النهار الاخبارية - وكالات
قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الخميس، 30 مارس/آذار 2023، إن محاولات عبور البحر من الساحل حول صفاقس في تونس إلى أوروبا شهدت ارتفاعاً حاداً في الأسابيع الأخيرة، وسط موجة من العنف العنصري أثارها خطاب تحريضي سابق للرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي ادعى فيه أنَّ الهجرة غير النظامية من أجزاء أخرى من إفريقيا كانت جزءاً من مؤامرة دولية على بلاده ، ما أدى إلى غرق العشرات من المهاجرين في البحر.
إذ إنه، وفي الأسبوع الماضي وحده، أُعلِن غرق 29 شخصاً من إفريقيا جنوب الصحراء، كانوا على متن قاربين قبالة سواحل صفاقس. وقال المدير الجهوي للصحة في صفاقس، يوم الأربعاء، 29 مارس/آذار، لوكالة الأنباء التونسية، إنَّ عدد جثامين المهاجرين في المشرحة المحلية تجاوز طاقتها الاستيعابية.
فبعد ظهر أحد الأيام الأخيرة في مدينة صفاقس الساحلية التونسية، وبينما يسارع المتسوقون في أنحاء السوق لشراء الطعام والشراب لتناول وجبة الإفطار في تلك الأمسية، تجمعت مجموعة صغيرة من الرجال من إفريقيا جنوب الصحراء بالقرب من كشك لبيع ملحقات الهاتف.
خاض أحدهم، ويُدعى جوزيف، رحلة استغرقت أسبوعين إلى المدينة من الكاميرون قبل 8 أشهر. ومثل الآلاف من قبله الهاربين من الفقر والصراع في إفريقيا والشرق الأوسط، أملاً في حياة أفضل، كانت خطته تتمثل في ركوب قارب بالقرب من صفاقس وعبور البحر المتوسط إلى أوروبا.
لكنه اضطر لتغيير رأيه الآن؛ فقد كانت رحلة القارب محفوفة بالمخاطر، وصارت الأوضاع في تونس لا تطاق. لذا يخطط للعودة إلى الكاميرون. وقال جوزيف، مشيراً إلى صورة على هاتفه لأحد معارفه الذي انطلق في الرحلة البحرية مؤخراً من صفاقس: "انظر. لقد مات غرقاً". وزعم جوزيف أنه عندما صادف خفر السواحل التونسي القارب، نزعوا محركه وتركوه في البحر؛ حيث غرق.
بالقرب من جوزيف، وقف أوليفييه من ساحل العاج يحمل كيساً من خبز الطابون. وقد وصل إلى تونس قبل عام ويحاول توفير 3000 دينار (985 دولاراً أمريكياً تقريباً)، التي قال إنها تكلفة رحلته إلى أوروبا.
قال أوليفييه إنَّ أكثر الناس استغرقوا عامين لادخار ما يكفي لدفع أموال للمهربين. ويتقاضى المهربون رسوماً أقل مقابل العبور خلال فصل الشتاء، عندما يكون البحر أكثر هياجاً؛ مما يساعد في تفسير سبب ارتفاع معدل الوفيات عند عبور الأشخاص من جنوب الصحراء الكبرى مقارنة بالتونسيين، الذين من المرجح أن يكونوا أكثر قدرة على دفع المزيد للعبور في الصيف.
شرح أوليفييه كيف تسير الرحلة: يتصل المهربون بالأشخاص الذين يأملون في العبور ويطلبون منهم ركوب سيارات أجرة، وصولاً إلى نقاط معينة على الشواطئ على طول الساحل. وبمجرد الوصول إلى هناك، يمكن للناس إما محاولة العبور مع صياد، أو شراء قارب ودفع مبلغ إضافي مقابل التدريب على الملاحة.
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، ما لا يقل عن 12000 مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا العام أبحروا من تونس، مقارنةً بـ1300 مهاجر في نفس الفترة من عام 2022. وفي السابق، كانت ليبيا نقطة الانطلاق الرئيسية.
يفسر كثيرون حملة سعيد على المهاجرين غير الشرعيين بأنها محاولة لإلقاء اللوم عليهم في مشكلات تونس الاقتصادية.
فيما يغادر التونسيون أنفسهم البلاد بأعداد أكبر من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة، ويبدو أنَّ مستقبلها الاقتصادي يعتمد على خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي التي تأخرت بسبب مطالب الولايات المتحدة وآخرين بإصلاحات بعيدة المدى.
أما في صفاقس، فأشار أوليفييه إلى سوق صغيرة مخصصة يعمل فيها أشخاص لا يحملون وثائق. وقال: "هناك الآلاف منا في تونس. إنها عاصمة الهجرة في البحر المتوسط".