الأربعاء 2 تشرين الأول 2024

ذكرى هجمات سبتمبر تعيد التعريف بالمسلمين في الإعلام الأميركي


النهار الاخباريه  وكالات 

مع حلول موعد الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، عاد الإعلام الأميركي إلى التذكير بمآسي الحادث وآلامه ومعها يعود الحديث عن المتطرفين وربط ذلك بالمسلمين والعرب، لكن بعض هذه الوسائل الإعلامية بدأت تتحدث عن مفهوم الإسلام وتاريخه والحضارة الإسلامية وتأثيراتها على الفكر والفنون في العالم، فيما ذهبت وكالات أنباء ومراكز بحثية أخرى إلى تسليط الأضواء على التمييز الذي عانى منه المسلمون والعرب في الولايات المتحدة في أعقاب الهجمات. فما السبب وراء ذلك، وكيف كان شكل المعالجات الإعلامية؟ 
صورتان للمسلمين
من المفارقات التاريخية أن خروج أميركا المتسرع والمضطرب من أفغانستان، حدث قُبيل الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر التي دخلت بسببها الولايات المتحدة أفغانستان لمطاردة تنظيم "القاعدة"، حيث زهقت آلاف الأرواح وأنفقت تريليونات الدولارات قبل أن تقرر إدارة جو بايدن، أخيراً، إنهاء المشروع الأميركي هناك، وهو قرار بدأه سلفه دونالد ترمب. 
ووسط الجدل المحتدم حول جدوى الحرب على مدى 20 عاماً، واستمرار وعود الحرب على الإرهاب، تظل هناك صورتان للمسلمين في الولايات المتحدة والغرب عموماً، تتعلق الأولى بالمسلمين المعتدلين الذين يتعاملون مع أميركا ويتعاونون معها، بينما الصورة الثانية تتعلق بالمتطرفين المسلمين الذين يناصبون أميركا العداء ويريدون تحطيم تفوقها وقوتها. 
تذكر… تذكر 
مع تراجع أخبار أفغانستان تدريجاً في وسائل الإعلام الأميركية وما عززه ذلك من انطباعات جديدة قديمة عن الإسلام والمسلمين، عادت العروض التلفزيونية الخاصة بهجمات 11 سبتمبر إلى الواجهة، لتقول لكل أميركي تذكر... تذكر ما حدث في هذا اليوم، عبر إغراق كامل من القنوات والصحف بمقابلات مؤلمة مع الناجين، ومع أولئك الذين مات أحباؤهم وقصص مستوحاة من عمليات إنقاذ، ولقطات من اصطدام الطائرات التي قادها إرهابيون ببرجي مبنى التجارة العالمي في نيويورك، والفوضى والصدمة التي أعقبت كل ذلك، وتحولت قبل 20 عاماً إلى دعوات للانتقام شعر معها الأميركيون العرب والمسلمون برد الفعل العنيف في الولايات الأميركية المختلفة، والتي لا يزال البعض يعاني من تداعياتها حتى الآن بقدر أقل.
وبحسب استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث عام 2017 حول مسلمي الولايات المتحدة، قال ما يقرب من نصف من شملهم الاستطلاع، إنهم تعرضوا لحالة واحدة على الأقل من التمييز الديني خلال العام السابق الذي كانت فيه أخبار انتشار تنظيم "داعش" في سوريا والعراق تملأ الآفاق، غير أن 49 في المئة منهم قالوا، إن هناك من أعرب عن دعمه لهم بسبب دينهم.
انقسام في الرأي 
وبينما تستنكر صحيفة "نيويورك تايمز" ما إذا كان هناك ما يمكن قوله عن هذه الهجمات أكثر مما قيل قبل عشرة أو خمسة أعوام، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية تقريراً عن المعاناة والصعاب التي عانى منها العرب والمسلمون الأميركيون في الأيام والسنوات التي تلت الحادث. 
ودعمت الوكالة تقريرها بنتائج استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث الشؤون العامة التابع لها، الذي أظهر أن 53 في المئة من الأميركيين لديهم آراء سلبية تجاه الإسلام، مقارنة بنحو 42 في المئة لديهم آراء إيجابية عنه، وهو ما يتناقض مع آراء الأميركيين حول المسيحية واليهودية، والتي عبر فيها معظم المستطلعين عن وجهات نظر إيجابية. 
وتؤكد فرح بانديث، الدبلوماسية السابقة والباحثة في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، أن الاعتداءات الجسدية والإساءات اللفظية والتمييز ضد العرب والمسلمين عقب أحداث سبتمبر، والتي ترافقت مع الخطاب المسيس حول الإسلام، خلقت بيئة سامة للمسلمين الأميركيين منذ ذلك الحين. 
أصوات الكراهية
وتشير الباحثة المتخصصة بمكافحة التطرف إلى أنه على الرغم من أن معظم الأميركيين لم يسهموا في فكرة أن الإسلام سيئ بطبيعته، فقد كان هناك ما يكفي من أصوات الكراهية والمعلومات الخطأ المتعمدة وسوء الفهم الحقيقي لخلق رسالة قوية مفادها أنه لا يمكن الوثوق بالمسلمين، ما أدى إلى تشكيل قلق مجتمعي غيّر حياة العديد من المسلمين الأميركيين الذين كانوا يشكلون 1.1 في المئة من السكان عام 2017، وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث
مواجهة خطاب "القاعدة"
وعلى الرغم من ذلك، كان على الولايات المتحدة أن تجد طريقة لبناء روابط جديدة مع المجتمعات الإسلامية، والبحث عن هدف مشترك وبناء شبكات من المفكرين المتشابهين في التفكير الذين توحدوا من أجل حماية الشباب من الانجذاب إلى جماعات إرهابية ادعت أنها تمثل الإسلام الحقيقي، فيما كان المسلمون في جميع أنحاء العالم متحمسين للرد على المنظمات الإرهابية التي تحاول تجنيد شبابهم عبر الخطاب المتطرف.
كما كان خطاب الرئيس باراك أوباما في القاهرة عام 2009 إشارة مهمة على أن إدارته كانت ملتزمة ببناء شراكات مع المسلمين على أساس المصلحة والاحترام المتبادلين من خلال الحديث عن أهمية تاريخ الإسلام، والتأثير العميق الذي أحدثه المسلمون على العلم والفلسفة والثقافة، ورفض فكرة أن الإسلام مرادف للإرهاب.