الخميس 28 تشرين الثاني 2024

مقرر الأمم المتحدة: لبنان ليس دولة منهارة لكنه على شفير الانهيار وحكومته تخذل شعبها


النهار الاخباريه بيروت
أعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر عن "صدمته من انفصال المؤسسة السياسية عن واقع الذين يعيشون في فقر على الأرض”، مشيرا إلى أن "ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع”.

واعتبر دي شوتر وهو خبير في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في ختام زيارته لبنان على فترة 12 يوما أن "لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها”، متأسفا لما آل إليه الوضع اللبناني بقوله "لقد كان ذات يوم منارة تسترشد بها المنطقة بمستويات عالية من التنمية البشرية وقدرات كبيرة”.

وشملت جولة المقرر الخاص بيروت وطرابلس ومنطقة عكار ووادي البقاع بين 1 و12 تشرين الثاني/نوفمبر، وأجرى لقاءات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وثمانية وزراء، وحاكم المصرف المركزي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد أن تحدث مع أشخاص يعانون من الفقر، ومع منظمات المجتمع المدني، ومجتمع المانحين، ووكالات الأمم المتحدة، والبلديات.

 ورأى الخبير الدولي "أن تدمير الليرة اللبنانية أدى إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلا”.

وأضاف "معروفٌ أن لبنان يتكبد مستويات عالية من الديون، لكن ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا يؤدي بحد ذاته إلى أزمة ديون. السؤال المطروح هو علامَ أنفق القادة السياسيون الموارد؟”، وقال "على مدى عقود، تجاهل لبنان الحاجة إلى سياسات اجتماعية، من برامج قوية في الرعاية الاجتماعية وبنى أساسية للخدمة العامة، وركز بدلا من ذلك على القطاعات غير المنتجة مثل المصارف، مضاعفا الدين العام باستمرار، ومكرسا تلك الموارد لخدمته”.

وتابع "من المذهل التقصير في المسؤولية على أعلى مستويات القيادة السياسية”، وقال "بينما التقيت بمسؤولين مخلصين على مستوى صغار الموظفين، صدمت بانفصال المؤسسة السياسية عن واقع الذين يعيشون في فقر على الأرض. فالأطفال يجبَرون على ترك المدرسة والعمل في ظروف غير آمنة، واللاجئون واللبنانيون في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة والكهرباء، وموظفو المدارس والمستشفيات العامة يغادرون البلد بعد أن طالهم الفقر”.

 ولفت الخبير إلى "أن الأزمة تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلا بعد جيل. وفي حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيع الحكومة وقتا ثمينا في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها”.

 وتطرق إلى غياب المساواة في لبنان، ملاحظا أنه "حتى قبل الأزمة، كانت فئة أغنى 10 في المائة من السكان تحصل على دخل يزيد خمس مرات عن فئة أفقر 50 في المائة منهم. وهذا المستوى الصارخ من عدم المساواة يعززه نظام ضريبي يكافئ القطاع المصرفي، ويشجع التهرب الضريبي، ويركز الثروة في أيدي قلة. وفي الوقت نفسه، يتكبد السكان ضرائب تنازلية تصيب أكثر ما تصيب أشد الناس فقرا. إنها كارثة من صنع الإنسان، استغرق صنعها وقتا طويلا. وللأسف، ما من خطة موثوقة لتخفيف حدة الفقر أعلمتني بها الحكومة إلا وتعتمد على المانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية”.

 وختم دي شوتر أن الاعتماد على المعونة الدولية ليس مستداما، وأنه في الواقع "يضعف مؤسسات الدولة”، كاشفا "التقيت خلال زيارتي بأشخاص يعتمدون على المنظمات الدولية وغير الحكومية للبقاء على قيد الحياة، وأطفالٍ صغار حلمهم الوحيد أن يغادروا البلد في أقرب وقت ممكن، ونساءٍ يتحملن العنف المنزلي ويقتطعن من وجباتهن لحماية أطفالهن، وشبابٍ في مقتبل الحياة لا آفاق لحياتهم”. "يحتاج هؤلاء الناس اليوم إلى حلول موثوقة، ويساورني قلق عميق من أن الحكومة لا تأخذ محنتهم على محمل الجد”.

 في الموازاة، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يبلغ نائبة رئيس المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سكيناس "أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل
الأعباء التي يرتبها استمرار النزوح السوري إلى لبنان ويطالب الاتحاد الأوروبي بالعمل على تسهيل عودتهم إلى المناطق السورية الآمنة، وذلك خلال استقبالها والوفد المرافق في قصر بعبدا. ثم انتقل الوفد إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتوجه إلى الخارجية حيث استقبله الوزير عبد الله بوحبيب قبل أن يجتمع برئيس الحكومة.