الأحد 24 تشرين الثاني 2024

هل تهدد الديون الثقيلة دولا فقيرة بانهيار اقتصادي في 2022؟


النهار الاخبارية - وكالات 

كشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، أنه مع انتهاء صلاحية مبادرة تعليق خدمة الديون واستعداد أسعار الفائدة للارتفاع، ستجد البلدان منخفضة الدخل صعوبة متزايدة في خدمة ديونها. وعلى الرغم من تدابير الإغاثة الكبيرة التي أحدثتها أزمة فيروس كورونا، فإن حوالى 60 في المئة من البلدان منخفضة الدخل معرضة لخطر كبير أو تعاني من ضائقة ديون. وفي عام 2015، كان هذا الرقم أقل من 30 في المئة.

ولفت الصندوق إلى أن المتغيرات الجديدة تسبب مزيداً من الاضطرابات في النشاط الاقتصادي، خصوصاً وأن المبادرات المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، مثل مبادرة مجموعة العشرين (G20) لتعليق خدمة الديون، على وشك الانتهاء.

ويواجه عديد من البلدان متأخرات أو انخفاض في النفقات ذات الأولوية. وقد نشهد انهياراً اقتصادياً في بعض البلدان، ما لم يوافق دائنو مجموعة العشرين على تسريع إعادة هيكلة الديون، وتعليق خدمة الديون أثناء التفاوض على إعادة الهيكلة. ومن الأهمية أيضاً أن يقوم الدائنون من القطاع الخاص بتخفيف عبء الديون بشروط مماثلة.

وتُظهِر التجارب الأخيرة لدول تشاد وإثيوبيا وزامبيا أنه يجب تحسين الإطار المشترك لمعالجات الديون. وبعد انتهاء مبادرة تعليق خدمات الديون، لا بد من إجراءات سريعة لبناء الثقة في الإطار وتقديم خريطة طريق لمساعدة البلدان الأخرى التي تواجه مواطن ضعف متزايدة في الديون.

نظرة مستقبلية أكثر صعوبة للديون

منذ بداية ظهور جائحة كورونا، استفادت البلدان منخفضة الدخل من بعض التدابير المخففة. وأدت السياسات المحلية، إلى جانب أسعار الفائدة المنخفضة في الاقتصادات المتقدمة، إلى تخفيف الأثر المالي للأزمة على اقتصاداتها. ووضعت مجموعة العشرين برنامج تعليق خدمات الديون موضع التنفيذ لإيقاف مدفوعات الديون الرسمية إلى أفقر البلدان مؤقتاً، متبوعاً بالإطار المشترك لمساعدة هذه البلدان على إعادة هيكلة ديونها والتعامل مع مشكلات الإعسار والسيولة التي طال أمدها.

كذلك، وسّع المجتمع الدولي نطاق دعمه المالي، بما في ذلك قروض الطوارئ القياسية من صندوق النقد الدولي وخصص 650 مليار دولار لحقوق السحب الخاصة، و21 مليار دولار منها مباشرة للبلدان منخفضة الدخل. والتزم قادة مجموعة العشرين بدعم البلدان منخفضة الدخل بإقراض 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لتضخيم هذا التأثير بشكل كبير.

لكن، سيكون عام 2022 أكثر صعوبة مع تشديد الأوضاع المالية الدولية وظهور المؤشرات التي تؤكد هذا التوجه. إذ ستنتهي صلاحية تعليق خدمات الديون في نهاية 2022، مما يجبر الدول المشاركة على استئناف مدفوعات خدمة الديون. وستحتاج البلدان إلى الانتقال إلى برامج قوية. وبالنسبة إلى البلدان منخفضة الدخل التي تحتاج إلى معالجة شاملة للديون، سيكون الإطار المشترك حاسماً لإطلاق تمويل صندوق النقد الدولي. لكن الإطار المشترك لم يفِ بوعوده. ما يتطلب اتخاذ إجراءات فورية.

التنفيذ حتى الآن كان بطيئاً

يهدف الإطار المشترك إلى التعامل مع مشكلات الإعسار والسيولة المطولة، إلى جانب تنفيذ برنامج إصلاح يدعمه صندوق النقد الدولي. الدائنون الرسميون لمجموعة العشرين (الدائنون التقليديون لـ "نادي باريس" مثل فرنسا والولايات المتحدة، والدائنون الجدد مثل الصين والهند) وافقوا على التنسيق لتوفير تخفيف أعباء الديون بما يتفق مع قدرة المدين على سداد احتياجات الإنفاق الأساسية والحفاظ عليها. ويتطلب الإطار المشترك من الدائنين من القطاع الخاص المشاركة بشروط قابلة للمقارنة للتغلب على تحديات العمل الجماعي وضمان تقاسم الأعباء بشكل عادل.

لكن، حتى الآن، قدمت ثلاث دول فقط، هي تشاد وإثيوبيا وزامبيا، طلبات لتخفيف الديون بموجب الإطار المشترك. وشهدت كل حالة تأخيرات كبيرة.

