الأحد 24 تشرين الثاني 2024

ماذا يعني فوز حزب مؤيد لبوتين في سلوفاكيا التي كانت أكبر داعم لكييف؟

النهار الاخبارية - وكالات 

فاز حزب شعبوي يدعى "سمير-إس دي" (Smer-SD) في انتخابات سلوفاكيا، وفق ما أظهرته نتائج رسمية، حيث يطالب الحزب بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا وينتقد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ويدعم وجهات نظر موسكو. وتكمن أهمية هذا الحدث في أن سلوفاكيا التي تقع في قلب القارة العجوز، من أكبر المانحين لأوكرانيا في أوروبا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ويبلغ عدد سكانها 5.4 مليون نسمة.

ما هو حزب "سمير-إس دي" الذي فاز بانتخابات سلوفاكيا؟
حصل حزب "سمير-إس دي"، بقيادة رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو، على 23.3%، متغلباً على حزب سلوفاكيا التقدمية الوسطى الذي حصل على 17%. وخلال حملته الانتخابية، اعتمد هذا الحزب بشكل أساسي في دعايته على قضية الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا، وتعهد زعيمه فيكو (59 عاماً)، بأن "سلوفاكيا لن ترسل قطعة ذخيرة واحدة" إلى أوكرانيا، داعياً إلى تحسين العلاقات مع روسيا.

ويعد حزب "سمير-إس دي" التي تأتي اختصاراً لكلمة: "الاتجاه-الديمقراطية الاجتماعية"، حزباً اشتراكياً يسارياً شعبوياً في سلوفاكيا، بقيادة رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو.

أسس فيكو هذا الحزب في عام 1999 باعتباره انشقاقاً عن حزب اليسار الديمقراطي ما بعد الشيوعية، وقد عرّف حزب سمير-إس دي، نفسه في البداية على أنه حزب الطريق الثالث. حيث تبنى لقب الديمقراطية الاجتماعية بعد اندماجه مع العديد من أحزاب يسار الوسط الصغيرة في عام 2005. ليهيمن على السياسة السلوفاكية من عام 2006 إلى عام 2020، ويقود حكومتين ائتلافيتين (2006-2010)  ولاحقاً بين (2012 و2018). 

لكن الحكومات التي يقودها هذا الحزب ارتبطت بالعديد من فضائح الفساد السياسي، واتهمها المعارضون بأنها أدت إلى تدهور سيادة القانون في سلوفاكيا. ومنذ الانتخابات البرلمانية الماضية التي نجحت المعارضة بالعودة فيها للحكم، تحقق السلطات السلوفاكية في قضايا واسعة النطاق من الفساد السياسي تورط فيها عدد من السياسيين في حزب "سمير-إس دي".

ما الأفكار والسياسة الخارجية التي يحملها حزب "سمير-إس دي"؟
يزعم حرب سمير-إس دي، أنه يدعم عضوية سلوفاكيا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لكنه غالباً يقدم مواقف مؤيدة لروسيا ومتشككة في أوروبا بشأن السياسة الخارجية. ويعبر الحزب عن مشاعر قوية معادية للغرب، خاصةً المشاعر المعادية لأمريكا، وغالباً ما ينأى بنفسه عن المواقف الغربية.

وفيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، يدعو "سمير-إس دي" إلى إنهاء المساعدات العسكرية لأوكرانيا وكذلك العقوبات ضد روسيا على الفور. فهو يفسر الغزو الروسي لأوكرانيا على أنه حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تتعامل موسكو مع التهديدات التي تواجه مصالحها الوطنية. ويعلن الحزب أن الصراع الذي اندلع في عام 2014 كان بسبب "إبادة مواطنين من الجنسية الروسية على يد الفاشيين الأوكرانيين".

وفي بيان سياسته الخارجية يدعو "سمير" إلى التفاهم مع الدول "التي لديها شكل من أشكال الحكم غير الديمقراطية البرلمانية"، في إشارة إلى الصين وفيتنام. خلال فترة رئاسته للوزراء، أشاد زعيم الحزب روبرت فيكو، بالنظام السياسي في كلا البلدين، ووصف النظام السلوفاكي بأنه أخرق وغير قادر على المنافسة بالمقارنة. في عام 2007، قام فيكو بزيارة رسمية لزعيم ليبيا آنذاك، معمر القذافي؛ "لمناقشة الحرب ضد الإمبريالية العالمية".

