الأربعاء 2 تشرين الأول 2024

فشل انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب يعمّق صراعات الجمهوريين

النهار الاخبارية - وكالات 

للمرة الأولى منذ نحو قرن يفشل زعيم أغلبية جمهورية في الفوز بانتخابات رئاسة مجلس النواب الأمريكية نتيجة خلافات داخل الأغلبية، هذا ما حدث مع زعيم الأغلبية الجمهورية كيفن مكارثي خلال جولتي التصويت الأولى والثانية في مجلس النواب، يوم الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني 2023، إذ أخفق في الحصول على الأصوات الكافية للفوز برئاسة المجلس، ما يكشف عن أزمة عميقة داخل معسكر الجمهوريين.

فشل انتخاب مكارثي يكشف عن أزمة عميقة داخل الجمهوريين
على الرغم من أن الجمهوريين حصلوا على أغلبية ضئيلة في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني، وجد زعيم الأغلبية مكارثي نفسه في الطرف المستهدف، حيث تجمعت مجموعة من أعضاء الكونجرس المتشددين معاً لحرمان زعيم حزبهم من الأغلبية المطلقة التي يحتاجها للحصول على منصب المتحدث باسمهم.

ويقول تقرير لمجلة Economist البريطانية، إن ما حصل ينم عن بداية سيئة تاريخياً للكونغرس الجديد. وكانت آخر مرة فشل فيها التصويت على زعيم الأغلبية الجمهورية من أول جولة، قبل قرن من الزمان، عندما حسم فريدريك جيليت المنصب بعد 9 جولات من التصويت. ومع ذلك، لم يكن ذلك سيئاً مثل دراما عام 1855، عندما كان مجلس النواب غارقاً في نزاع حول العبودية، حيث استغرق حينها الأمر شهرين و133 جولة من التصويت لاختيار زعيم لمجلس النواب. حتى الآن، فشل مكارثي في ​​الفوز في محاولته الثالثة، وأجّل مجلس النواب التصويت حتى يوم الأربعاء 4 يناير/كانون الثاني 2023.

ويحتل منصب رئيس مجلس النواب الأمريكي المرتبة الثالثة في هيكل السلطة السياسية بالولايات المتحدة بعد رئيس البلاد ونائبه. ونظراً للأغلبية الضيقة التي يتمتع بها الجمهوريون، يواجه مكارثي -النائب عن ولاية كاليفورنيا- صعوبة كبيرة في تأمين ما يكفي من الأصوات.

وتقول شبكة CNN إنه من دون رئيس مجلس النواب، سيبقى المجلس في حالة خاملة، وغير قادر على النظر في التشريع أو حتى أداء اليمين رسمياً لدى الأعضاء الجدد حتى يتم حل مسألة انتخاب زعيم المجلس.

في النهاية، سيتم انتخاب زعيم جمهوري للمجلس، سواء كان مكارثي أم أي شخص آخر، لكن الملحمة هذه تثبت أن الجمهوريين لا يزالون في حالة من الفوضى أثناء خوضهم أزمة هوية أثارها دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والزعيم الطامح للفوز مرة أخرى في الرئاسة العام القادم.

فوضى داخل معسكر الحزب الجمهوري
وبسبب أساليبه السياسية المثيرة للجدل ومحاولاته استمالة خصوم جمهوريين لصالحه، فشل مكارثي في محاولته الأولى ليصبح رئيساً للأغلبية الجمهورية في عام 2015. وعمل تجمع من نواب أقصى اليمين الجمهوريين على إحباط مكارثي منذ ذلك الحين.

وبعد الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 قال مكارثي إن ترامب يتحمل المسؤولية الكاملة عن اقتحام الكونغرس، وأخبر زملاءه أن الرئيس السابق يجب أن يستقيل. وبعد ثلاثة أسابيع، كان مكارثي يذعن لصانع الملوك في "مار إيه لاغو"، قصر الرئيس السابق ترامب في فلوريدا. فعندما أصبحت ليز تشيني، التي كانت ذات يوم في المرتبة الثالثة للجمهوريين في مجلس النواب، منتقدة صريحة لمحاولات ترامب لقلب خسارته في الانتخابات، أيد مكارثي طردها من القيادة، وشن حملة ضد إعادة انتخابها.

ومن المفارقات، أنه بعد كل التذلل في السنوات القليلة الماضية لترامب، وجد مكارثي نفسه مرة أخرى غير موثوق به داخل الحزب الجمهوري، ومُحرجاً من قبل نواب أقصى اليمين في حزبه. 

وتقول الإيكونوميست، إنه في يوم التصويت على رئاسة مجلس النواب، كان ازدراء نواب أقصى اليمين الجمهوريين لزعيمهم الجديد واضحاً. ووصفه بوب جود، وهو عضو في الكونجرس من ولاية فرجينيا، بأنه عضو في "كارتل المستنقعات الأحادي للحزب". وقال سكوت بيري، عضو الكونجرس عن ولاية بنسلفانيا، والذي كان الأكثر مشاركة في الجهود المبذولة لإلغاء نتائج الانتخابات في عام 2020، إنه "خلال 14 عاماً في القيادة الجمهورية، فشل مكارثي مراراً وتكراراً في إظهار أي رغبة في تغيير الوضع الراهن بشكل كبير، فيما وصفه مات جايتز، عضو الكونجرس من فلوريدا، بأنه "أكبر تمساح في مستنقع واشنطن".

