النهار الاخبارية - وكالات
تتردد أصداء جنون التوظيف في الذكاء الاصطناعي بجميع أنحاء العالم، من وادي السيليكون إلى أوروبا وآسيا وما وراءها، لكن حسب تقرير لشبكة Bloomberg الأمريكية، الخميس 4 مايو/أيار 2023، فإن الهند توضح، ربما أكثر من أي دولة أخرى، كيف أن الاندفاع نحو المواهب يفوق العرض.
لطالما كانت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، هي الساحة الخلفية لصناعة التكنولوجيا، وهي مصدر تعزيزات لأي حالة طوارئ. ولكن الآن حتى أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بدأ ينفد منها أخصائيو البيانات والتعلم الآلي والمهندسون المهرة الذين تبحث عنهم الشركات.
لا يبحث أديتيا تشوبرا عن وظيفة جديدة، لكن جهات التوظيف تواصل الاتصال به على أي حال. يعمل أخصائي علم البيانات البالغ من العمر 36 عاماً، في مجال الذكاء الاصطناعي، وربما يكون أكثر الخبرات المرغوبة على هذا الكوكب بعد أن أظهرت مؤسسة "أوبن إيه آي" تقدماً كبيراً في روبوت الدردشة "شات جي بي تي".
يرى تشوبرا، الذي يعمل خارج نيودلهي، أن الأصدقاء بهذا المجال يحصلون على زيادات في الأجور تتراوح بين 35% و50% في كل مرة يبدّلون فيها وظائفهم. قال: "هناك نقص حقيقي في البيانات والمواهب بمجال الذكاء الاصطناعي".
تحفيزات لخبراء الذكاء الاصطناعي
في حين أن عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وبايدو، يقدمون حزماً من الدرجة الأولى للمهندسين لبناء محركات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، فإن الشركات في كل المجالات الأخرى تقريباً -من الرعاية الصحية والتمويل إلى الترفيه- تعمل أيضاً على تجنُّب الصدمة من التحولات في مجالات عملها.
قال راهول شاه، المؤسس المشارك لشركة WalkWater Talent Advisors، وهي شركة توظيف للموظفين رفيعي المستوى، إن هناك "حاجة لا تشبع للمواهب. لا يمكن الاستعانة بمصادر خارجية للذكاء الاصطناعي، فهو جوهر المنظومة".
في إحدى عمليات البحث التي أجرتها شركة شاه للتو، ضاعف صاحب العمل الجديد أجر المرشح بأكثر من الضعف. أجرى فريدوم دوملاو، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة Flexcar، مقابلة مع أحد المهندسين الذي قال إن إحدى الشركات المنافسة عرضت عليه دراجة نارية من طراز بي إم دبليو كمكافأة له إذا قَبِلَ العمل لديها. قال دوملاو: "هذا خط لا أشعر بالراحة في الاقتراب منه".
شُيِّدَت صناعة التكنولوجيا في الهند على أساس وفرة من العمال بأسعار معقولة. ابتكرت شركات مثل Tata Consultancy Services Ltd نموذجاً للاستعانة بمصادر خارجية حديثة، حيث تقوم الشركات الغربية بالاستفادة من المهندسين حول العالم للتعامل مع الدعم والخدمات والبرامج، وعادةً ما يكون ذلك بجزء بسيط من تكلفة العمال المحليين. يوجد الآن أكثر من خمسة ملايين شخص يعملون في خدمات التكنولوجيا بالهند، وفقاً لمجموعة ناسكوم التجارية.
بينما أقامت الشركات القوية مثل جوجل ومايكروسوفت وأمازون، عملياتها الخاصة في الهند، حيث توظف الآلاف من السكان المحليين. بدأت جوجل بخمسة موظفين في البلاد عام 2004، ويعمل بها الآن ما يقرب من 10 آلاف.
لكن هذا العرض اللامتناهي للعمالة ينفد في المجالات الحرجة. هناك نحو 416 ألف شخص يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في البلاد، ويطلبون 213 ألفاً آخرين، وفقاً لتقديرات "ناسكومط، التي قالت في تقريرها الصادر في فبراير/شباط الماضي: "تبلغ نسبة الوظائف الشاغرة نحو 51% من قاعدة المواهب المثبتة حالياً"، مشيرة إلى أن الأزمة تمثل خطراً على النمو.
تحاول الشركات الكبيرة والصغيرة معرفة كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على مصائرها. هل يمكن لـ"شات جي بي تي" توقُّع الطلب المستقبلي بدقة جديدة؟ هل ستكون تقنيات التعلم العميق أفضل في التشخيص الطبي من أي طبيبٍ اليوم؟ هل يمكن تعديل خوارزميات التداول إلى النقطة التي ستؤدي فيها شركات التمويل بأفضل التقنيات إلى إخراج منافسيها من العمل؟
تتمتع الهند بثاني أكبر مجموعة من ذوي المهارات العالية في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي ومواهب البيانات الضخمة، وفقاً لتقرير فبراير/شباط الصادر عن "ناسكوم"، بعد الولايات المتحدة. فهي تنتج 16% من مجموعة المواهب بمجال الذكاء الاصطناعي في العالم، مما يجعلها من بين أفضل ثلاثة أسواق للمواهب مع الولايات المتحدة والصين.