الأربعاء 2 تشرين الأول 2024

لماذا كانت الغواصات النووية في واجهة تحالف "أوكوس" الثلاثي ضد الصين؟


النهار الاخباريه وكالات 

أثار الإعلان المفاجئ عن تزويد الولايات المتحدة أستراليا بثمانية من الغواصات النووية خلال سنوات كجزء من تحالف دفاعي جديد يشمل أيضاً بريطانيا، صدمة للخصوم في بكين وللحلفاء في باريس وبروكسل في آن واحد رغم اختلاف أسباب الصدمة والغضب لدى كل منهما، فما الذي دفع إدارة بايدن إلى أن تكون واجهة هذا التحالف غواصات تعمل بالطاقة النووية ذات تكنولوجيا حساسة رغم أنها لا تحمل أسلحة نووية؟ وما الذي أغضب الحلفاء الفرنسيين والأوروبيين من هذا التحالف؟ 
أهمية أستراليا 
اعتبر إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض محاطاً برئيسي وزراء بريطانيا وأستراليا اللذين شاركا بالفيديو عبر الإنترنت، مشاركة أستراليا تكنولوجيا إنتاج الغواصات التي تعمل بمحركات نووية، بمثابة تدشين تحالف استراتيجي ثلاثي جديد تحت اسم "أوكوس" وهو اختصار الحروف الأولى للبلدان الثلاثة باللغة الإنجليزية، خاصة وأنها تحمل رسالة واضحة لمواجهة الطموحات الصينية في المحيطين الهندي والهادئ. 
وإذا كانت الولايات المتحدة وفرت هذه التكنولوجيا الحساسة لبريطانيا كأقرب حلفائها في خمسينيات القرن الماضي، فإنها تضيف الآن أستراليا كحليف قديم لا غنى عنه لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الوثيقة، فضلاً عن موقعه الحيوي على المحيطين الهندي والهادئ جنوب الصين التي دخلت في حرب تجارية مع أستراليا قبل أكثر من عام.
وعلى الرغم من حرص بايدن وسكوت موريسون رئيس الوزراء الأسترالي وبوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني على تجنب ذكر الدولة التي يستهدفها هذه التحالف، إلا أنه من الواضح أنه يهدف إلى مواجهة القوة العسكرية البحرية المتنامية للصين في المنطقة عبر سباق تسلح بدت ملامحه تتزايد بقوة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما دفع وزارة الخارجية الصينية إلى انتقاد الصفقة ووصفتها بأنها تهدد السلام الإقليمي وتؤدي إلى سباق تسلح.
لماذا الغواصات؟
يتفق المتخصصون العسكريون في الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية أنها ستعزز من قوة التحالف الجديد في الفناء الخلفي للصين حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى توجيه سياستها الخارجية نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسيكون للغواصات ذات التكنولوجيا المتطورة مزايا استراتيجية عديدة، فهي أكثر فتكاً وتتمتع بقدرة أكبر على التخفي وبصوت هادئ جداً يصعب تتبعه وتتميز بقدرة أكبر على المناورة ومدى أطول مقارنة بالغواصات الأسترالية التقليدية الحالية، ويمكن أن تبقى تحت الماء لعدة أشهر.
وفي حين كانت أستراليا منخرطة في مفاوضات طويلة مع فرنسا لتعزيز قدراتها البحرية عبر شراء 12 غواصة تقليدية تعمل بالديزل بقيمة 66 مليار دولار، إلا أن العرض الأميركي كان صفقة لا ترد نظراً للمزايا العديدة المتفوقة للغواصات ذات المحركات النووية والتي ستجعل أستراليا الدولة السابعة في العالم التي تمتلك قدرات تشغيل غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى جانب الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا والهند، بعدما كان بحوزة أستراليا 6 غواصات قديمة فقط تعمل بالديزل مزودة بصواريخ موجهة من طراز كولينز.
وفي حين لم تذكر الصفقة الأميركية والبريطانية مع أستراليا ما إذا كانت الغواصات ستكون مسلحة بصواريخ كروز وما إذا كانت ستكون من طراز فيرجينيا الأميركية أو فئة أستوت البريطانية، إلا أنها ستسمح لأستراليا أن تصبح لاعباً قوياً في المحيط الهادئ بطريقة قد تغير توازن القوة البحرية في منطقة كانت فيها الصين توسع نفوذها، حيث تشير تقارير غربية إلى أن الصين تمتلك 6 غواصات تعمل بالطاقة النووية وعشرات الغواصات التقليدية، كما أنه يعتقد أنها تعمل على إنتاج 5 غواصات نووية أخرى الأمر الذي يشكل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة وحلفائها.
مقامرة استراتيجية 
وبالرغم من المكاسب التي ستحققها أستراليا، إلا أن هناك بعض المخاوف من تبعات هذا التحالف، فهناك خطر يتمثل في أن أي مواجهة أميركية ضد الصين يمكن أن تتحول إلى صراع لا يمكن لأستراليا بسبب شراكتها وتحالفها مع واشنطن ولندن أن تجنبه، خاصة وأن أن اﻟﻘﻮﺗﻴﻦ اﻟﻌﻈﻤﻴﻴﻦ توترت علاقتهما بشأن تايوان، الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تقول بكين إنها أراض صينية، بينما تحذر الولايات المتحدة من أن استخدام القوة لتحديد مصير تايوان سيكون مصدر قلق بالغ، ما يترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية التدخل العسكري.