مع استمرار العمل بقرار حظر النشر في قضية "المخطط التآمري" في الأردن، تبدو المعلومات حول آخر التطورات شحيحة، وقليلة، باستثناء الرواية الرسمية التي يفرج عنها بين الحين والآخر للإعلام الحكومي، ولا تحظى برضى وقناعة الأردنيين الذين توجه معظمهم نحو الإعلام الخارجي لمعرفة حقيقة ما يحدث.
يأتي ذلك وسط توقعات ببدء محاكمة المتهمين الـ 16، خلال أسابيع، وتوجيه اتهامات محددة لهم، في وقت يقول مراقبون، إن الأشهر المقبلة قد تشهد موجة إصلاح سياسي وهيكلة شاملة في البلاد.
ومن بين وسائل الإعلام الغربية التي كتبت بإسهاب عما يحدث في الأردن أخيراً، مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، التي وجهت نقداً لاذعاً للحكومة الأردنية.
وقالت "فورين بوليسي"، إن القضية برمتها كانت أزمة مصطنعة تهدف إلى تشتيت انتباه الجمهور الغاضب من سوء إدارة البلاد، حيث يتفاقم الوضع الاقتصادي السيء وتزداد البطالة ويرتفع معدل الفقر، ووصفت المجلة الأميركية في تقريرها، عمّان، بأوصاف قاسية من قبيل اعتبارها "قمراً صناعياً" أميركياً، بخاصة بعد تنازل البلاد في الاتفاقية الدفاعية التي وقعت أخيراً، من دون علم الشعب، مع الولايات المتحدة، عن جزء كبير من سيادته على حد تعبير المجلة.
إصلاحات سياسية وتسويات
توقع مراقبون، من بينهم الكاتب فهد الخيطان، قيام الدولة بمشروع إصلاح واسع، وهيكلة لدور المؤسسات، تتولاه السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة، وتشرف عليه بشكل مباشر مؤسسة العرش، في محاولة لترميم سمعة الأردن التي تضررت كثيراً بعد "المؤامرة الأخيرة".
ووفقاً لهذا المشروع الإصلاحي، يتوقع أن يكون هناك انفتاح على كل القوى الفاعلة في البلاد دون استثناء أو إقصاء، لكن الحديث يدور أيضاً عن تسويات ستقوم بها الدولة على المستويات كافة، مع إجراء تعديل سريع على قانوني الأحزاب والانتخاب ومنح صلاحيات أكبر للحكومة مقابل تقليص دور المؤسسة الأمنية.
أمن الدولة تباشر التحقيق
وباشر المدعي العام بمحكمة أمن الدولة الأردنية، التحقيق في قضية ما عرف بالمخطط التآمري، الذي ارتبط بولي العهد الأسبق الأمير حمزة بن الحسين، و16 شخصاً آخرين.
وأعلن رئيس الحكومة بشر الخصاونة، أن مسألة الأمير حمزة ستحل ضمن إطار الأسرة الهاشمية، ما يعني استثناءه من إجراءات المحاكمة أمام القضاء.
ويتوقع مراقبون أن تصدر أحكام سجن مخففة ضد المتهمين لا تزيد على 10 سنوات وربما أقل، في محاولة لرفع الحرج عن السلطات التي استثنت الأمير حمزة من المحاكمة خلافاً للدستور، على الرغم من كونه مواطناً أردنياً.
وتحدثت التوقعات أيضاً عن منفذ دستوري لطي الملف نهائياً، والخروج من حال الضبابية وتعدد الروايات، عبر لجوء الملك الأردني عبدالله الثاني إلى قرار العفو الخاص عن المتهمين بعد محاكمتهم.
وكان الأردن أعلن في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الجاري، عن تحقيقات أولية أظهرت تورط الأمير حمزة مع "جهات خارجية" في "محاولات لزعزعة أمن البلاد" و"تجييش المواطنين ضد الدولة"، ولاحقاً، وقّع الأمير حمزة تعهداً خطياً بالوقوف خلف الملك والامتثال للأسرة الهاشمية الحاكمة، ثم ظهر بعدها بأيام برفقة الملك عبدالله الثاني، لأول مرة منذ بدء الأزمة، في احتفالية بذكرى مئوية تأسيس الدولة.
اتهامات لجاريد كوشنر
من جهة ثانية، اتهم رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، مستشار الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب جاريد كوشنر، ودولاً خارجية لم يسمها بالضلوع في المخطط التآمري ضد الأردن، وقال الفايز في تصريحات صحافية، إن العاهل الأردني يدفع ثمن مواقفه القومية، مثل موقفه من القضية الفلسطينية ورفضه لما سمي بـ"صفقة القرن"، وعدم خضوعه للخطة الأميركية تجاه الشرق الوسط في عهد ترمب، ما تسبب في حصار اقتصادي للأردن.
ولم يعلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وصهره جاريد كوشنر على الاتهامات التي وجهها رئيس مجلس الأعيان الأردني.
ورفض الفايز الكشف عن الدول الخارجية مضيفاً، "ننتظر نتائج التحقيقات، التي ستبين إن وجد تدخل خارجي"، ودلّل الفايز على اتهاماته، من خلال التقارير الصادرة من مؤسسات غربية، التي تشير إلى تدخلات من دول إقليمية، وأيضاً الإدارة الأميركية السابقة، وجاريد كوشنر، وأوضح أن العلاقة بين ترمب والملك الأردني لم تكن طبيعية، واصفاً الملك عبدالله الثاني بأنه كان مثل "شوكة" في حلق الإدارة الأميركية، وتابع، "هناك من حاول استغلال التحديات الاقتصادية للأردن بسبب كورونا وقبلها بسبب الربيع العربي".
طرق ديلواني