النهار الاخبارية - وكالات
أصدر قاضي التحقيق الأوّل بالمكتب الثاني بالمحكمة الابتدائية سوسة 2، بطاقة إيداع بالسجن ضدّ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في قضية ما يعرف إعلامياً بـ"أنستالينغو"، حسب ما أفاد به المساعد الأوّل لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية سوسة 2، رشدي بن رمضان، في تصريح لإذاعة موزاييك.
كان قاضي التحقيق الأوّل بالمكتب الثاني المتعهد بالملف وجّه بطاقة إخراج بمقرّ إيقاف الغنوشي لإحضاره لديه لاستنطاقه، غير أنّه رفض القدوم. وسبق أن أفاد بن رمضان بأنّ الأبحاث تقدّمت في قضية الحال بناء على نتائج تساخير فنية واستنطاقات شهود ومتهمين.
لائحة اتهامات راشد الغنوشي
يشار إلى أنّ قاضي التحقيق كان استنطق الغنوشي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وأبقى عليه بحالة سراح. وبلغ عدد المشمولين بالبحث التحقيقي في قضية أنستالينغو 46 متهماً، من بينهم 12 مودعون بالسجن، والبقية بين حالة سراح وفرار كما تمّ إصدار بطاقات جلب دولية في حقّ 8 متهمين.
كانت النيابة العمومية وجهت للمتهمين تهمة ارتكاب جرائم تتعلق بغسيل الأموال وذلك في إطار وفاق وباستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص التوظيف والنشاط المهني والاجتماعي والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش ضدّ رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي طبق أحكام الفصول 61 و67 و72 من المجلة الجزائية والفصل 94 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أغسطس/آب 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
جدير بالذكر أن الغنوشي موقوف على ذمة قضية تعلقت بتصريحات كان أدلى بها خلال مسامرة رمضانية نظمتها "جبهة الخلاص المعارضة"، اعتبرتها النيابة العامة تحريضية.
امتناع الغنوشي عن مغادرة السجن
في سياق متصل، فقد امتنع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023، عن مغادرة السجن للمثول أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية، على خلفية ما يُعرف بقضية شركة "أنستالينغو"، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية.
ووجّه قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثاني، المتعهد بالملف، بطاقة إخراج من مقر إيقاف الغنوشي بسجن "المرناقية"، لإحضاره لديه والتحقيق معه، غير أنه رفض مغادرة السجن.
يشار إلى أن قضية "أنستالينغو" تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين أوقفت السلطات موظفين في الشركة بتهم بينها "ارتكاب أمر موحش (جسيم) ضد رئيس الدولة (قيس سعيد)، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجاسوسية".
شملت التحقيقات صحفيين ومدوّنين وأصحاب أعمال حرة وسياسيين، بينهم الغنوشي وابنته وصهره رفيق عبد السلام، والمتحدث السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي.
فيما وصف رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، في وقت سابق، القضية بأنها "زائفة"، معتبراً أن الهدف منها هو "صرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية" في تونس، وتابع الغنوشي: "محامون وقضاة أكدوا أن الملف فارغ وزائف، ولا وجود لجريمة من الجرائم والاتهامات الموجهة من قبيل تغيير نظام الدولة ودفع المواطنين إلى الاقتتال"، ورأى أن الهدف من هذه القضية هو "صرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية".
أضاف: "وجودي هنا لن يخفض من أسعار المنتجات، ولن يوفر الأمن، ولن يحل مشكلة الانتخابات التي تُزيف.. النظام القائم هارب من مشكلته ومن مطالب الشعب"، وشدّد الغنوشي على أنه "متمسك بحصانته، ولكنه جاء إلى المحكمة احتراماً للقانون".
في تصعيد خطير للقمع في تونس، في ظل حكم الرئيس التونسي قيس سعيد، قامت السلطات بـ"اعتقال راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي"، والذي دعم وصول قيس سعيد للرئاسة، ويُعد من الشخصيات الرئيسية في تاريخ البلاد الحديث، منذ أن كان معارضاً ضد الأنظمة المختلفة، وصولاً لدوره في العملية السياسية، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي.
قال الغنوشي، البالغ من العمر 81 عاماً، في أول تعليق له على سجنه: أنا مستبشر بالمستقبل.
يذكر أنه ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، استأثر الرئيس التونسي قيس سعيد بالسلطات، وحل البرلمان بالمخالفة للدستور، وأقال رئيس الوزراء، ثم أجرى تعديلات دستورية لإنشاء نظام رئاسي وأسس لبرلمان جديد لا يتمتع بصلاحيات فعلية. كما قام باعتقال و/ أو توجيه تهم تتعلق بالتآمر والإرهاب لمعارضيه السياسيين بشكل متزايد.
الغنوشي تونس قيس سعيدزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي/ رويترز
أوقف سعيد، منذ بداية فبراير/شباط 2023، ما لا يقل عن 10 شخصيات بارزة، غالبيتها من المعارضين المنتمين إلى حركة النهضة وحلفائها، واعتبر سعيد الموقوفين "إرهابيين"، واتهمهم "بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي". في حين رأت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أن حملة الاعتقالات "لها اعتبارات سياسية"، وهي "محاولة متعمّدة للتضييق على المعارضة، ولا سيما الانتقادات الموجهة للرئيس".
خلال الأشهر القليلة الماضية، مَثُل الغنوشي أمام المحكمة على خلفية مزاعم بأن حزب النهضة ساعد الجهاديين على السفر للقتال في سوريا. وتم التحقيق معه أيضاً بتهم غسل الأموال فيما يتعلق بحصول منظمات وجمعيات خيرية مرتبطة بالحزب على تمويل أجنبي.