ماذا يريد تيار أقصى اليمين داخل الحزب الجمهوري؟
تقول المجلة الأمريكية إنه على الرغم من حديث هؤلاء المشرعين عن المطالبة بالتزامات سياسة مالية أكثر تشدداً داخل مجلس النواب، فمن الواضح أن اعتراضاتهم على مكارثي شخصية للغاية.

وكان مكارثي متردداً في الدخول في مفاوضات مع منتقديه قبل أشهر، على أمل أن يتمكن ببساطة من دفعهم إلى الخضوع. لكن في الأيام الأخيرة التي سبقت التصويت، بدأ في الاستسلام لمطالبهم، ولكن كان لذلك تأثير سلبي يتمثل في تقليص كل الاحترام الذي يكنونه له، ما أدى لتقوية تحركاتهم لحرمانه من منصب زعيم المجلس.

في النهاية، من سيصبح متحدثاً للجمهوريين يبدو أنه مستعد لتجربة جحيم، حيث يتعين على الزعيم الجديد أن يقاتل ضد نواب أقصى اليمين المنحازين لترامب، من أجل تجنب إلحاق أضرار جسيمة بالبلاد، مثل التخلف عن سداد الديون أو الدخول في عمليات إغلاق حكومية طويلة. 

ويتطلب تجنب هذه "الكارثة" اللجوء إلى مساعدة الديمقراطيين في الكونغرس. لكن من الواضح أن الدورة القادمة لمجلس النواب ستجعل عمليات التشريع أكثر صعوبة وفوضوية داخل الكونغرس.

ماذا يحدث في مجلس النواب الأمريكي حين يعجز الأعضاء عن اختيار رئيس له؟
عَجْز نواب الحزب الجمهوري الأمريكي عن انتخاب رئيس؛ أمرٌ لا يقتصر تأثيره على مجرد حرمان الحزب صاحب الأغلبية من زعامة المجلس، بل يتعداه إلى تعويق الكثير من عمل الغرفة البرلمانية، بحسب شبكة CNN.

ويقتضي سير العمل بالكونغرس الجديد تمرير مجموعة من قواعد العمل التنظيمية بمجلس النواب، لكن غياب رئيس المجلس الذي يتولى الإشراف على اتباع هذه القواعد يعني غيابها عملياً.

وكانت لجنة المجلس المسؤولة عن الشؤون الإدارية أبلغت في مذكرة كشفت عنها مجلة Politico وحصلت عليها شبكة CNN، أن التأخر في اعتماد القواعد الداخلية إلى نهاية عمل اللجنة في 13 يناير/كانون الثاني يعني عجز اللجان البرلمانية عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وحذرت المذكرة من أن مدفوعات قروض الطلاب بين موظفي المجلس لن تُصرف إذا لم تُعتمد القواعد الداخلية للمجلس بحلول منتصف يناير/كانون الثاني.

وهذه الأمور ليست إلا بعض أوجه الأذى الواقع على الموظفين العاديين بالمجلس، إذا استمرت معركة الخلاف على رئاسة مجلس النواب وتداعياتها، من تأخر العمل به وعجز الأغلبية الجمهورية عن تسيير العمل بكفاءة، منذ أول أيام انعقاد المجلس الجديد.

وقد أشارت المذكرة التي أرسلتها لجنة الشؤون الإدارية إلى أن اللجان التي لم يُنتخب رئيس لها سيتولى رئاستها مؤقتاً أقدم النواب الجمهوريين العاملين باللجنة في الكونغرس الماضي. 

ومع ذلك، فإن انعقاد اللجان برئاسة مؤقتة يعني عدم العمل بكامل طاقتها لتعديل مشروعات القوانين والموافقة عليها قبل عرضها على المجلس للتصويت، ومن ثم قلة التشريعات المقررة بالمجلس. وهذا يعني أن الجمهوريين قد يضطرون إلى الانتظار قبل الشروع في بعض الأمور الملحة لهم، مثل التحقيقات المقررة في إدارة الرئيس جو بايدن وشؤون عائلته.

وبعيداً عن دور رئيس مجلس النواب في إدارة المجلس بفاعلية، فإن رئيس المجلس هو الثاني في ترتيب خلافة الرئيس (بعد نائبه) عند الطوارئ، وهي قضية أخرى أثارها عجز النواب عن اختيار رئيس المجلس.

يحتل الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ المرتبة الثالثة في ترتيب خلافة رئيس الولايات المتحدة عند الطوارئ، وقد انتُخبت السيناتور باتي موراي لهذا المنصب يوم الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني، لتصبح السيناتور الديمقراطية أول امرأة تتولى هذا المنصب.