الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024

الحوار الوطني المصري.. بداية لتغيير حقيقي أم محاولة تجميليه


النهار الاخباريه وكالات

انطلق الحوار الوطني المصري، الثلاثاء 5 يوليو/تموز 2022، وسط تباين في المواقف بين متفائلين يتأملون بقدرته على إحداث حراك سياسي حقيقي، وبين متشائمين يرونه حواراً شكلياً يستبعد قوى رئيسية وهدفه إرضاء الغرب وليس إحداث تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد.
وكان الرئيس المصري دعا نهاية أبريل/نيسان الماضي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية إلى حوار وطني بين النظام والمعارضة دون استثناء.
وأعقب هذه الدعوة إطلاق سراح العشرات من السجناء بقرارات قضائية وعفو رئاسي، وأبرزهم المعارضون يحيى حسين ومحمد محيي الدين ومجدي قرقر (محسوب على الإسلاميين) والناشط اليساري حسام مؤنس.

كيف جرت أولى جلسات الحوار الوطني المصري؟

وقال المنسق العام للحوار الوطني، نقيب الصحفيين ورئيس هيئة الاستعلامات المصرية، ضياء رشوان في بداية جلسة الحوار الوطني التي انطلقت اليوم الثلاثاء، إن "الحوار الوطني يسعى إلى إرساء مبادئ الديمقراطية في الجمهورية الجديدة"، حسب تعبيره.
وأوضح رشوان أن انعقاد مجلس الأمناء هو "البداية الرسمية لأعمال وفعاليات الحوار الوطني، حيث ينظر مجلس الأمناء خلال جلسته الأولى في "تفاصيلها ومواعيدها ويتخذ القرارات اللازمة بشأنها، ويعلنها للرأي العام، ليتيح له التفاعل مع الحوار والمشاركة فيه بمختلف الوسائل المباشرة والإلكترونية".
واستطرد: "سنرفع تشريعات وخطوات تنفيذية للرئيس في نهاية جلسات الحوار الوطني، فالتوافق هدف رئيسي، وما لم نصل إليه ستكون هناك بدائل".
ويعد هذا أول حوار وطني في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتغلب على الحوار شخصيات من مؤيدي جبهة 30 يونيو/حزيران 2013، التي مهدت لتظاهرات في ذلك اليوم أطاحت بالرئيس السابق الراحل المنتمي للإخوان محمد مرسي.

ورغم بوادر الانفتاح وسلاسة الاتصالات، تحرص الرئاسة على فرض رقابة صارمة على تنظيم هذا الحوار، حسب وصف موقع Africa Intelligence الفرنسي، حيث تُعقد جلسات الحوار في "الأكاديمية الوطنية للتدريب"، وهي معهد للتدريب على القيادة تأسس عام 2019 بالشراكة مع مدرسة التدريب لكبار المسؤولين الفرنسيين، المدرسة الوطنية للإدارة (ENA)، وتتبع رئيس الجمهورية. 
وبعد مفاوضات وأنباء متضاربة، تم الإعلان عن تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني المصري المكون من 19 عضواً وتقرر أن يكون نقيب الصحفيين، ضياء رشوان منسقاً عاماً للحوار.
وخلال الجلسة الأولى قال النائب أحمد الشرقاوي عضو مجلس النواب، إن المعارضة المصرية طرحت بعض الأسماء للمشاركة ويجلس نصفهم تقريباً على طاولة مجلس أمناء الحوار الوطني، حيث إن مجلس الأمناء تم اختياره بالتوافق وتلاحظ الرضاء العام لدى الرأي العام، وطالب الشرقاوي بكتابة لائحة بشكل سريع تحدد قواعد مجلس الحوار الوطني، معتبراً أن اللائحة تؤكد أن مجلس أمناء الحوار الوطني هو المختص والمهيمن الوحيد على شؤون الحوار الوطني.

وقال الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد إنه بصفته أحد ممثلي الحركة المدنية (التي يفترض أنها تمثل المعارضة) يتقدم بالشكر للسيد رئيس الجمهورية للدعوة الحوار الوطني، موضحاً أهم النقاط التي حُددت بعد اجتماعات الحركة المدنية الديمقراطية، حيث يرى أن تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني استوفى المطلوب منه ويلقى توازناً بين ممثلي الجهات، لافتاً إلى أن الحركة المدنية تؤكد أنه لا يجب أن يبدأ الحوار إلا بالإفراج عن المحبوسين في قضايا الرأي، مؤكداً أن الحركة المدنية لم ولن تدعو أي جماعة لم تعترف بدستور 2014 والوضع السياسي الحالي، أو استخدمت أي أعمال عنف.
وقال رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، المستشار محمود فوزي، إن "أبرز القضايا التي وصلت من مكاتبات ومراسلات الجمهور في المحور السياسي، هي الملفات الخاصة بالأحزاب السياسية، وحقوق الإنسان، وقضايا المحليات، والإصلاح التشريعي، والأمن القومي والسياسة الخارجية".
وأشار إلى أن الأكاديمية الوطنية للتدريب، وجهت أكثر من 500 دعوة للمشاركة في الحوار.

استثناء الإخوان رغم دعوة الرئيس لعدم الاستثناء

وكان الرئيس المصري قد طالب في دعوته خلال رمضان الفائت، إلى أن "يكون الحوار الوطني مع كل القوى من دون استثناء ولا تمييز". 
وثارت آنذاك العديد من التساؤلات في شأن ما إذا كان الحوار سيكون بداية لعودة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي، وبدت كثير من الاعتراضات في الإعلام المصري على طرح وجود الإخوان على طاولة الحوار، ومن أبرزها تعليقات للمذيعين البارزين عمرو أديب وأحمد موسى، لكن منسق الحوار الوطني ضياء رشوان حسم الجدل بالتأكيد أن جماعة الإخوان خارج الحوار، بدعوى"تلوث أيديهم بالدماء ودعوتهم للعنف، وأن القضاء وصفهم بالجماعة الإرهابية". ولكن لفت رشوان إلى أن هناك أطرافاً منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو قريبين منها يريدون المشاركة في الحوار الوطني.
وقد شارك في الحوار ناجح إبراهيم القيادي السابق بالجماعة الإسلامية التي أجرت مراجعات كبيرة لدورها في العنف، ثم تحالفت مع الإخوان، ولكن ناجح كانت أغلب مواقفه في السنوات الماضية أقرب للدولة والقوى الليبرالية وبعيدة عن مواقف الإسلاميين.