الخميس 28 تشرين الثاني 2024

باريس تؤجل القمة الفرنكفونية في تونس.. وسياسيون: أولى علامات الانتكاسة الدبلوماسية


النهار الاخباريه. وكالات
بعد أيام من اتهام الرئيس التونسي لمعارضيه بالسعي لتأجيل القمة الفرنكوفونية، قررت باريس تأجيل القمة التي كنت مقررة في جزيرة جربة إلى العام المقبل، الأمر الذي رده مراقبون إلى تراجع الحقوق والحريات في ظل التدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيد، معتبرين أن ذلك يشكل انتكاسة كبيرة للدبلوماسية التونسية.

وكشف سليم خلبوص عميد الوكالة الجامعية للفرنكوفونية عن قرار باريس تأجيل قمة الفرنكفونية للعام المقبل، لكنه قال إن مكان القمة مازال في جزيرة جربة، معتبرا أن هذا الأمر يمثل "انتصارا للدبلوماسية التونسية في الدفاع عن مصالح بلادنا”.
لكن القرار الفرنسي قوبل بموجة استنكار في تونس، حيث كتب رئيس حزب المجد عبد الوهب الهاني "كما كان منتظرا، تأجيل القمة الثامنة عشر للفرنكفونية إلى نوفمبر 2022 والحفاظ على جزيرة جربة، بعد اجتماع المجلس القار للفرنكوفونية، أعلى سلطة بين مؤتمرين تحت إشراف المجلس الوزاري، والذي ينظر في تقييم أوضاع حقوق الإنسان والبناء الديمقراطي في الفضاء الفركفوني، بعد أيام من الزيارة التي أدتها الأمينة العامة المنظمة إلى تونس واستقبالها من طرف رئيس الجمهورية دون أن يصدر عنها أي تصريح أو بلاغ رسمي حول مهمتها في تونس على رأس وقد رفيع المستوى من المنظمة”.

وأضاف "ومن وظائف المجلس القار متابعة تنفيذ إعلان وبرنامج عمل باماكو واتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة انقطاع الديمقراطية وانقطاع النظام الدستوري وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي تصل حد مقاطعة الأنشطة التي تنظمها الدولة محل النظر والامتناع عن مساندة مرشحيها للمناصب الدولية وتعليق عضويتها في حالة إنقلاب عسكري. التأجيل بسنة هو أفضل الحلول الجميع، لتونس حتى تستأنف مسارها الديمقراطي، ولكل الدول الأعضاء ورفع الحرج عن فرنسا أساسا رغم خاسرة الرئيس ماكرون لٱخر منبر للسياسة الدولية قبل انتخابات أفريل 2022.. ويمثل فشلا لرئيس الجمهورية ولديوانه الذي استأثر بتنظيم المؤتمر وعلق منظومة الصفقات العمومية ولجأ للتعاقد بالمراكنة لإنقاذ قمة مستحيلة وفقد حتى المبادرة بالمطالبة بالتأجيل”.

وتابع "محيطه لم يفهم تبعات تعليق للدستور يفعل الأمر الواقع بموجب الأمر 117 المثير للجدل والخيل القانونية التي حاول الاتصال الرئاسي تسويقها وتأثير كل ذلك السلبي على سمعة تونس الديمقراطية والتزاماتها الدولية ومنها الباب الخامس من إعلان وبرنامج عمل باماكو. التأجيل سيكون بمثابة وضع تونس تحت الرقابة ونوعا من الإمهال لاستئناف العملية الديمقراطية بما فيها المؤسسات البرلمانية والتعددية دولة القانون والمؤسسات. هذا التأجيل يمثل فشلا ذريعا في الإقناع بمشروعية التدابير الاستثنائية التي حملها الأمر 117، ويؤذن بعزلة دولية وخيمة العواقب على تونس، إن لم يتدارك رئيس الجمهورية الأمر باستئناف المسار الديمقراطي التشاركي وبالتخلص من المشروع اللينيني الستاليني الخطير لرفاق السوء وبالكف عن الاستماع للهواة ومحترفي الدسائس من محيطه من اللذين أغرقوه في صغائر الأمور وسفاسفها فغابت عنه كبارها”.

وعلقت البرلمانية السابقة صابرين القوبنطيني بالقول "أولى علامات انتكاسة الديبلوماسية التونسية”، وتساءلت "لا أعرف إن كان علينا الحزن على قرر تأجيل قمة الفرنكوفونية، أو الفرح لأنها تأجلت فقط ولم يتم إلغاؤها أو تحويلها إلى مكان آخر”.

وقبل ساعات، كتب المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة الأسباب التي قال إنها ستؤدي إلى اتخاذ السلطات الفرنسية قرارا يقضي بتأجيل القمة الفرنكفونية، وتتلخص بـ”تقصير بالغ في التنظيم المتعلّق بالقمّة والتحضير لها من المعلوم بأنّ قيس سعيّد هو الذي اختار جزيرة جربة لتنظيم القمّة الفرنكفونيّة، رغم افتقارها للبنية التحتيّة لعقد ملتقى دولي رفيع ومكثّف على مستوى القمّة، قد يضمّ رؤساء وقادة وممثّلي ما يقارب الثمانين دولة كاملة، وهو أمر يحتاج إلى بنية تحتيّة متطوّرة ومرافق في مستوى معيّن لا تتوفّر بجزيرة جربة، التي لا تضمّ مثلا قاعة كبرى للمؤتمرات الدوليّة. وقد جعل ذلك تونس مطالبة ببذل جهود خرافيّة لتجهيز الجزيرة للحدث الكبير، وأحيانا تحضير كلّ شيء انطلاقا من الصفر، وكان يمكن لتنظيم القمّة بالعاصمة أن يوفّر الكثير من التحضيرات والنفقات والتكاليف والجهد والوقت”.

وأضاف "السبب الثاني فهو يعود إلى ما بعد 25 جويلية، وهو إعلان رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد التدابير الاستثنائية، والتي استولى فيها على جميع السلطات وألغى عمليّا الدستور، ونصّب نفسه حاكما وحيدا على البلاد فوق الدستور والقانون بعد أن أعطى لنفسه بنفسه سلطة التشريع وإصدار القوانين عبر مراسيم رئاسيّة شخصيّة جعلها أيضا غير قابلة للإلغاء أو خاضعة للرقابة القضائيّة، ولا شكّ أنّ ذلك حوّل تونس في عيون جميع الدول الديمقراطيّة في العالم إلى دولة منحرفة عن المسار الديمقراطي (…) كما جعلها في نظر أغلب أعضاء منظّمة الفرنكفونيّة "دولة غير ديمقراطيّة” حاليّا على الأقلّ، وهو ما يعني أن حضور قادة دول أجنبيّة ديمقراطيّة لتونس سيكون محرجا لهم أمام الرأي العام الداخلي في بلدانهم، وأمام وسائل الإعلام الداخليّة والدوليّة”.

ويأتي القرار الفرنسي بعد ساعات من اتهام الرئيس قيس سعيد لمعارضيه بالتحريض ضد الدولة والسعي لإفساد العلاقة مع فرنسا ودفعها لإلغاء القمة الفرنكوفونية.