الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تيغراي وسد النهضة..

دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، في بيان إلى انسحاب قوات الحكومة الإريترية ومسلحي ولاية أمهرة من إقليم تيغراي الإثيوبي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى هناك فورا، لتجنب حدوث مجاعة واسعة النطاق، في المنطقة التي مزقها الصراع.
والأربعاء أيضا، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، لشؤون إفريقيا، سيندي كينغ، لـ"سكاي نيوز عربية" إن البنتاغون اتخذ خطوات لتعليق المساعدات العسكرية وأي برامج مشتركة مع السلطات الأمنية في أديس أبابا، وذلك بسبب الانتهاكات في إقليم تيغراي.
وأضافت كينغ أن الخطوات الأميركية الأخيرة تهدف للضغط على إثيوبيا في اتجاه إيجاد تسوية للنزاع في تيغراي، ودفع الفرقاء المتصارعين للدخول في حوار سلمي.
وقد تحول الإحباط الأميركي المتزايد من الحرب في إقليم تيغراي الإثيوبي إلى مواجهة مفتوحة، يوم الاثنين، عندما انتقدت أديس أبابا، واشنطن، بسبب فرضها قيودا جديدة تشمل خفض المساعدات وفرض حظر على سفر بعض الإثيوبيين إلى الولايات المتحدة.
القيود، التي أعلنها وزير الخارجية أنطوني بلينكين، الأحد، هي الأقسى من نوعها منذ عقود، ضد حليف إفريقي رئيسي، وتوبيخ صريح لرئيس الوزراء آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام، الذي اتهمت قواته وحلفاؤه بارتكاب أعمال تطهير عرقي ومجازر وغيرها من الفظائع، التي يمكن أن ترقى إلى جرائم الحرب، في إقليم تيغراي.
ويليام لورانس، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية، قال إن شدة العقوبات الأميركية "تتناسب مع حجم الانتهاكات في إقليم تيغراي"، وتوقع في حديث لموقع سكاي نيوز عربية، أن تتصاعد عقوبات واشنطن على أديس أبابا، "في حال عدم توقف تلك الانتهاكات الفظيعة".
وعن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإثيوبيا، قال لورانس إن "الأمر بيد سلطات أديس أبابا، فإذا قررت الاستمرار في النزاع، وارتكاب المزيد من الانتهاكات، فإن العقوبات الأميركية ستزداد وربما تتضاعف".
الدبلوماسي الأميركي السابق، والعضو البارز في المجلس الأطلسي، كاميرون هدسون، أكد أن ما تريده واشنطن من أديس أبابا حاليا هو "إنهاء العنف في إقليم تيغراي"، وفي الوقت نفسه، "ضمان أن لا تؤدي سياسات آبي أحمد إلى تفكك إثيوبيا"، خصوصا وأن "رؤية آبي وسياساته الحالية باتت تهدد وحدة البلد، المكون من أقاليم عرقية متباينة".
ولفت هدسون في حديث لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن الولايات المتحدة "تريد عودة إثيوبيا بالسرعة الممكنة، إلى لعب دورها التقليدي الهام لاستقرار وأمن وسلام المنطقة"، مؤكدا أن ذلك "لن يحدث طالما بقيت القوات التي أطلق آبي يدها في تيغراي".
وتأتي العقوبات الأميركية بالتزامن مع تحول غربي في النظرة إلى آبي، على خلفية ما يجري في إقليم تيغراي، بعد أن كان يعتبر قائدا شابا ذا رؤية، وإصلاحات شجاعة.
موقف واشنطن من قضية سد النهضة
بحسب بيان بايدن الصادر الأربعاء، فإن المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان "يقود جهدا دبلوماسيا أميركيا متجددا للمساعدة في حل النزاعات المترابطة في جميع أنحاء المنطقة سلميا، بما في ذلك حل النزاع حول سد النهضة الإثيوبي الكبير بما يلبي احتياجات جميع الأطراف"، مضيفا أن فيلتمان "سيعود إلى المنطقة الأسبوع المقبل ويطلعني على تقدمه".
وقد جدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، الأربعاء، "التزام الإدارة الأميركية ببذل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف" المعنية بسد النهضة، وفق بيان للرئاسة المصرية.
ورغم انشغال القاهرة بهاجس حماية أمنها المائي، إلا أنها لعبت دورا محوريا في وقف جولة العنف الأخيرة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية في غزة، ما لقي ثناء قادة دول عديدة، على رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أشاد بجهود مصر في إحلال الأمن والاستقرار بالمنطقة.
ويقول ويليام لورانس، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية، إن واشنطن "ترى أن الحجج الإثيوبية لبناء وملء السد معقولة"، وأن الخلافات بشأن السد "تتعلق بسرعة وجدول وحجم ملئه فقط"، وتوقع لورنس "نوعا من الضغط الأميركي المحدود على أديس أبابا"، لأن إثيوبيا "سيكون عليها التنازل في ملف ما على حساب آخر".

ورغم أن دور واشنطن يقتصر على مراقبة المفاوضات بشأن سد النهضة، لكن لورانس يرى أن "من بين مصالح الولايات المتحدة تجنب النزاعات الإقليمية، ولاسيما العسكرية منها، وهي تسعى إلى اتفاق معقول بين الدول الثلاث حول ملء السد، وذلك من خلال آليات مثل التحكيم، الذي رفضته إثيوبيا وقبلت به مصر".
الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، قال إن "الولايات المتحدة ستدعم الاتحاد الإفريقي، الذي يرعى مفاوضات سد النهضة، من خلال الدبلوماسية والضغط السياسي على الأطراف كافة، وتقديم بعض الدعم الفني إذا دعت الحاجة، وأفضل ما يمكنها فعله هو إبقاء الدول الثلاث ملتزمة بالتفاوض بشأن السد".
وأضاف هدسون أن المبعوث فيلتمان، يبحث مع إثيوبيا مسائل عديدة، "من بينها الاضطراب السياسي في البلاد قبل الانتخابات، ووضع حد للنزاع في إقليم تيغراي، وتجنب حرب حدودية مع السودان، ومحاولة التغلب على الخلافات حول سد النهضة".