هل يُحدث صعود هذا الحزب في سلوفاكيا صدعاً أكبر في الموقف الأوروبي من روسيا؟
يتوقع محللون أن تحدث حكومة برئاسة فيكو تغيّراً جذرياً في سياسة سلوفاكيا الخارجية لتصبح أشبه بالمجر في عهد رئيس وزرائها فيكتور أوربان. ويرجّح أن يسيطر حزب "سمير" على 42 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 150، وبالتالي سيحتاج إلى شركاء في الائتلاف لنيل الأغلبية.

وتعد سلوفاكيا من أكبر المانحين لأوكرانيا في أوروبا. حيث زار وزير الدفاع السلوفاكي، مارتن سكلينار، كييف قبيل الانتخابات، فيما شكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الاقتراع سلوفاكيا؛ لـ"وقوفها إلى جانب أوكرانيا".

وقال المحلل المستقل غريغوريي ميسيزنيكوف لـ"فرانس برس": "علينا الإنصات بتمعّن لما يقوله فيكو علنا". وأضاف: "إنه ينشر روايات مؤيّدة لروسيا.. وهذا أمر خطير. لن يكون من السهل تنفيذ التهديد، لكنه سيحاول، وسنكون أقرب إلى المجر حينذاك".

يُنظر إلى المجر على أنها دولة تغرد خارج سرب الاتحاد الأوروبي وتسبب له المتاعب كثيراً، إذ تواجه انتقاد متكررة في قضايا مرتبطة بجهود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لمساعدة أوكرانيا، والموقف السياسي من روسيا.

ولدى تصويتها لصالح حزب "سمير" في براتيسلافا، قالت المواطنة إليسكا سبيساكوفا إن "الحزب يعد الخيار الطبيعي بالنسبة للعمال الفقراء وأشخاص مثلي". وأضافت لـ"فرانس برس": "لدي ثقة كبيرة بـ(فيكو)، إنه يركّز خصوصاً على احتياجاتنا كسلوفاكيين".

وشهدت الحملة الانتخابية معدلات مرتفعة للتضليل على الإنترنت، استهدفت خصوصاً رئيس حزب "سلوفاكيا التقدمية" ميشال سيميكا، وهو نائب رئيس للبرلمان الأوروبي. حيث كشفت دراسة لمركز أبحاث "غلوبسيك" العام الماضي، أن غالبية السلوفاكيين يصدّقون نظريات المؤامرة الشائعة حول الحرب الروسية الأوكرانية.

هل ينجح فيكو في تشكيل ائتلاف حكومي مؤيد لروسيا؟
يُنظر إلى حزب "هلاس-إس دي" اليساري الذي ظهر عام 2020 عندما انسحب عدد من نواب "سمير" من حزب فيكو، كشريك محتمل لحزب سمير-إس دي، إذ يتوقع أن يحصل على 27 مقعداً. 

ويتولى قيادة حزب "هلاس"، بيتر بلغريني الذي تولى رئاسة وزراء سلوفاكيا عام 2018 بعدما اضطر فيكو إلى التنحي في ظل احتجاجات خرجت بأنحاء البلاد بعد مقتل الصحفي يان كوتشياك وخطيبته. حيث كشف كوتشياك عن العلاقة بين المافيا الإيطالية وحكومة فيكو في آخر تقرير نُشر بعد وفاته.

وأفاد بلغريني للصحفيين بأن مشاركة رئيسي وزراء سابقين في حكومة واحدة ليست فكرة جيّدة، لكن "ذلك لا يعني أن ائتلافاً من هذا النوع يعد أمراً مستحيلاً".

وقال المحلل برانيسلاف كوفاتشيك من جامعة ماتييه بل في مدينة بانسكا بيستريتسا، لوكالة فرانس برس، إنه يتوقع انضمام بلغريني إلى الائتلاف. وأكد: "قد لا يكون عضواً في الحكومة. يمكن أن يصبح رئيساً للبرلمان. فعل ذلك في الماضي وكان أداؤه جيّداً".

يمكن للحزبين أن يتفقا مع "الحزب الوطني السلوفاكي" القومي الذي يتوقع أن يحصل على عشرة مقاعد ليشكّلوا معاً غالبية في البرلمان بـ79 مقعداً. وشكّل فيكو مرتين في الماضي حكومة مع "الحزب الوطني السلوفاكي" الذي عارض المساعدات العسكرية لأوكرانيا وكان مؤيداً أيضاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأفكاره.

واستقلت سلوفاكيا عام 1993 بعدما انفصلت سلمياً عن الجمهورية التشيكية في أعقاب انتهاء أربعة عقود من حكم الحزب الشيوعي لتشيكوسلوفاكيا عام 1989. ورغم أن العديد من السلوفاكيين اختبروا الحياة في ظل نظام شيوعي تديره موسكو، فإن كثراً صوتوا للشعبويين الذين يشاركون الكرملين وجهات نظره.