السبت 23 تشرين الثاني 2024

كيف تمكن أوكرانيا من التصدي للإجتياح الروسي بمساعدة بريطانيا ...


النهار الاخباريه وكالات
أصبح مشهداً مألوفاً في الأسابيع الثلاثة الأولى من غزو روسيا أوكرانيا أن نرى دبابات روسية محترقة وناقلات وشاحنات إمداد متعطلة على جوانب الطرق، بعد تلقيها ضربات صاروخية بأسلحة خفيفة الوزن عديدة، وطائرات مسيرة، أبرزها التركية بيرقدار، وكان من بين هذه الأسلحة صواريخ بريطانية مضادة للدروع، فكيف ساعدت صواريخ بريطانيا المحمولة على الاكتاف الجيش الأوكراني في التصدي للهجوم الروسي؟
ما الأسلحة البريطانية المستخدمة في أوكرانيا؟
تقول صحيفة The Guardian إن بريطانيا كان لها "دور رائد" في تسليح القوات الأوكرانية بأشد الأسلحة فاعلية، وتدريب الأوكرانيين على استخدامها، وهو أمر "لم يعد يشوبه الإنكار في أي من وزارات الدفاع في العالم".

ويقول لاسير لورانس فريدمان، أستاذ دراسات الحرب في كلية كينغز كوليدج بلندن، إن "سياسة بريطانيا الخارجية جديرة بالاستنكار في بعض الأحيان، إلا أننا كنا سبَّاقين إلى مساعدتهم حقاً. وقد تعاونَّا تعاوناً وثيقاً مع الأوكرانيين منذ مدة من الوقت، فكنا على دراية بما يحتاجون إليه، وأرسلنا إليهم سلاحاً فعالاً في التصدي للمدرعات، وكنا أول من أرسل معدات أساسية قبل بدء الحرب، وكانت تلك المعدات شديدة الأثر".
الأسلحة التي أرسلتها بريطانيا هي صواريخ "أطلق وانسَ"، من "الجيل المتقدم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات"، التي تُعرف اختصاراً باسم صواريخ NLAW المضادة للدبابات أو "نلاو"، وقد كشفت تلك الأسلحة عن فاعلية شديدة في الفتك بالمركبات الروسية التي تُركت عرضة للهجوم لضعف التنسيق العسكري بين القوات.
أما عن مشاركة بريطانيا في تدريب القوات الأوكرانية فقد بدأت منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014. ولم تمنع بعض المعارضة للأمر داخل دوائر الحكومة البريطانية خطوات الحكومة لمساعدة القوات الأوكرانية وتدريبها، ضمن ما يُعرف بـ"عملية أوربيتال" المشتركة بين البلدين منذ عام 2015.
وتستشهد صحيفة The Guardian بما قاله الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو، عن أنه ورث قوات مسلحة متهالكة عندما تولى السلطة في عام 2014، لكن هذه القوات تبدَّلت أحوالها بفضل المساعدات الغربية، وبعد إشراف برنامج "أوربيتال" المشترك مع بريطانيا على تدريب 22 ألف جندي أوكراني.

