النهارالاخباريه- وكالات
يبدو أن ملف تصدير نفط إقليم كردستان العراق خرج من شكله المحلي ليكون سبباً في عدم منح منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أي زيادة في إنتاجه، كما حدث مع عدد من دول المنظمة في اجتماعها الأخير في 18 يوليو (تموز) الماضي.
ومنذ إقرار الموازنة العامة للعراق في مارس (آذار) الماضي، والتي نصت على التنسيق بين حكومتي بغداد وأربيل في شأن بيع النفط من الإقليم وبإشراف شركة تسويق النفط العراقي "سومو" مقابل توفير ميزانية الإقليم المتضمنة رواتب موظفيه وتخصيصات دوائره الحكومية، إلا أن أي تقدم لم يحدث بخصوص هذا الملف سوى بعض الدعوات المكررة من كتل سياسية بضرورة إخضاع هذا الملف للحكومة المركزية.
ومن الواضح أن الحكومة العراقية الحالية التي توارثت مشاكل معقدة وكبيرة وتستعد لتنظيم الانتخابات، لا تسعى إلى أي تصعيد مع الإقليم في شأن هذا الملف بأي شكل من الأشكال، ولهذا تركت الحرية له للتحرك في تصدير نفطه، وتركت الملف ليتم إيجاد حلول له من قبل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
إيرادات العراق من دون الإقليم
في المقابل، ذكرت شركة تسويق النفط الوطنية "سومو"، أن مجموع إيرادات النفط الخام وصادراته، خلال النصف الأول من العام الحالي، بلغت 33 مليار دولار، مشيراً إلى أن صادرات نفط الإقليم خارج هذه الإيرادات.
وقال معاون مدير عام الشركة تسويق النفط لشؤون النفط الخام والغاز، علي نزار فائق، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، "إن مبيعات النفط الخام خلال النصف الأول من العام الحالي الممتد منذ بدايته وحتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، بلغت 33 مليار دولار، وبمعدل شهري بلغ بحدود 5 مليارات و500 مليون دولار"، مبيناً أن هذه المبيعات كانت لنفط البصرة الخفيف والثقيل من المنافذ الجنوبية، وكذلك من المنفذ الشمالي لنفط خام كركوك المصدر عبر ميناء جيهان التركي.
77 مليون برميل بيعت من الإقليم
وتابع نزار أن "المبيعات من إقليم كردستان، والتي هي خارج صادرات شركة تسويق النفط، ومصدرة من قبل الإقليم بشكل مباشر، بلغت بحدود 77 مليون برميل نفط خلال النصف الأول من العام الحالي، مرجحاً أن تكون إيراداتها بحدود 4 مليارات و800 مليون دولار.
وعلى الرغم من عدم مهاجمة أغلب القوى السياسية الإقليم في شأن ملف تصدير النفط لانشغالها بالاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقبلة، فإنه عاد للواجهة من جديد بسلسة اتهامات للحكومة بمحاباة الإقليم على حساب باقي مناطق العراق.
وجاءت الانتقادات الجديدة بعد قيام الحكومة العراقية بتحويل مبلغ 200 مليار دينار عراقي (137 مليون دولار) كمساعدة للإقليم خارج الضوابط التي وضعتها موازنة 2021 التي نصت أن تخصص موازنة للإقليم مقابل الإشراف على تصديره نفطه وتسليم جزء من إيرادات المنافذ الحدودية فيه.
خطأ دستوري
من جهة ثانية، يرى عضو لجنة الاقتصاد البرلمانية، مازن الفيلي، أن الحكومة الاتحادية أقدمت على تكرار نفس الخطأ والمخالفة الدستورية والأخلاقية التي ارتكبتها في الشهر السابق بإطلاقها مبلغ 200 مليار دينار بحدود (137 مليون دولار) إلى حكومة إقليم كردستان على الرغم من عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم ولو برميل نفط واحد للسلطة الاتحادية.
وأضاف الفيلي في بيان، "على الرغم من تسليم المحافظات الجنوبية كامل منتوجهاً النفطي، فإن موازنتها الاستثمارية لا تتعدى هذا المبلغ لكل محافظة، الذي يدفع شهرياً للإقليم"، مشيراً إلى أن الإقليم يصدر منتوجه النفطي من دون الرجوع للسلطة الاتحادية وبأسعار أقل من معدلها في السوق العالمية، مما يسبب خسارة مضاعفة للدولة العراقية.
وتابع الفيلي أن هذا المبلغ المصروف شهرياً للإقليم لو تم توزيعه شهرياً على كل محافظة من محافظات الجنوب لساهم في حل كثير من مشاكل البطالة والفقر ودعم الطبقات المحرومة، وينزع فتيل الأزمات الاجتماعية المستمرة في تلك المحافظات.
