الأحد 10 تشرين الثاني 2024

عمران خان في الرياض.

في سياق محاولاته المستمرة لتخفيف التوتر مع المملكة العربية السعودية، يزور رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الرياض، لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع عدد من الاتفاقيات.
وبحسب ما أعلنته وزارة الخارجية الباكستانية (الخميس 6 مايو) فإن رئيس وزراء باكستان سيبدأ (الجمعة 7 مايو)، زيارة رسمية تمتد 3 أيام، تلبية لدعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقالت الوزارة إن وفداً رفيع المستوى يضم وزير الخارجية شاه محمود قريشي، ووزراء آخرين، يرافق رئيس الحكومة خلال الزيارة. 
وتهدف الزيارة، بحسب البيان، "لبحث التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة وفرص العمل للقوى العاملة الباكستانية".
كما سيبحث الجانبان أيضاً قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، ومن المتوقع توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية، وفقاً للبيان.
شراكة تاريخية
تستضيف السعودية أكثر من مليوني باكستاني، ولا تزال أكبر مصدر للتحويلات المالية الخارجية إلى باكستان، في حين تعتبر إسلام أباد حليفاً عسكرياً قوياً للرياض؛ لكونها الدولة المسلمة الوحيدة التي تملك أسلحة نووية.
وبطلب من الولايات المتحدة، زار "خان" السعودية في أكتوبر 2019، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران، بعد تعرض منشآت نفطية سعودية لهجمات حوثية في العام نفسه.
وزار خان الرياض أربع مرات خلال 2019، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن هذه الزيارات جاءت في سياق العلاقات الثنائية والتواصل المنتظم بين البلدين.
وأعلنت باكستان في 2018 أن السعودية ستدعم الاقتصاد الباكستاني بوديعة قيمتها 3 مليارات دولار لمدة عام.
كما وافقت الرياض خلال مشاركة وفد باكستان في فعاليات منتدى مستقبل الاستثمار في العام نفسه، على تقديم تسهيلات مؤجلة بقيمة 3 مليارات دولار لشراء النفط على مدار عام، شريطة شرائه من المملكة.
وفي أكتوبر 2018، قال رئيس الوزراء الباكستاني إن بلاده ستلعب دور الوسيط في الحرب بين الحوثيين والتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.
وأضاف خان حينها أنه "سيحاول توحيد الدول المسلمة، إضافة للعب دور الوسيط لحل النزاعات بينها".

توتر العلاقات
وتوترت العلاقات السعودية الباكستانية نوعاً ما خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب تعارض وجهات النظر بشأن عدد من القضايا، وهو ما استدعى خطوات غير معتادة بين الحليفين القويين.
وقبل أيام، سحبت باكستان عدداً من دبلوماسييها من الرياض على خلفية شكاوى متصاعدة قدمتها العمالة الباكستانية في المملكة.
لكن خان، قال في مقابلة مع قناة "دنيا نيوز" التلفزيونية، في أغسطس 2020، إنه "لا توجد خلافات بين بلاده والسعودية"، قائلاً: "الشائعات عن تدهور علاقاتنا مع السعودية باطلة تماماً".
وانتشرت، العام الماضي، تقارير بشأن توتر العلاقات بين الحليفين؛ بسبب رفض برلمان باكستان مشاركة قوات بلاده في حرب اليمن، وفتور موقف الرياض إزاء إقليم كشمير المتنازع عليه بين باكستان والهند.
وكان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي قد طلب، في أغسطس 2020، من منظمة التعاون الإسلامي التي تهيمن عليها الرياض، التوقف عن تأخير عقد اجتماع لمجلس وزراء خارجية المجموعة بشأن كشمير، وإلا عقد اجتماعاً للدول الإسلامية التي تقدم دعمها لإسلام آباد.
لكن قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجواه، سارع لزيارة السعودية، في محاولة لتهدئة الأجواء بعد التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية بلاده بشأن كشمير.
وكانت وكالة "رويترز" قالت، في ديسمبر 2020، إن الرياض ضغطت على إسلام أباد لرد قرض الـ3 مليارات، وهو ما دفع الأخيرة لاقتراض مليار دولار من الصين وردها للسعودية، كدفعة ثانية من القرض الميسر.
وكان القرض جزءاً من حزمة إنقاذ بقيمة 6.2 مليارات دولار، أعلنتها الرياض في أكتوبر 2018، وتضمن تسهيلات ائتمانية للحصول على إمدادات نفطية.
وتعد السعودية أكبر مصدر للنفط لباكستان، كما أنها إحدى الأسواق الرئيسة للمنتجات الباكستانية. 
وتزايدت التكهنات بشأن وجود خلاف بين البلدين عندما بدأت السعودية، في 2018، ترحيل أعداد كبيرة من العمالة الباكستانية، التي تقدر تحويلاتها من العملات الأجنبية بنحو 4.5 مليار دولار سنوياً. 
مد وجزر
وتشير تقارير إلى وجود خلاف بين الحليفين بسبب موقف باكستان من حرب اليمن ومن العلاقة مع إيران، فضلاً عن عدم انخراط إسلام أباد في الأزمة الخليجية.
لكن هذه التقارير لا تنفي حقيقة الشراكة القوية بين البلدين، فقد كانت السعودية هي المحطة الأولى لـ"خان"، بعد توليه السلطة، حيث تكهنت تقارير حينذاك أنها خطوة تهدف للحصول على دعم مالي لبلاده التي تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة.
ففي فبراير 2019، زار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إسلام أباد، وقوبل هناك بشكل حافل، ووقع اتفاقيات اقتصادية بقيمة 20 مليار دولار.
كما رفضت إسلام أباد حضور "قمة كوالالمبور" الإسلامية التي استضافتها ماليزيا عام 2019 بحضور قطري تركي إيراني.
لكن المتغيرات الجديدة التي تشهدها المنطقة خلقت ظروفاً مناسبة لتصحيح العلاقات بين الحليفين القويين، كما يقول محللون.

المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، يرى أن زيارة خان المرتقبة للرياض تعتبر تطوراً مهماً، وتأتي في سياق مراجعة شاملة على ما يبدو للسياسات الخارجية السعودية. مشيراً إلى أنها تتكامل مع تطورات إيجابية في العلاقات التركية السعودية.

ولفت التميمي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن باكستان تعد حليفاً قوياً للمملكة، وكان من الغريب أن تشهد العلاقات بين البلدين تدهوراً غير مبرر، وفق قوله.

وقال إن السبب الرئيس في هذا التدهور هو "النهج الكارثي لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي هيمن خلال الفترة الماضية على معظم السياسات والسلوك التخريبي الذي لازم سياسة أبوظبي والرياض تجاه بلدان مثل باكستان وتركيا وقطر".

وبدأت المملكة مؤخراً تقارباً واضحاً مع تركيا، وعرضت إقامة علاقات "طيبة ومميزة" مع إيران، فضلاً عن العودة القوية لعلاقاتها مع الدوحة.

وتعتبر باكستان واحداً من أقوى الحلفاء العسكريين لدول الخليج، وقد أجرت القوات السعودية الشهر الماضي مناورات جوية مع نظيرتها الباكستانية في قاعدة "مصحف" الباكستانية، وذلك بالتزامن مع مناورات باكستانية إيرانية في خليج عُمان.