الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

واشنطن قلقة إزاء حكومة "طالبان" وستحكم عليها بناء على أفعالها

النهارالاخباريه  - دولى 
أعربت الولايات المتحدة عن "قلقها" إزاء الحكومة التي شكلتها حركة "طالبان" في أفغانستان الثلاثاء، مؤكدة في الوقت نفسه أنها ستحكم على هذه الحكومة "بناءً على أفعالها"، لا سيما ما إذا كانت ستسمح للأفغان بمغادرة بلدهم بحرية.
وفي تصريح أدلى به في الدوحة حيث يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات تتمحور حول الوضع في أفغانستان، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية "نلاحظ أن قائمة الأسماء التي أُعلنت تتكون حصراً من أفراد ينتمون إلى "طالبان" أو شركاء مقربين منهم ولا تضم أي امرأة. نحن نشعر بالقلق أيضاً إزاء انتماءات بعض الأفراد وسوابقهم"، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المتحدث "على الرغم من ذلك، فإننا سنحكم على "طالبان" من خلال أفعالها وليس من خلال أقوالها". وقال "سبق لنا وأن قلنا بوضوح إن الشعب الأفغاني يستحقّ حكومة جامعة".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن الولايات المتحدة قلقة بشأن "انتماءات وسجلات" بعض الأشخاص الذين اختارتهم حركة "طالبان" لشغل مناصب مهمة في الحكومة الأفغانية الجديدة، بحسب "رويترز".
وقال البيان "نكرر أيضاً توقعاتنا الواضحة بأن تضمن طالبان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أي دولة أخرى والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لدعم الشعب الأفغاني".
وجددت الخارجية الأميركية مطالبتها حركة "طالبان" بتوفير ممر آمن للرعايا الأميركيين وكذلك للمواطنين الأفغان الراغبين بمغادرة البلاد.
وكان بلينكن قال في وقت سابق الثلاثاء إن الحركة تتعاون في هذا المجال ما دام الراغبون بالمغادرة يحملون وثائق سفر، وذلك رداً على اتهامات وجهها برلمانيون جمهوريون إلى الإدارة الديمقراطية إثر تقارير تفيد بأن مئات العالقين في أفغانستان، ومن بينهم أميركيون، مُنعوا من السفر من مطار في شمال البلاد.
ويلتقي بلينكن في ألمانيا، اليوم الأربعاء، مع شركائه من 20 بلداً تأثر بالانسحاب من أفغانستان.
وألمانيا هي مركز آخر يستضيف مؤقتاً آلاف الأفغان الذين ينتظرون التوجه إلى الولايات المتحدة، وفق وزارة الخارجية.
وسيلتقي بلينكن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في رامشتاين، حيث سيترأس معه اجتماعاً افتراضياً لوزراء من 20 بلداً حول طريقة المضي قدماً في أفغانستان.
قيادي مدرج على قائمة سوداء
وأعلنت حركة "طالبان" الثلاثاء نواة حكومتها الجديدة وعلى رأسها قيادي مدرج على قائمة سوداء للأمم المتحدة.
وجاء الإعلان عن الحكومة وسط تصاعد الاحتجاجات الرافضة لحكم "طالبان"، ومقتل شخصين في مدينة هرات (غرب) الثلاثاء، بحسب ما أكد طبيب لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقد تعهدت الحركة المعروفة بحكمها القاسي والقمعي في فترة حكمها الأولى بين الأعوام 1996 و2001، تبني نمط حكم أكثر "شمولاً" فيما كانت القوات الأميركية تستكمل انسحاباً فوضوياً من أفغانستان.
لكن جميع الحقائب الرئيسية التي أعلنت الثلاثاء، أسندت إلى قياديين مخضرمين أساسيين في الحركة.
وقال المتحدث الرئيسي باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحافي، إن الحكومة الجديدة ستكون مؤقتة، وسيترأسها الملا محمد حسن أخوند. وأخوند كان مساعداً لوزير الخارجية خلال فترة الحكم السابقة لـ"طالبان"، واسمه مدرج على لائحة سوداء للأمم المتحدة.
وأضاف مجاهد أن المؤسس المشارك لـ "طالبان" عبد الغني برادر سيكون نائباً لرئيس الحكومة. وكان برادر رئيس المكتب السياسي للحركة وترأس المفاوضات في الدوحة مع الأميركيين، وأشرف على التوقيع على اتفاقية انسحاب القوات الأميركية في 2020.
