الأربعاء 2 تشرين الأول 2024

بعد فشله في لبنان.. هكذا يسعى ماكرون لملء الفراغ الأمريكي في العراق بعد الانسحاب



النهار الاخباريه  وكالات 

يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تقديم بلاده كبديل لأمريكا بعد الانسحاب من العراق، والسؤال هنا يتعلق بفرص نجاح تلك الاستراتيجية، خصوصاً بعد الفشل في لبنان.
ولا شك أن فوضى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تُلقي بظلالها على الموقف في العراق الآن، إذ اتفقت بغداد وواشنطن على أن تسحب الأخيرة باقي قواتها الموجودة في بلاد الرافدين بنهاية العام الجاري.
وكان ماكرون الزعيم الأوروبي الوحيد الذي تحرك سريعاً في هذا الملف واتخذ خطوات عملية لتقديم بلاده كداعم وحليف للحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي بديلاً للولايات المتحدة. ففي نهاية الأسبوع الماضي، بدأ ماكرون بالفعل في سوق المبررات من أجل فرنسا بديلاً للولايات المتحدة.

قصة قمة دول جوار العراق

تناول موقع Middle East Eye البريطاني خلفيات وكواليس مؤتمر القمة الذي انعقد مؤخراً في العراق، والذي شارك فيه ماكرون بصفة "رئيس مشارك"، في تقرير بعنوان "مع رحيل الولايات المتحدة عن العراق.. فرنسا ترى فرصة لنفوذ متزايد".
مسؤولون عراقيون وأمريكيون قالوا للموقع البريطاني إنَّ الرئيس الفرنسي يريد تقديم باريس على أنها داعم وحليف استراتيجي لحكومة بغداد، وكان عقد قمة إقليمية في العاصمة العراقية مكاناً مثالياً للبدء.
بالنسبة لفرنسا، فإنَّ الانسحاب الأمريكي المخطط له نهاية العام هو فرصة للتوغل في العراق وإنشاء منصة انطلاق لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وتوفير التوازن أمام النفوذ الإيراني، والتنافس مع تركيا، حليفة الناتو التي غالباً ما تكون على خلاف معها.
وقال مسؤولون عراقيون إنَّ الفرنسيين يعتقدون أنه بعد عقود من الحرب والضعف والاضطراب، فإنَّ العراق مستعد لاستقبالهم وسيوفر لهم قاعدة لبناء جسور سياسية واقتصادية مع دول المنطقة.
وشهد مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، السبت 28 أغسطس/آب، إطلاق هذه الخطة. وكان "البوابة الرسمية" التي دخلت فرنسا من خلالها إلى العراق لتقديم نفسها على أنها "شريك للحكومة العراقية في اهتماماتها وراعية لمصالح العراق الإقليمية والدولية"، على حد تعبير مسؤول عراقي.
وعلى هامش المؤتمر، صرّح ماكرون بأنَّ فرنسا ستحافظ على وجودها في العراق لمحاربة الإرهاب "مهما كانت الخيارات التي يتخذها الأمريكيون".
ووفقاً لمسؤولين عراقيين، كان مؤتمر بغداد في الأصل مشروعاً فرنسياً؛ إذ استند المؤتمر على فكرة تبناها رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي وطرحها للمناقشة الرئيس العراقي برهم صالح خلال زيارة إلى فرنسا في فبراير/شباط 2019.
وبحسب تصريح مسؤول عراقي مطلع على المشروع لموقع Middle East Eye، على الرغم من أنَّ عبدالمهدي زار فرنسا بعد ثلاثة أشهر لتطوير الفكرة، لكنه تخلى عنها فيما بعد ووجه تركيزه نحو الصين؛ "خوفاً من اتهامه بالوقوع في أحضان فرنسا؛ لأنه يحمل الجنسية الفرنسية، ولأنه غير مقبول إقليمياً".
ما فرص نجاح خطة ماكرون في العراق؟

ألقى الانسحاب الأمريكي الدراماتيكي من أفغانستان في الشهر الماضي واستيلاء طالبان السريع على السلطة بظلال ثقيلة على المشهد السياسي في العراق وأثار مخاوف عدد من القوى السياسية العراقية من احتمال ظهور سيناريو متكرر في العراق.
ويتمثل السيناريو الأسوأ بالنسبة لمعظم القوى السياسية غير المرتبطة بإيران فيما يسمونه "الفوضى المتعددة". ويعتقدون أنَّ هذا من شأنه أن يسفر عن اندلاع قتال بين الشيعة وداخل الأكراد.
وقال أحد قادة تيار الحكمة لموقع Middle East Eye: "فرنسا لاعب دولي مقبول إقليمياً، وهي القوة الثانية في الاتحاد الأوروبي ولا ترفضها إيران، وهو أمر مهم للغاية".
لكنّ كثيراً من المحللين، وحتى المسؤولين الفرنسيين، يرون أن الوقت قد حان لخفض سقف التوقعات بالنسبة لماكرون. فبالنسبة لفرنسا، من المرجح ألا يكون المستقبل في العراق وردياً كما تريد أن تصدقه.
أخبر السياسيون والمسؤولون موقع Middle East Eye أنه في نهاية المطاف، لا تمتلك باريس المقومات الصحيحة للنجاح على المدى القصير؛ إذ استثمرت الولايات المتحدة وإيران وتركيا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى لها تأثير حقيقي في العراق الكثير من الأموال وأقامت علاقات قوية على مدى العقدين الماضيين. ولا تستطيع فرنسا، التي انضمت متأخراً، أن تتباهى بأنها فعلت الشيء نفسه.ou