الأحد 22 أيلول 2024

الملكية الأردنية لتحديث المنظومة خطوات متقدمة رغم سؤال الإصلاح والتنفيذ


النهار الاخباريه عمان 

يمكن القول بالرغم من كل الانتقادات والملاحظات بأن اللجنة الملكية الأردنية لتحديث المنظومة السياسية وضعت أساسا بعد الآن لخطوات لا بل لقفزات في اتجاهات التنمية السياسية وإصلاح بعض التشريعات يمكن البناء عليها مستقبلا بصرف النظر عن عملية «النفخ» في التوقعات التي لا يمكن بحال من الأحوال تحميل مسؤوليتها لرجل دولة ولاعب أساسي من طراز رئيس اللجنة سمير الرفاعي.
أعضاء اللجنة بصورة أو بأخرى مسؤولون عن خياراتهم ليس أمام القيادة المرجعية والمطبخ الذي اختارهم لواحدة من أعرض وأهم اللجان والمهام، ولكن أيضا أمام الناس والشارع والمكونات التي يمثلونها.
بعيدا عن الضجيج وقريبا من الوقائع ثمة «منتجات نكرانها جحود» وتصنف باعتبارها إصلاحية بامتياز في تقييم عضو اللجنة النشط المحامي والبرلماني محمد الحجوج، الذي يكرر وعبر «القدس العربي» المطالبة بضرورة عدم الاستعجال والتقييم المنصف لإن بعض ما تحقق- حتى الآن- على صعيد قانوني الانتخاب والأحزاب والمرأة والشباب ليس أقل من «خطوات متقدمة جدا».
في عدة مجالسات مؤخرا ضم رئيس مجلس الأعيان المخضرم فيصل الفايز صوته لدعاة التقييم المتوازن مع التأشير على ان واحدة من أصعب المهام وأكثرها تعقيدا هي توفير توافق عام وأفقي على صيغة ما لقانون ونظام الانتخاب.
رغم ذلك ثمة توافقات حصلت حتى وإن تأخرت بتقدير الحجوج وثمة ما ستراقبه الأجيال المقبلة من منجرات إصلاحية يمكن البناء عليها وتطويرها.
على جبهة رئيس اللجنة سمير الرفاعي شارفت عملية ولادة الوثيقة المرجعية الأساسية باسم اللجنة التي كانت بلا منازع أعرض وأهم لجان التجربة السياسية في البلاد من عدة عقود ورغم انها عملية كانت صعبة وتخللها ولا يزال يتخللها الكثير من التشكيك الاستباقي إلا ان الرفاعي تمكن من العبور بملفات خلافية جدا إلى أقرب شاطئ توافق ممكن.
والأهم تمكن مع بعض رفاقه في اللجنة من إحتواء كل الأطراف والتأسيس لوثيقة قد يقبلها البعض ويرفضها البعض الآخر لكنها بكل حال أفضل من «البقاء في الوضع الراهن» حيث أحزاب هامشية بلا تأثير وصمود أسطوري لقاعدة «الصوت الواحد» وانتخابات مشكوك بنزاهتها جراء عمليات هندسة متواصلة قادت عميا إلى تشكيل اللجنة.
«المهمة» بالتأكيد صعبة ومعقدة.
لكنها أنجزت بعد إرهاق بالكثير من التوافق وبالحد الأدنى من الخلاف الذي قد تظهر بعض ملامحه لاحقا عند الإنشغال بالتصويت على المقررات والتوصيات الأخيرة للجان الفرعية عبر اللجنة الأم وهي مرحلة قد يتخللها بعض التجاذب أيضا لكن الرفاعي أنجزها وأعلن أن التوصيات ستعرض الأسبوع المقبل على الهيئة العامة لتحديث المنظومة السياسية.
هل ستنطوي العملية على تحديث حقيقي للمنظومة السياسية مع الأخذ بالاعتبار ملاحظة النائب السابق طارق خوري بخصوص وجود فارق بين تحديث المنظومة وبين الإصلاح السياسي؟
هل سؤال يخطر في ذهن الجميع الآن وبتداوله بصفة خاصة الحريصون على المؤسسة والدولة وعلى أساس ان أي «انتكاسة أو هندسة» بعد الآن للحد الأدنى من الإصلاحات والتحديثات ستعني الكثير وستؤثر هذه المرة في عمق العلاقة بين الدولة والناس وهي علاقة اصلا تواجه في رأي السياسي مروان الفاعوري تحديات كبيرة من سنين قد يكون أقلها أهمية أزمة المصداقية وتراكم الإحباطات الناتجة عن «أزمة الأدوات».
كما حذر المخضرم طاهر المصري علنا في وقت سابق من تزايد أعداد «كاظمي الغيظ» في المجتمع يميل الفاعوري إلى التحذير من كلفة وفاتورة تراكم الإحباط خصوصا في مرحلة ما بعد توصيات «تحديث المنظومة».
ولا يعني ذلك طبعا وجود «إجابة تلقائية» على السؤال المشار إليه بخصوص جدية التحديث الإصلاحي ونفض وتعديل التشريعات بقدر ما يعني بان تحول «التوافقات» التي مررها الرفاعي بذكاء وفطنة إلى وصفات سريعة قابلة للذوبان في منظومة الدولة وليس الناس هو التحدي الأساسي التنفيذي في المرحلة اللاحقة.
عمليا التوصيات بعد إقرارها من الهيئة العامة الأم ستحول بأمر ملكي علني إلى الحكومة التي التزم الملك بأن تتبناها فورا وبدون تعديل أو تغيير وترسلها إلى البرلمان فيما سمعت «القدس العربي» الرفاعي يقدر مباشرة بأن «اعتماد التوصيات النهائية دستوريا» رهن بالسلطة التشريعية صاحبة الصلاحية وثمة مؤسستان عليهما واجب المتابعة والاقناع أمام مجلس النواب وهما الحكومة ومجلس الأعيان.
طبعا لا توجد صيغة محددة يمكن ان تقنع حكومة ما بالعمل والسهر على توصيات لجنة التحديث أو تقنع مجلس الأعيان بالطريقة نفسها، لكن الرفاعي يلفت النظر بالمقابل هنا لواجبات مؤسسات الدولة على أساس ان انتهاء العصف الذهني يعني ضمنيا تدشين المرحلة الأهم وهي «التنفيذ» والذوبان تنفيذيا في حالة تطبيق سريعة لتلك التوصيات.
قام الرفاعي ورفاقه بالواجب بصرف النظر عن التجاذبات والخلافات والتوقعات، فهل تستعد بقية المؤسسات لواجبها بالمقابل؟ هذا هو السؤال الحقيقي الآن.