"صواريخ NLAW بلغ معدل نجاحها نسبة 90% في أوكرانيا"
بالإضافة إلى ذلك، برهنت صواريخ "نلاو" على شدة فاعليتها، وتقول الصحيفة البريطانية إن مصادر محلية أبلغتها عن "معدل نجاح بلغت نسبته 90%، وهو معدل غير عادي حققته تلك الصواريخ في إصابة أهدافها"، كما أن تلك الصواريخ يمكن نقلها بسرعة وإخفائها بسهولة، فهي أخف وزناً من صواريخ "جافلين" الأمريكية المضادة للدبابات المشابهة لها، والتي كانت الولايات المتحدة ترسلها إلى أوكرانيا. وقد أرسلت بريطانيا حتى الآن أكثر من 4200 صاروخ "نلاو".
رغم أن إمدادات بريطانيا من السلاح والتدريب كانت فعالة، فإن خبراء عسكريين لفتوا إلى أن ضيق الوقت لم يسمح بدعم أوكرانيا بتدريب أكثر تطوراً أو تزويدها بالأسلحة اللازمة لمواجهة غزو شامل، حتى إن الحكومة البريطانية قالت إنها تعتزم تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف "ستار ستريك" Starstreak، إلا أن هذه الأنظمة معروف أن التدريب عليها يتطلب وقتاً طويلاً.
وفي هذا السياق، قال البروفيسور مايكل كلارك، الخبير العسكري، إن "عملية أوربيتال كانت ناجحة، وإن كان الاختلاف يدور في مدى نجاحها، هل كان كافياً أم لا؟ هذا سؤال آخر. فأولاً: الروس يأتون بأعداد كبيرة، وثانياً، يتعين على القوات العسكرية جميعها تحسين نفسها، فالأقرب احتمالاً ألا يجد الأوكرانيون أهدافاً سهلة" كتلك التي تستخدم للتدريب.
كما حذر خبراء آخرون من أن مساعدة القوات الأوكرانية على تجاوز نقاط ضعفها أو تزويدها بقدرات تتيح لها شنَّ هجمات مضادة أصبح أمراً عسيراً من الناحية اللوجستية، وينطوي على مخاطر باستفزاز روسيا إلى مزيدٍ من التصعيد.
وقال نيك رينولدز، الباحث المتخصص في الحروب البرية في معهد رويال يونايتد للخدمات، إن تزويد أوكرانيا بالمعدات يخضع لقيود، تتعلق بقدرة الأوكرانيين على استخدامها، وأيضاً العمل على ألا تقع في أيدي الروس. كما أن ضيق الوقت يجعل تدريب الجنود على استخدام هذه الأسلحة أمراً عسيراً، لا سيما إذا كان عليك فعل ذلك دون مشاركة مباشرة من الناتو. والخلاصة أن مساعدة أوكرانيا في هذا الصدد كانت يجب أن تجري في السابق، من دون معوِّقات ضيق الوقت وتعقيدات ذلك".
ما هي صواريخ NLAW وما ميزاتها؟
تعد صواريخ MBT LAW سلاح قتال رئيسياً مضاداً للدروع، وهي نظام بريطاني- سويدي مشترك للصواريخ المضادة للدبابات قصيرة المدى، وتعمل أيضاً على نظام "أطلق وانسَ. وصُممت صواريخ NLAW للاستخدام من قِبل المشاة، حيث تطلق من الكتف، ويُمكن التخلص منه بعد الإطلاق. وبحسب والاس، فقد أرسلت بريطانيا الآلاف من هذه الصواريخ لكييف مؤخراً وقد ترسل المزيد.
وبحسب تقرير سابق لمجلة الإيكونوميست البريطانية، فإن صواريخ "أطلق وانسَ"، مثل NLAW، ويمكن أن تصعّب من مهمّة الجيش الروسي بدخول المدن الأوكرانية، إذ تعد الصواريخ المضادة للدبابات "أسلحة كمائن". 
ورغم أن صواريخ جافلين يمكن أن تضرب الدبابة على بعد ميلين، فإن صواريخ NLAW تتطلب من صاحبها الدخول في مسافة تصل إلى 800 متر أو نحو ذلك لضرب العدو، وهي مهمة أسهل في الغابات أو المدن أكثر من السهول.
وبالتالي ستكون ترسانة أوكرانيا الكبيرة والمتنامية من هذه الصوريخ أكثر فاعلية في المناطق الحضرية أو مناطق الغابات، حيث يمكن للمدافعين الاختباء بين المباني أو الأشجار والاقتراب دون أن يتم اكتشافهم.
وإلى جانب الآلاف من صواريخ "نلاو" البريطانية، تعتمد كييف على صواريخ جافلين (FGM-148 Javelin) أمريكية الصنع، التي تسمى "جزار الدبابات"، والتي تدفقت إلى أوكرانيا قبل الحرب -ولا تزال تتدفق- من كل حدب وصوب، حيث تعول كييف على هذه الصواريخ بشكل كبير لصدّ الغزو الروسي وتدمير أعتى الدبابات والمدرعات الروسية.
وصواريخ جافلين (Javelin)، التي تعني "الرُّمْح"، التي تصنعها شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية، تعمل بنظام "أطلق وانسَ"، ما يعني أن الجنود يمكنهم بشكل أساسي إطلاق الصاروخ على الهدف دون الحاجة للتصويب عليه بدقة، ويصيب الصاروخ هدفه بفضل المعدات الإلكترونية والمستشعرات الحرارية والبصرية بداخله، بحيث يتتبع الصاروخ الحرارة الصادرة عن مدرعات أو دبابات العدو ليصيبها مباشرة.
وتتمتع صواريخ جافلين بخبرة قتالية قليلة نسبياً، لكنها تميل إلى أن تكون فعالة وسهلة الاستخدام، لدرجة أن الجنود سيُطلقون الصواريخ على أي شيء تقريباً، وليس الدبابات فحسب، إذ تقول مجلة فورين بوليسي إن الجيش الأمريكي كان يستخدم هذا السلاح ضد المخابئ والكهوف والجنود المشاة في حروبه الأخيرة بأفغانستان والعراق وسوريا.