النهار الاخبارية وكالات
مشرعون أمريكيون، عن تخوفهم من التطورات الأخيرة التي تشهدها تونس، على خلفية قرارات "استثنائية" اتخذها الرئيس قيس سعيّد أفضت إلى دخول البلاد في أزمة، يصفها معارضوه "بالانقلاب" على الدستور.
وقال مشرّعون ينتمون للحزبين الديمقراطي والجمهوري بواشنطن في بيان لهم تعليقاً على الأحداث بتونسي وتزامناً مع ذكرى الثورة: "نعرب عن مخاوفنا بشأن التطورات الأخيرة التي تهدد الديمقراطية بتونس"، كما أعربوا عن قلقهم إزاء الاعتقالات ذات "الدوافع السياسية"، كما وصفوها.
وأكد بيان المشرعين أنهم ملتزمون بالتوسع في المكاسب التي تحققت على مدى السنوات الـ11 الماضية بتونس، مشددين على أهمية بذل المزيد من الجهود لضمان الديمقراطية، كما رحب البيان بتعيين رئيس وزراء جديد، كما طالبوا قيس سعيّد بالكشف عن "خارطة الطريق" التي لطالما تحدث عنها دون أن يذكر تفاصيلها.
وأرسل المشرعون بيانهم إلى الرئيس جو بايدن، وإلى وزير خارجيته أنتوني بلينكن، داعين إلى مواصلة دعم الإصلاحات الشفافة والهادفة، والمساءلة عن خطط الإصلاح المقترحة من قيس سعيّد.
الأمم المتحدة تعلق
بيان المشرعين جاء في وقت دعت فيه المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بدورها، السلطات التونسية، الثلاثاء، إلى الإفراج الفوري عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي، الموضوعَين قيد الإقامة الجبرية.
حيث قالت المفوضية، في بيان، إن "التطورات الأخيرة في تونس عمَّقت انشغالنا بتدهور أوضاع حقوق الإنسان، ويجب على السلطات إما الإطلاق الفوري لسراح نور الدين البحيري وفتحي البلدي، أو توجيه تهم قضائية لهما وتقديمهما للمحاكمة، بشكل يضمن حقوقهما".
فيما أضافت أن "عملية اعتقال كل من البحيري والبلدي تذكّرنا بممارسات لم تحدث منذ أيام (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي، من اختطاف قسري ومحاكمات عشوائية".
كما تابعت: "نحن منشغلون بهذا التدهور في تونس، والتوظيف غير النزيه لقوانين مكافحة الإرهاب، وارتفاع أعداد المدنيين الماثلين أمام القضاء العسكري".
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية مطلعة لقناة الجزيرة القطرية، إن وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، أحال عدداً من القيادات الأمنية إلى التقاعد الوجوبي.
"اختطاف البحيري"
ويأتي هذا بعد أن قامت السلطات التونسية باعتقال القائد بحركة النهضة نور الدين البحيري، وتعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات التونسية باعتقال أحد قيادات حركة النهضة، وهو الأمر الذي ربما يسهم أكثر في تأزم المشهد السياسي بالبلاد بعد إجراءات سعيد الاستثنائية.
فيما حملت حركة "النهضة" (صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائباً من أصل 217)، مؤخراً، الرئيس قيس سعيّد ووزير الداخلية،
المسؤولية المباشرة عما اعتبرتها "عملية اختطاف" القيادي البحيري.
من جهته، أعلن شرف الدين، في 3 يناير/كانون الثاني الجاري، أن البحيري والبلدي وُضِعا قيد الإقامة الجبرية لتهم تتعلق بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".
ونقلت السلطات التونسية، قبل أيام، البحيري (63 عاماً) إلى قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي "الحبيب بوقطفة" في بنزرت؛ إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام، رفضاً لاحتجازه منذ 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لكن حركة "النهضة" وعائلة البحيري وهيئة الدفاع عنه رفضوا صحة هذا الاتهام، ووصفوه بـ"المسيس"، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
يشار إلى أن البحيري محامٍ وسياسي، وشغل منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيراً معتمداً لدى رئيس الحكومة بين 2013 و2014.
إجراءات استثنائية
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
أما في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فأعلن الرئيس سعيّد عن رزنامة مواعيد للخروج من "المرحلة الاستثنائية"، تبدأ بما سمّاه "الاستشارة الشعبية الإلكترونية"، وتنتهي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 بانتخابات مبكرة، وتنظيم استفتاء يوم 25 يوليو/تموز 2022.
إلا أن معارضين لسعيد يؤكدون أن إجراءاته الاستثنائية عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
على إثر ذلك، ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).