النهار الاخبارية - وكالات
تراجع سعر صرف العملة البريطانية (الجنيه الاسترليني) أمام العملات الرئيسة، مساء الأربعاء، إثر قرار لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) بإبقاء أسعار الفائدة قرب الصفر، والاستمرار في برنامج التيسير الكمي لضخ السيولة في السوق عبر شراء الأصول. وفقد الجنيه الاسترليني نحو نقطة مئوية (0.95 في المئة) من قيمته أمام الدولار الأميركي بنهاية تعاملات الأربعاء ليتم تداوله عند 1.355 دولار للجنيه. كما فقد الاسترليني ما يقارب نصف نقطة مئوية من قيمته مقابل اليورو.
وكانت اللجنة المعنية بوضع السياسة النقدية قررت بأغلبية سبعة أصوات مقابل اثنين الإبقاء على سعر الفائدة الأساسية في بريطانيا عند 0.1 في المئة، على الرغم من التوقعات بأن يبدأ بنك إنجلترا رفع سعر الفائدة هذا الشهر. وأكد بيان اللجنة أن هذا الوضع مستمر لمدة شهر في الأقل، ما قد يوحي باحتمال تغيير النهج في أول اجتماع لها في مطلع العام المقبل.
كما أبقى بنك إنجلترا على برنامج شراء الأصول من سندات خزينة وسندات شركات، مستمراً باستهداف مراكمة أصول بقيمة 1.2 تريليون دولار (875 مليار جنيه استرليني). وكان ارتفاع معدلات التضخم، وإشارات محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي في الأسابيع الأخيرة بأن البنك "سيتصرف" في حال استمرار ارتفاع معدلات التضخم، جعلا الأسواق تتوقع بدء التشديد النقدي هذا الشهر وليس في فبراير (شباط) 2022.
التضخم وسوق العمل
وكان المتوقع أن يبدأ بنك إنجلترا برفع سعر الفائدة بنسبة 0.15 في المئة لتصبح ربع نقطة مئوية، على أن يواصل رفعه بالتدريج ليصل إلى نقطة مئوية في نهاية عام 2022. وذلك بعدما عدل البنك توقعاته في وقت سابق لارتفاع معدلات التضخم، مقدراً أن تصل إلى ما يقرب من خمسة في المئة في العام المقبل، قبل أن تبدأ في الانخفاض.
وكانت معدلات التضخم وصلت في آب (أغسطس) إلى أعلى معدل لها منذ بدأت سجلات التضخم عام 1997. ووصل المعدل في ذلك الشهر إلى نسبة ارتفاع سنوية 3.2 في المئة، لكنه انخفض قليلاً في سبتمبر (أيلول) ليسجل نسبة ارتفاع سنوي عند 3.1 في المئة.
وكما فعل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي في اجتماعه الشهري، الأربعاء، يبدو أن بنك إنجلترا ما زال يرى الارتفاع في معدلات التضخم مؤقتاً. ويعزى في أغلبه إلى الضغوط الناجمة عن مشاكل سلاسل التوريد العالمية، وليس نتيجة اختلالات الأجور وسوق العمل.
وبالنسبة إلى سوق العمل، قال بيلي في المؤتمر الصحافي الذي أعقب إعلان قرار البنك إنه لا تتوفر بيانات كافية لتقييم وضع سوق العمل في بريطانيا، وتحديداً بعد نهاية برنامج دعم الوظائف. لكنه أضاف أن ذلك التقييم ربما يؤدي إلى "تغير في الشهر المقبل تقريباً".
مخاوف اقتصادية
ويتوقع أن يحذو البنك المركزي الأوروبي، المسؤول عن السياسة النقدية لدول منطقة اليورو، حذو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا، بالإبقاء على السياسة النقدية الأوروبية كما هي من دون تغيير. ولطالما كررت رئيسة البنك كريستين لاغارد التقدير نفسه بأن ارتفاع معدلات التضخم الحالي يعود إلى عوامل مؤقتة لا تبرر تشديد السياسة النقدية.
وتخشى البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة من أن رفع سعر الفائدة قد لا يكبح جماح التضخم كما يؤمل، بخاصة إذا كانت الضغوط التضخمية تعود إلى عوامل خارجية مثل مشاكل سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة عالمياً. وأن تشديد السياسة النقدية قد يضر بمعدلات النمو الاقتصادي في مرحلة التعافي من أزمة وباء فيروس كورونا.
ويلاحظ أن بنك إنجلترا في اجتماعه الخميس عدل تقديراته لنمو الاقتصاد البريطاني بالخفض، مرجئاً موعد عودة الاقتصاد إلى الوضع الذي كان عليه قبل الوباء إلى العام بعد المقبل وليس نهاية عام 2022. وعلى الرغم من نمو الاقتصاد البريطاني في أغسطس، بعد انكماشه المفاجئ في يوليو (تموز) بنسبة 0.1 في المئة، فإن البنك خفض توقعاته للنمو في الربع الثالث إجمالاً.
وقدر بيان البنك أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا نمواً في الربع الثالث من هذا العام بنسبة 1.5 في المئة، بينما كان تقديره السابق بنسبة نمو عند 2.1 في المئة. وقدر ألا يتجاوز معدل النمو في الربع الرابع نسبة واحد في المئة.
وبالنسبة إلى معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي، توقع البنك أن تكون بنسبة سبعة في المئة عام 2021، وعند خمسة في المئة في 2022، على أن تتراجع في العامين التاليين لتكون عند نسبة 1.5 في المئة عام 2023، وواحد في المئة في 2024.
وتتخذ البنوك المركزية موقفاً حذراً تجاه احتمالات أن يضر التغيير في السياسة النقدية بفرص النمو تلك، بخاصة في ظل استمرار بعض المشكلات التي عاناها الاقتصاد العالمي في عام الوباء العام الماضي.