن ألحقت إسرائيل دماراً هائلاً بالقطاع وقتلت وأصابت آلاف الفلسطينيين، فإن المؤكد أن صواريخ المقاومة قد شلت الحياة في إسرائيل، وأنها أصبحت أكثر ما يقلقها.

فصواريخ المقاومة التي كانت توصف يوماً بالكرتونية من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باتت اليوم الوسيلة الوحيدة في أيدي ممثليه السياسيين وهم يحذّرون دول العالم من انفجار الأوضاع جراء الممارسات الإسرائيلية، بعد أن أصبح التحذير من حرب إقليمية تشارك فيها الجيوش العربية خياراً ليس من المنطقي مجرد التهديد به.