الجمعة 4 تشرين الأول 2024

تجارب الصواريخ الصينية “ترعب” واشنطن، ومسؤول أمريكي يقر بتفوق بكين


النهار الاخباريه. وكالات

قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، إن اختبار الصين صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت، ومُصمَّماً لتفادي الدفاعات النووية الأمريكية، كان "قريباً جداً" من "ذروة سبوتنيك" بالنسبة للولايات المتحدة، وجاء التصريح تأكيداً للمفاجأة التي مثَّلَتها بكين باستعراض قدراتها. 

حسب تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية، الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فإن هذه الاختبارات التي يمكن أن تبعث المخاوف من سباق تسلُّحٍ شبيه بالحرب الباردة، تأتي في الوقت الذي تنفق فيه بكين بكثافةٍ لتحديث جيشها، وربما تسعى لتوسيع ترسانتها النووية. 

رسالة "مرعبة" من بكين إلى واشنطن
أُجرِيَ اختباران منفصلان، ذكرتهما صحيفة Financial Times البريطانية في وقتٍ سابق هذا الشهر، وأُجرِيا بطريقةٍ تعمَّد المسؤولون الصينيون أن تكون مكشوفةً للأقمار الصناعية الأمريكية. 

لكن المسؤولين الأمريكيين ظلوا صامتين في الغالب حتى تحدَّثَ الجنرال ميلي أمس الأربعاء، وتحدَّث عن الاختبارات، في مقابلةٍ تلفزيونية بثَّتها وكالة Bloomberg الأمريكية. 

يقول الجنرال ميلي: "لا أعرف ما إذا كانت ذروة سبوتنيك حقاً، لكنني أعتقد أنها قريبةٌ جداً من ذلك"، موضِّحاً أنه ومسؤولين آخرين فوجِئوا. وقال إن الاختبارات كانت "حدثاً تكنولوجيّاً مُهماً للغاية". 

هناك تاريخٌ طويلٌ للأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت يعود إلى الستينيات.

لكن بينما لم يوضِّح الجنرال ميلي الأمور بالتفصيل، يبدو أن المفاجأة نشأت من إلحاق الصين لتقنيَّتين مختلفتين؛ وهما إطلاق صاروخ يكمل مداراً جزئياً حول الأرض، ومركبة تفوق سرعتها سرعة الصوت يمكنها أن تشق مساراً متغيِّراً فجأة، وتناور في الطرق، ومن شأنها أن تجعل جميع الدفاعات الصاروخية الأمريكية الحالية تبدو عتيقة تماماً. 

أحد هذه الاختبارات على الأقل لم يكن ناجحاً مُطلَقاً، وحسبما وَرَدَ، فقد أخطأ الهدف المقصود بهامشٍ واسع. لكن التقدُّم يشير إلى أن الصين قد تكون في يومٍ ما في المستقبل قادرةً على تسليح مركبة تفوق سرعتها سرعة الصوت برأسٍ حربيٍّ نووي، وإطلاقها في مدارٍ منخفض، وضمن ذلك ربما في مسار طيران مراوغ فوق القارة القطبية الجنوبية. 

"لا نعرف كيف يمكننا الدفاع!"
تتجه الدفاعات الحالية للولايات المتحدة صوب الغرب والشمال فوق المحيط الهادئ، مِمَّا يعني أنها قد تفشل في هزيمة هجومٍ من الجنوب. 

حتى لو كانت هناك قواعد مضادة للصواريخ مُتَّجهة جنوباً، فإن التكنولوجيا المضادة للصواريخ الحالية مُصمَّمة لاعتراض الرؤوس الحربية الباليستية العابرة للقارات على مساراتٍ متكافئة يمكن التنبؤ بها في الفضاء الخارجي، وليس أسلحة فوق صوتية يمكن أن تتعرَّج عبر الغلاف الجوي. 

من جهته، قال السفير روبرت وود، الذي سيتقاعد في غضون أسابيع قليلة كمُمَثِّلٍ للولايات المتحدة، في جلسات الحدِّ من الأسلحة بجنيف: "نحن لا نعرف كيف يمكننا الدفاع ضد هذه التكنولوجيا، ولا الصين تعرف، ولا روسيا كذلك". 

تحدَّث وود، وهو دبلوماسي أمريكي قديم، قبل توصيف الجنرال ميلي للاختبار، لكنه أشار إلى أن التكنولوجيا فوق الصوتية كانت شيئاً "يثير قلقنا" فترةً طويلة. 

كما أضاف أن الأمريكيين قد أحجموا عن متابعة الاستخدامات العسكرية لهذه التكنولوجيا؛ لتجنُّب تأجيج نوعٍ جديدٍ من سباق التسلُّح. 

وكان المقصود من إشارة الجنرال ميلي إلى لحظةٍ قريبةٍ من ذروة سبوتنيك هو أنها تلقى صدىً لدى جيلٍ يتذكَّر الحرب الباردة طويلة الأمد. وكان "سبوتنيك" قمراً صناعياً سوفييتي أُطلِقَ عام 1957، وقد أثار خوفاً في واشنطن من أن السوفييت كانوا يتقدَّمون في سباق الفضاء، وأدَّى ذلك إلى إعلان الرئيس الأمريكي آنذاك جون كينيدي، أن الولايات المتحدة ستكون أول من يهبط بالبشر على القمر، وهو إنجازٌ أُحرِزَ في أقل من عقدٍ من الزمان. لكن ذلك ساعَدَ أيضاً في تحفيز سباق التسلُّح النووي، الذي خفَّت حدَّته فقط في الأعوام الثلاثين الماضية، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. 

والآن، صار من المُحتمَل إحياء سباق التسلُّح هذا، وإن بشكلٍ جديد.