وتعكس هذه التأخيرات المشكلات التي دفعت إلى إنشاء الإطار المشترك في المقام الأول. ويشمل ذلك تنسيق "نادي باريس" والدائنين الآخرين، فضلاً عن عديد من المؤسسات والوكالات الحكومية داخل البلدان الدائنة، التي يمكن أن تبطئ القرارات. ويهدف الإطار المشترك إلى التخفيف من حدة هذه المشكلات، ولكنه لا يقضي عليها. إذ يحتاج الدائنون الجدد، بما في ذلك المؤسسات المحلية ذات الصلة، إلى الارتياح لعمليات إعادة الهيكلة التي من شأنها أن تسمح لجميع الدائنين بالعمل معاً في توفير الإغاثة وتمكين صندوق النقد الدولي من إقراض البلدان التي تواجه صعوبات في الديون، لكن هذا الإجراء يستغرق وقتاً.

ولكن، كان هناك تأخيرات لأسباب لا علاقة لها بالإطار المشترك. ولاستعادة القدرة على تحمل الديون، يجب على تشاد إعادة هيكلة التزام كبير ومضمون من قبل شركة خاصة، ويتم توزيعه جزئياً على عدد كبير من البنوك والصناديق. وهذا يعقد عملية صنع القرار. وأدت التحديات المحلية إلى إبطاء التقدم في إثيوبيا وزامبيا.

لا يوجد وقت لنضيعه

قال صندوق النقد الدولي إنه مع تشديد الحيز السياسي للبلدان المثقلة بالديون، يمكن للإطار أن يقدم بسرعة أكبر، مع ضرورة العمل عليه بشكل عاجل وسريع.
أولاً، من الضروري زيادة توضيح الخطوات والجداول الزمنية المختلفة في عملية الإطار المشترك. وإلى جانب المشاركة المبكرة للدائنين الرسميين مع المدين والدائنين من القطاع الخاص، من شأن ذلك أن يساعد في تسريع عملية اتخاذ القرار.

ثانياً، من شأن التأجيل الشامل والمستدام لسداد خدمة الديون طوال مدة المفاوضات أن يوفر الراحة للمدين في وقت يكون فيه تحت ضغط، فضلاً عن تحفيز الإجراءات الأسرع للوصول إلى إعادة هيكلة الديون الفعلية.

ثالثاً، يجب أن يوضح الإطار المشترك بشكل أكبر كيف سيتم إنفاذ قابلية المعاملة للمقارنة بشكل فعال، بما في ذلك عند الحاجة، من خلال تنفيذ سياسات المتأخرات لصندوق النقد الدولي، وذلك لتوفير مزيد من الراحة للدائنين والمدينين.

رابعاً، يجب توسيع الإطار المشترك ليشمل البلدان المثقلة بالديون الأخرى التي يمكن أن تستفيد من التنسيق مع الدائنين. تسوية الديون في الوقت المناسب وبشكل منظم هو في مصلحة المدينين والدائنين على حد سواء.

إعادة الهيكلة أصبحت ضرورة عاجلة

وذكر الصندوق أن ضمان النجاح في الحالات المبكرة لن يفيد البلدان فحسب، بل سيعزز الثقة في الإطار المشترك أيضاً. وفي هذا الصدد، فإن الانتهاء من إعادة هيكلة تشاد بسرعة يمكن أن يكون بمثابة سابقة أساسية لبلدان أخرى.

في إثيوبيا، ينبغي أن تواصل لجنة الدائنين العمل الفني الذي سيسمح بتقديم ضمانات تخفيف الديون في وقت مبكر بمجرد استقرار الوضع.

وفي زامبيا، يجب على دائني مجموعة العشرين تشكيل لجنة من الدائنين الرسميين على وجه السرعة وبدء التعامل مع السلطات والدائنين من القطاع الخاص بشأن تخفيف عبء الديون، مع توفير تعليق مؤقت لخدمة الديون طوال مدة مناقشات إعادة هيكلة الديون. وبخلاف ذلك، سيواجه البلد خياراً مستحيلاً يتمثل في خفض النفقات ذات الأولوية أو تراكم المتأخرات.

وأوضح التقرير أن تحديات الديون ملحة والحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. وذكر أن المتحورة الجديدة من فايروس كورونا، "أوميكرون"، هو تذكير صارخ بأن الوباء سيكون معنا لفترة من الوقت.

لذلك، هناك حاجة إلى إجراءات متعددة الأطراف حازمة لمعالجة عدم المساواة في اللقاحات على الصعيد العالمي ولدعم تسوية الديون في الوقت المناسب بشكل منظم.

من جانبه، فإن صندوق النقد الدولي على استعداد للعمل مع البنك الدولي والشركاء الآخرين للمساعدة في ضمان تقديم إطار العمل للأشخاص الذي تم وضعه للمساعدة.