الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

إيكونوميست: العراقيون ضاقوا ذرعاً بإيران

إيكونوميست: العراقيون ضاقوا ذرعاً بإيران
 
"استيلاء على سيادة العراق"، بهذه العبارة يصف ضابط عراقي لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، لوحة إعلانات تمجد قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي قتُل في ضربة جوية أمريكية في العراق، في يناير (كانون الثاني) 2020.
وتنتشر تلك اللوحات الإعلانية في المنطقة الخضراء ببغداد التي تضم مراكز حكومية والسفارة الأمريكية.
واعتبر عراقيون كثر سليماني بطلاً، لتعبئته قوات محلية ألحقت الهزيمة بجهاديي تنظيم داعش. لكن الشعور العام قد تغير.
والجماهير التي رحبت بإيران محرراً، ترى فيها على نحوٍ متزايد قوة إحتلال، ويحاول السياسيون العراقيون، تخفيف قبضتها.
قمع الاحتجاجات
ولا تزال الميليشيات المدعومة من إيران تسيطر على مساحات شاسعة من العراق. وتورط بعضها في قمع عنيف للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت في 2019.
وأخيراً، خففت هذه الميليشيات من اندفاعها، فقللت عدد اللافتات التي تشيد بقادتها من آيات الله والجنرالات، فضلاً عن ظهور أقل في الشوارع. وهي تفتقد إلى توجيهات سليماني وأبو مهدي المهندس، الذي كان يتزعم الميليشيات العراقية، والذي قتل مع سليماني في الغارة الأمريكية.
وفي غياب قيادة واضحة، فإن الميليشيات آخذة في التفكك. وكان من المتوقع إحياء ذكرى الغارة الجوية بعرض للقوة. وسار الآلاف في بغداد، وعُرضت بقايا السيارة التي استهدفتها الغارة الأمريكية. لكن لم تحدث ضربات انتقامية على نطاق واسع ضد أهداف أمريكية.
الكاظمي 
لطالما استغلت إيران السياسيين الشيعة في العراق لتأكيد نفوذها. لكن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لا يتجاوب معها.
وبخلاف كل أسلافه، فإن الكاظمي لا يتحدر من حزبٍ مقرب من إيران. ومنذ تسلمه منصبه في مايو (أيار) الماضي، طبق العقوبات الأمريكية، ومنع طهران من الحصول على مليارات الدولارات ثمن صادرات إيرانية، إلى العراق. واستدعى رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني المسؤولين العراقيين إلى طهران ووبخوهم لبعد تعثر الإفراج عن الأموال الإيرانية.
وأزعج رئيس الوزراء الميليشيات باستعادته السيطرة على عدد من المعابر الحدودية التي كانت تنشر فيها رجالها. وبناء على طلبه سيرسل حلف الناتو 3500 جندي إلى العراق.
الميليشيات تشعر بالتهديد
وتقول ماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني في جنيف، إن "هذه المجموعات، المدعومة من إيران، تشعر بأنها مهددة على نحوٍ خطير".
واتهم الخصوم الكاظمي، وهو رئيس السابق لجهاز المخابرات العراقي، بإعلامه الأمريكيين بمكان سليماني، ما مكنهم من استهدافه.
واغتالت الميليشيات بعض المقربين منه، وطاردت عدداً آخر من مستشاريه في الخارج. وطوقت "كتائب حزب الله" المدعومة من إيران منزله في يونيو (حزيران) بشاحنات خفيفة مليئة بالمسلحين، رداً على اعتقال بعض عناصرها للاشتباه في قتلهم متظاهرين.
ويقول مراقب في بغداد إن الكاظمي "محظوظ لأنه نجا من قطع رأسه ووضعه على طبق". ويحاول الكاظمي تفادي الاحتكاك المباشر مع الميليشيات. وتضم حكومته وزيراً من الفصائل الموالية لإيران، التي تحاول زيادة عدد عناصرها المدرجة على جدول رواتب الحكومة، علماً أن عشرات الألاف منهم يتقاضون رواتب من الدولة.
وينقل مسؤول عراقي عن رئيس الوزراء "إذا لم تدفع لهم، فإنهم سيقصفون الأمريكيين".
الانتخابات قد تغير المناخ السياسي
ويعتقد مستشارو الكاظمي أن معظم العراقيين يدعمون جهوده لكبح جماح النفوذ الإيراني. ويقولون إنه في الانتخابات الماضية، بقي المحبطون في منازلهم، بينما أقبل الناخبون المؤيدون للأحزاب المدعومة من إيران على صناديق الإقتراع.
ومن المقرر إجراء انتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وإذا تمكن مساعدو الكاظمي من حشد الناخبين، وإذا أرسلت الأمم المتحدة مراقبين، فإن المناخ السياسي قد يتغير بطريقة تسهل عمل رئيس الوزراء.
وفي الوقت نفسه دعا الكاظمي إلى حوار وطني قد يشمل خاضعين لعقوبات أمريكية. ويبدو أنه توصل إلى خلاصة مفادها أن الحوار أفضل من قتال قد يخسره.