النهارالاخباريه- وكالات
تعاند أسعار القمح العالمية المصريين بقوة، ففي وقت تريّثت الحكومة في تنفيذ تلميحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة رفع أسعار الخبز في البلاد، زادت أسعار المحصول إلى أكثر من 250 يورو (حوالى 293 دولاراً أميركياً) للطن الواحد وسط توقعات بارتفاع جديد يصل إلى نحو 270 يورو (317 دولاراً).
وعقب التوقعات، ارتفع سعر طن القمح المطحون في بورصة باريس إلى أكثر من 250 يورو للمرة الأولى منذ 8 أعوام، وتوقع محللون أن ترتفع الأسعار للمستهلكين خلال الأسابيع المقبلة، مما يُزيد الضغوط على البلدان الأقل دخلاً، بخاصة المستوردة للقمح وعلى رأسها مصر، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، في الوقت الذي يُشكل مشترو القمح من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالى 30 في المئة من مستورديه عالمياً. كما خفضت وزارة الزراعة الأميركية توقعاتها الخاصة باستيراده من منطقة شمال أفريقيا خلال العام المالي الحالي.
تراجع إمدادات القمح العالمي لا يهدد المصريين فقط، بل تصل التهديدات إلى عدد كبير من الدول التي تعتمد عليه في صناعة الخبز في ظل انكماش إمدادات القمح العالمية بسبب التغيرات المناخية القاسية التي تعصف بإنتاج ثلاثة من أكبر مصدّريه في العالم. وجاءت زيادة أسعار المحصول الاستراتيجي في وقت تتأنّى الحكومة المصرية في تحريك أسعار الخبز. يقول مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية كريم جمعة إن "الوزارة لم تقرر تحريك أسعار الخبز المدعوم بشكل نهائي، ولا تزال تدرس حتى الآن مع الجهات المعنية كافة تقنين أوضاع دعمه بما يحقق المصلحة للدولة وأصحاب المخابز من جانب والمواطنين من آخر".
متوسط سعر القمح بالموازنة عند 230 دولاراً
وأوضح مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية المصري لـ"اندبندنت عربية" أن "الوضع أصبح صعباً للغاية مع ارتفاع أسعار القمح عالمياً، إذ تخطت حدود الـ293 دولاراً، ويفوق هذا ما قدّرته الدولة في الموازنة العامة بأكثر من 63 دولاراً تقريباً"، لافتاً إلى "أن وزارة المالية حددت متوسطاً لأسعار المحصول الاستراتيجي في الموازنة عند 230 دولاراً، وأن تخطي الأسعار حاجز الـ300 دولار سيجعل من الصعوبة استمرار أسعار الخبز المدعم على ما هي في الأوضاع الحالية". وأضاف أنه "من المنتظر الإعلان عن خطة الدولة تجاه أسعار المدعم قبل بداية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل".
وأكد جمعة أن سعر رغيف الخبز المدعم يُباع في القاهرة على بطاقات التموين بنحو 5 قروش (حوالى 0.0032 دولار)، فيما تصل التكلفة الحقيقة التي تقع على عاتق الدولة إلى أكثر من 60 قرشاً (0.010 دولار)، وهو ما يُظهر حجم العبء الذي تتحمّله الحكومة.
من جانبه، قال رئيس الحجر الزراعي التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي أحمد العطار إن "مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تستورده من 16 دولة". وأضاف أن "القاهرة استوردت عام 2020 نحو 13 مليون طن قمح، وهو ما يعادل الكمية ذاتها للعام السابق 2019، بنسبة زيادة بلغت 12 في المئة عما تم استيراده عام 2015، وأن هيئة السلع التموينية المصرية اقتنصت وحدها نحو 7 ملايين طن من الكمية، بينما حصل القطاع الخاص على ما تبقّى"، موضحاً أن "قيمة ما تستورده البلاد من القمح يصل إلى 3 مليارات دولار". وتابع أن "16 دولة تُصدر إلى مصر القمح في مقدمتها روسيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا، إلى جانب فرنسا وألمانيا وبولندا والأرجنتين، بينما تنتج الأراضي المصرية نحو 3 ملايين فدان من القمح".
ووفقاً لوزارة التموين المصرية، يُصرف نحو خمسة أرغفة خبز مدعم، يُباع بأقل من تكلفته الحقيقية لصالح محدودي الدخل على البطاقات التموينية للفرد المقيّد ببطاقة التموين بإجمالي 150 رغيف خبز شهرياً، وتنتج القاهرة نحو 270 مليون رغيف يومياً، وهو ما يعادل 121 مليار رغيف سنوياً يصنعها نحو 28 ألف مخبز، ويمتلك المصريون نحو 23.179 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها نحو 71.479 مليون مواطن.