ويأتي أغلب الإنتاج العراقي من النفط الخام الذي يصدر من قبل الحكومة العراقية من محافظة البصرة، ومن ثم محافظات ميسان وذي قار وواسط وكركوك.
يباع بصورة شرعية
في المقابل، يعتبر النائب الكردي سليم همزة أن نفط إقليم كردستان يباع بصورة شرعية ويجري بعلم حكومة بغداد وتم إقرار بيعه ضمن قانون الموازنات المالية للدولة العراقية، فيما يشير إلى أحقية الإقليم التصرف بالحقول النفطية الحالية.
ويضيف همزة، أن "قضية بيع نفط الكردستاني والاتفاق على الأسعار وآلية إبرام العقود التي قامت بها حكومة كردستان مع الشركات العالمية التي تشتري نفط الإقليم يجب أن تعالج بشكل قانوني بين الحكومة الاتحادية والإقليم"، مبيناً أن هذا الملف بحاجة إلى الاتفاق وإلى جهد الجميع، لا سيما أن نفط الإقليم أقل سعراً من بقية نفوط العراق لأنه أقل جودة".
بيع بعلم حكومة بغداد
ويؤكد أن نفط الإقليم يباع بشكل رسمي، وأن فقرة بيع نفط الإقليم مثبتة في قانون موازنات العراق، مما يعطي بيع النفط شرعية وبعلم حكومة بغداد، وأن الحكومة العراقية لديها معلومات كاملة عن آلية البيع.
ويتابع همزة، أن "حكومة إقليم كردستان لو أرسلت جميع الأموال إلى بغداد من واردات المطارات والمنافذ الحدودية والموارد النفطية إلى الحكومة الاتحادية فإن على الحكومة الاتحادية أن تطلق رواتب موظفي الإقليم، وهذا ما لم تلتزم به الحكومة الاتحادية"، لافتاً إلى أن الإقليم يحصل على نفس الأموال من تصدير نفطه، بالتالي من حق حكومة إقليم كردستان التصرف بالحقول النفطية الحالية، أما الحقول النفطية القديمة فيجب أن يكون بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية.
وعن الأموال التي أرسلتها الحكومة الاتحادية إلى حكومة الإقليم التي مقدارها 200 مليار دينار (137 مليون دولار)، يبين همزة أن هذه الأموال، مكملة لرواتب موظفي إقليم كردستان، وهي دعم جيد لإنهاء مشكلتهم التي تفاقمت بعد عام 2014، الحكومة العراقية تسميها "سلفة"، وهي بالعادة لا تكون شهرية، وإنما يتم تسليمها للإقليم حسب الحاجة ولا تعتمد على توقيت معين.
العراق مطالب بخفض إنتاجه
وأدى عدم التزام إقليم كردستان باتفاق "أوبك+" إلى مطالبة منظمة "أوبك" للعراق بخفض 6 ملايين برميل شهرياً من إنتاجه.
ويقول معاون شركة التسويق النفط (سومو) علي نزار، إن "حصة العراق من إنتاج النفط تبلغ 3.950 ألف برميل يومياً ضمن اتفاق (أوبك+)"، مبيناً أن "صادرات العراق 2950 ألف برميل يومياً إلى 3 ملايين برميل". وأضاف أن "عدم التزام إقليم كردستان باتفاق (أوبك+) ساهم في تراكم تعويضات على العراق"، مشيراً إلى أن "العراق مطالب بخفض 6 ملايين برميل شهرياً بسبب هذا الأمر".
وأوضح نزار أن "البرلمان منح الشرعية بعدم التزام إقليم كردستان باتفاق (أوبك+)". ولم تتضمن الموازنة العامة للعراق المقرة في مارس (آذار) الماضي فقرة محددة تلزم إقليم كردستان بسقف إنتاج محدد أو الالتزام باتفاق "أوبك+" الذي يحدد حصة العراق.
ضمن حصة العراق
بدوره، يشير المتخصص في المجال النفطي حمزة الجواهري إلى أن نفط إقليم كردستان يحتسب ضمن حصة العراق في "أوبك+". ويضيف الجواهري، أن منظمة (أوبك) تعتبر نفط الإقليم جزءاً من حصة العراق في (أوبك)، وبذلك فإن ما يصدره العراق يقارب 3.5 مليون برميل يومياً"، لافتاً إلى أن النفط المبيع يؤدي إلى خسارة للعراق باعتبار أن العقود في كردستان هي عقود مشاركة، بالتالي أرباحها قليلة.
وأضاف أن الشركات النفطية العاملة في الإقليم تأخذ ما يصل إلى 48 في المئة من كل برميل منتج، فضلاً على أن النفط المبيع يكون سعره أقل من النفط العالمي لأنه يباع خارج إطار شركة تسويق النفط العراقية (سومو).