النهار الاخبارية - وكالات
قالت الرئاسة الروسية "الكرملين"، إن الرئيس فلاديمير بوتين لا يعتزم حضور جنازة يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، الذي لقي حتفه في تحطم طائرة خاصة الأسبوع الماضي.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان بوتين سيحضر الجنازة، قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين للصحفيين "حضور الرئيس غير وارد"، وأوضح بيسكوف أن الكرملين ليس لديه معلومات محددة فيما يتعلق بترتيبات الجنازة، مشيراً إلى أنها مسألة تخص العائلة.
حيث أفاد بيسكوف بأنَّ قرار جنازات زعيم فاغنر، يفغيني بريغوجين، والقائد في قوة المرتزقة ديمتري أوتكين، وأعضاء آخرين في المجموعة يقع على عاتق عائلاتهم إلى حد كبير، بعدما دعا متشددون وطنيون إلى دفن بريغوجين مع مرتبة الشرف العسكرية الكاملة، في علامة على الانقسامات المستمرة في روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، وفق صحيفة The Washington Post الأمريكية.
بوتين لم يتخذ قراراً
وقُتِل بريغوجين وأوتكين وآخرون من الوفد المرافق لهما، عندما تحطمت طائرتهم الخاصة الأسبوع الماضي في أعقاب ما قالت وكالات الاستخبارات الغربية إنه انفجار على متن الطائرة. بينما أكد محققون روس، الأحد، 27 أغسطس/آب، وفاة بريغوجين بعد تحليل الحمض النووي للتأكد من هوية جثمانه.
وصرح المتحدث باسم الكرملين، الأحد، بأنه لم يُتخَذ قرار بشأن الجنازات أو ما إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين سيحضر.
وقد سلّطت الأسئلة الدائرة الضوء على الانقسامات المستمرة داخل النخبة الروسية بشأن الحرب، والمخاطر التي يفرضها "الوطنيون المتشددون" المؤيدون للحرب، الذين طالبوا باتباع نهج أكثر قسوة في التعامل مع أوكرانيا.
وبينما كان الكرملين يزن مخاطر الاضطرابات المحتملة إذا لم يُكرِّم بوتين بريغوجين وجنود فاغنر باعتبارهم "أبطالاً" للحرب، ظهرت نصب تذكارية طوعية في المدن الروسية تكريماً لبريغوجين، الشخصية الاستقطابية الذي وجّه انتقادات لاذعة لوزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان المسلحة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف، التي شاركه فيها العديد من المتشددين المؤيدين للحرب وبعض أفراد الجيش العاديين.
ويواجه الكرملين الآن موقفاً حساساً في تعامله مع جنازات قادة فاغنر، إذ يحاول بوتين فصل بريغوجين، الذي أدانه باعتباره خائناً، في الوعي الجمهوري عن فاغنر، التي امتدحها بسبب مشاركتها في القتال في أوكرانيا.
وجادل كثيرون بأنَّ بريغوجين -المعروف بأنه حصل سراً على أعلى وسام روسي وهو "وسام بطل روسيا"- وأوتكين؛ كان من المتوقع أن يُدفنا مع مرتبة الشرف العسكرية؛ نظراً لدورهما في حرب أوكرانيا، لولا دورهما القيادي في تمرد يونيو/حزيران.
الطعنة في الظهر
في السياق، قال مارك غالوتي، زميل مشارك أول في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا وخبير في القضايا الأمنية الروسية، في إشارة إلى الجنازة العسكرية: "الأمر صعب لأنه من الواضح أنَّ الوطنيين يتوقعون إقامتها. لكن إذا تجاهلتها الدولة، فإنها تصبح مرة أخرى جزءاً من أسطورة الطعنة في الظهر للمدافعين الحقيقيين عن الوطن الأم".
ووسط تحذيرات من المحللين المؤيدين للكرملين داخل روسيا من أنه من الحماقة والخطورة تجاهل فاغنر علناً، قال جاليوتي إنَّ الخط الذي يسلُكه الكرملين هو الإقرار بأنَّ أعضاء فاغنر "أبطال" يقاتلون من أجل روسيا.
لكنه أردف: "لا أعرف ما إذا كان بإمكانهم حقاً فعل نفس الشيء مع بريغوجين. أعتقد أنه يمكنهم محاولة فعل ذلك مع فاغنر فقط، مع الأمل بأن تتلاشى سيرة بريغوجين".
وأضاف: "ما سيحاولون فعله هو معاملتهم بشكل منفصل، الأمر الذي قد يعني أيضاً جنازتين مختلفتين، ليست جنازة واحدة لبريغوجين وأوتكين، بل جنازة منفصلة لكل منهما".
ويزعم آخرون أنَّ أي تجاهل لجنازة بريغوجين من شأنه أن يشكل خطراً سياسياً، وربما يُنظَر إليه على أنه دليل على تورّط الكرملين في حادث تحطم الطائرة.
في السياق ذاته، قال المحلل السياسي المقيم في موسكو، أندريه كولسنيكوف، من منظمة أبحاث Carnegie Russia Eurasia Center، إنَّ الخيار الأفضل للكرملين هو السيطرة على جنازة بريغوجين لتجنب لجوء الأشخاص للتعبير عن غضبهم على الشبكات الاجتماعية وإدارة مشهد الحدث.
أضاف كولسنيكوف أنَّ الكرملين وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي "ربما يخشيان حدوث اضطرابات أثناء الجنازة، لذا فمن الأفضل إدارة الجنازة و"تأميمها"، حتى لا يُترَك شأن بريغوجين في يد مجموعات غير رسمية، بل الإبقاء عليه تحت سيطرة الدولة، حفاظاً على صورة رجل الدولة الذي "زلّت قدمه، لكن من الممكن مغفرة خطئه".