وضمن التعيينات التي أعلنت مساء الثلاثاء، سيتولى الملا يعقوب نجل الملا عمر مؤسس الحركة وزارة الدفاع، فيما يتولى سراج الدين حقاني زعيم شبكة "حقاني" وزارة الداخلية.
وبعيد الإعلان عن التعيينات، أدلى زعيم "طالبان" هيبة الله أخوند زادة بأول تعليق له منذ سيطرة الحركة على أفغانستان، مؤكداً أن الحكومة الجديدة "ستبذل كل ما بوسعها للتمسك بالشريعة الإسلامية في البلاد".
وفي مؤشر على ما يبدو إلى سعي "طالبان" لإرضاء المتشككين، قال مجاهد إن الحكومة، التي لم تكتمل بعد، ستضطلع بدور مؤقت. وأكد أن الحركة التي وعدت بحكومة "جامعة" ستحاول "ضم أشخاص آخرين من مناطق أخرى في البلاد" إلى الحكومة.
غير أن محللاً قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن التعيينات الجديدة بعيدة كل البعد عن النهج الأكثر اعتدلاً الذي وعدت به الحركة.
تظاهرات
وتشي تظاهرات متفرقة في الأيام الماضية بتشكيك بعض الأفغان بقدرة "طالبان" على ترجمة الوعود بحكم أكثر اعتدالاً إلى حقيقة.
ففي هرات نزل عشرات المتظاهرين إلى الشارع رافعين لافتات وملوحين بالعلم الأفغاني السابق. وفتح عناصر "طالبان" النار لتفريق حشود كانت قد تجمعت للتنديد بباكستان، التي تعتبر على نطاق واسع بأنها داعم الحكام الجدد في أفغانستان.
ونقلت جثتان إلى المستشفى المركزي في المدينة من موقع التظاهرة، بحسب ما صرح طبيب لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم الكشف عن هويته خشية عمليات انتقام. وقال "كلاهما مصابان بجروح ناجمة عن طلقات".
وأظهرت تسجيلات مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مسيرة أخرى شارك فيها أكثر من مئة شخص جابوا الشوارع تحت أنظار عناصر مسلحة من "طالبان".
كما خرجت تظاهرات متفرقة في مدن أصغر خلال الأيام الماضية طالبت النساء فيها بدور في الحكومة الجديدة.
وفي المؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء حذر مجاهد الناس من النزول إلى الشارع. وقال "إلى أن تفتح جميع المكاتب الحكومية، ويتم شرح قوانين الاحتجاجات لا ينبغي على أحد التظاهر".
الأمم المتحدة تأمل في إدخال المساعدات براً إلى أفغانستان
أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الثلاثاء عن أمله في إيصال المساعدات قريباً عن طريق البر إلى أفغانستان، مشيراً إلى أنه من المنتظر وصول مسؤول أممي كبير إلى البلاد قريباً.
غريفيث الذي التقى بقادة "طالبان" في كابول الأحد والاثنين، قال في مؤتمر صحافي عبر الفيديو "نود أن نرى بدء الرحلات البرية من دول أخرى، وكذلك في داخل أفغانستان، للتزويد بالإمدادات" ومساعدة الأفغان.
وأوضح أن الرسالة هي "الوكالات الإنسانية في أنحاء العالم، تحتاج في كل دولة إلى تقييم وتقديم ومراقبة المساعدة بشكل مستقل، و(توفير) الأمن للعاملين في المجال الإنساني، المحليين والأجانب، رجالاً ونساء إضافة إلى عائلاتهم".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت الأسبوع الماضي أن الرحلات الجوية الإنسانية، من باكستان خاصة، قد استؤنفت إلى شمال وجنوب أفغانستان.
وأضاف المسؤول الأممي أن "الأمن يجب أن يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية"، مضيفاً أن الأمم المتحدة تحاول الحصول على تأكيدات مكتوبة من "طالبان" بعد وعودها الشفوية بشأن هذا الموضوع.
وكشف غريفيث الذي قال إنه التقى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورير في كابول، أن رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في طريقه إلى أفغانستان.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن "عدد الأفغان المشردين بلغ هذا العام 600 ألف". وتطال الأزمة الإنسانية التي تعانيها البلاد 18 مليون شخص، أي نصف السكان، وفق الأمم المتحدة.
وعقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اجتماعاً وزارياً دولياً في جنيف الاثنين لجمع المزيد من المساعدات الإنسانية لأفغانستان. وتسعى الأمم المتحدة للحصول على إجمالي 606 ملايين دولار لمساعدة البلاد حتى نهاية العام.